قصص
قصيرة ( 4 )
محمد
المنصور الشقحاء
1
- أصل الحكاية
جاء
الحديث غريبا فأنا من يتحدثون عنه كنادرة مما يقع في قصر الأمير، فعلا كنت من ضمن
طاقم الحراسات للشرطة العسكرية، وفي السابعة مساء توقفت سيارة أمام حاجز بوابة
الدخول
لا
أعرفها ولا أعرف قائدها وإذا به بلهجة أهل الشام ينعتني بالحمار ويطلب مني السماح
له بالدخول، توقفت أناقشه في لفظه فواصل إن خي الم . . . ينتظره، عندها فتحت باب
السيارة ولكمته على صدره ورفسته بقدمي ولما تخلص مني ركب سيارته ورجع من حيث أتى،
بعد ثلاثة أيام أفادني قائد الموقع إن الأمير طلبني فدخلت ناسيا الأمر وهناك كان
الرجل الذي ضربته يقف بجوار الأمير شعرت بالتوتر الذي لم يتقبل صراخ الأمير وصفعه
المتكرر على وجهي كنت أقف كما عامود من الأسمنت تدخل مرافقي وسحبني، ومع الفجر كنت
اركب سيارتي الخاصة مغادرا الرياض متجها إلى بلدتي في جبال عسير، نسيت الأمر وعملت
سائق سيارة أجرة ومشرف عمال في شركة تجارية يملكها احد أقاربي، وفي العام الثالث
كانت الشركة هي الراعي الرسمي لحفل ضمن نشاط مدينة أبها في الصيف وكان تكليفي
بقيادة سيارة احد الضيوف من الفندق لمقر الحفل وإعادته، وأنا انتظر في استقبال
الفندق دوري إذا بمرافقي الأمير الذي أهان كرامتي أمام الغريب ولم يحترم الزى
العسكري ترددت في التحرك إنما شعرت بالمسئولية فلم اهتم بغيضي وتوتري وتتبعت
التعليمات وسرت في الموكب، وفي العودة عرفت ان الأمير وهو يحدق في تذكر شيء كانت
هواجس لم تطفح على السطح إنما لمحته يهمس في إذن مرافقه الخاص والأمير يركز نظره
علي، في اليوم التالي كان علي إيصال الأمير للمطار قبل الموعد بساعة اتفقت مع
المشرف على البث الصوتي والصورة في غرف الفندق بث شريط فديو أحضرته يحمل مشهد عشر
دقائق يوثق حادثة بوابة قصر الأمير كان العامل البنغالي متردد فرشوته فغامر وبث
الشريط اعرف إن الأمير الآن يجلس في جناحه مع مرافقه الخاص لتناول فنجان القهوة والاستعداد
للسفر، تأخر نزوله وأنا استعدت الشريط والعامل البنغالي اختفى من غرفة البث شعرت إن
هناك حركة متصاعدة داخل الفندق، هبط الأمير ومرافقه ومعه بعض موظفي الفندق ورجال
الأمن حدق في شعرت أن ذاكرته تحسنت وفي الطريق للمطار ران الصمت، ولما ترجل
المرافق الخاص وقمت بفتح الباب.
قال
الأمير: هو أنت
قلت
: نعم
وناولت
المرافق مظروف بداخله نسخة من الشريط تناوله مندهشا، وقد هز الأمير رأسه موافقا
على استلامه، كانت الثامنة مساء وفي أخبار العاشرة ليلا عرفت إن الأمير وصل الرياض
وفي أخبار السابعة صباحا جاء خبر موت الأمير اثر نوبة قلبية
( صياغة اولى )
2 - الميت
فتح باب الشقة التي تسكنها في البناية المستأجرة من الشركة
التي تعمل بها، فوجدها نائمة في الفراش وبجوارها صديقها الجديد، وضع مسدسه المجهز
بكاتم الصوت على صدغها.&
3
- البقاء على مقربة
اجتزت
عامي الجامعي الثالث بتوافق معنوي ومادي، المعنوي شهادة تقدير من القسم الذي أنتمي
له، ودرع بسيط من جماعة النشاط الثقافي والرياضي بالكلية.
ومادي
حققه والدي في بداية الأسبوع الأول من إجازة الدراسة حيث أخذني إلى وكالة سيارات
في الطائف وقام بشراء سيارتي الأولى.
جاء
الصيف هذا العام حافلا بالنشاطات الاجتماعية والثقافية التي أسهمت في بعضها، وكان
حفل زواج أحد أقاربي مناسبة غير عادية، فقد جاء وأنا أستعد للعودة إلى الرياض
لترتيب انطلاق العام الدراسي الرابع.
كنت
أفكر بالسفر بالطائرة وحمل السيارة عبر وكالة نقل السيارات، غير أن تفكير أمي
بهاجس سفر فلانة عمة العريس المقيمة في الرياض عند أولادها، وفلانة شقيقة العروس
المقيمة في الرياض حرك في تجربة السفر برا.
توافق
الجميع على الفكرة وانطلقنا ثلاثتنا بعد غداء في منزل أهل العريس، في الرابعة عصرا
كنا نغادر الطائف الأرض والناس؛ في المقعد الأمامي بجواري فلانة الأولى عمة العريس
وفق حدس خاص، وفي المقعد الثاني وبالتعامد معي تجلس أخت العروس.
وبعد
خروجنا من الشوارع الموشحة بأسماء من الماضي وأشجار تين ذابلة وحدائق ورد بكماء والجبال
توشحها شمس الغروب الصفراء توقفت أزود سيارتي بالوقود ومعرفة حاجات مرافقتي من
السوائل والأطعمة، ولما عدت للسيارة اكتشفت تبادل الاثنتين أماكن الجلوس.
انتصفنا
الطريق والظلام يخيم، الإسفلت يتمدد أمامي وأنوار السيارات العابرة والقادمة من
الاتجاه الثاني يشاركانا الحديث المتقطع وعلامات القلق والإرهاق، لتطل أنوار مقهى
وموتيل مسافرين فكان ان حجزت غرفة لمرافقتي ورتبت إحضار عشاء وشاي.
أوصلت
مرافقتي للغرفة التي تفقدتها معهما وخرجت حتى تمارسا حاجاتهما بحرية، ولم ألاحظ وأنا
اجلس على أحد مقاعد المقهى أتلذذ بمج دخان سيجارتي وتجرع كوب الشاي؛ أن إحداهما تقف
في نافذة الغرفة ترصد حراكي.
جاء
عامل المطعم يخبرني ان العشاء الذي طلبته معد، أخذته إلى الغرفة، تباين ترحيب
مرافقتي كان ملتبسا فقد قرصهما الجوع، البنية الجسدية للاثنتين متقاربة، وقد ارتدت
احدهما فستاناً يبرز ثراء صدرها؛ والثانية ترتدي بنطلوناً داكن اللون وعلى الوجه
غطاء شفاف.
وأنا
أقف عند الباب لمعرفة حاجاتهما جاءت مطالبتهما ان أبقى لمشاركتهما العشاء، كنت
أجلس بين اثنتين تباين هاجسهما وتزداد رغباتهما وضوحا وتعلقاً مع قلق لم اهتم به،
ولحسن الحظ دائما ما تعطيني الأقدار تعليمات تكون قد تم تنفيذها بالفعل في أكوان أخرى.
لم
أجد السياج المعنوي الذي تشكل مع العباءة السوداء وغطاء الوجه القاتم طيلة الطريق،
لتحل ببساطة اليقظة والانتباه وهما في نظري يعنيان الأمن والاطمئنان، انتهينا من
العشاء وشرب الشاي وحديث متقطع لتقول فلانة التي لا أدري وهي تسأل عن مقدار أجرة
الغرفة وثمن العشاء إنني أمثل لها رغبات كامنة في جسدها اليبس الذي معه وقفت
الأخرى منصتة ومتقمصة التظاهر بالأخلاقيات، وفي أعماقنا أشجار مكر وشر؛ يقنن بمدى
فرادته.
ساد
الغرفة عتمة وزاد إشعاع الضوء القادم من فضاء اختلطت فيه ذرات الحياة، الأخرى تقف
في النافذة ترمق الأفق ثم غادرت الغرفة وأنا أتعارك مع من تسعى لامتصاص الحياة من
جسدي؛ جاء انتصارها ديمة هطلاء متجاوزا تجاربي العذراء ففجرت الساكن الذي قاومته بوعي
مجهول الهوية وبوجد ونكهة تكشفت فيها أنواع اللحظة.
كنت
أعرف أني مندفع، إنما كانت هناك لحظات يتوق فيها نفاذ الصبر لاعتياد الانفجار،
وبما أني معزول بسبب دراستي أملك صداقات معدودة تشاركني عادات كثيرة تنمي مواهبي
وطموحي العلمي، ومن هنا جاء تخرجي وطلب الجامعة أن أكون أحد أعضاء التدريس بحلم
الابتعاث واكتشاف الجديد.
وافق
والدي على تواصلي العلمي، وحتى تكسر أمي حاجز الخوف شاركتني عدة أسابيع من تشكلي
الجديد، وفي يوم عودتها طلبت مني وهي تتسوق أن أحقق رغبتها في زيارة قريبة انقطعت أخبارها
حتى تطمئن على صحتها.
كانت
الصديقة عمة قريبي فلانة الأرملة التي شاركتني الطريق ومن كانت بجسدها المعروق
لحظة انبثاق اكتمل عناصره، التقت كفانا ونظرنا المرتبك لتتحول ابتسامتنا الصغيرة إلى
ضحك صاخب توقفت معها أمي عن الكلام.
4
- الخلود
بينما أقوم بجمع مراجع البحث الذي أعده لنيل
درجة الماجستير، وقع بين يدي كتابا من إعداد باحثه في مجال مساند أعدته لمنسوبي
المركز العلمي الذي تعمل به، مما حداني إلى الاتصال بالمركز بحثا عن بعض مراجع
دراستي ولم يفدني الاتصال الهاتفي، فزرت المركز وبعد نقاش مع أمين عام المركز؛
عرفت إن الباحثة إحدى أعضاء هيئة التدريب فزودته برقم هاتفي وحاجتي لعلها تساعدني.
بعد
أيام جاء اتصالها وأمهلتني أسبوعا للبحث، وتجاوزنا أيام الأسبوع فاتصلت كانت مريضة
وترقد بالمستشفى، زرتها وشعرت إنها لم تتوقع ذلك؛ قدمت لها باقة ورد وانتظرت
تجاوزها الحالة المرضية.
كان
اللقاء الأول في صالة استقبال فندق الشرتون وبرفقتها آخر، لم أسعى لمعرفته وان
ذكرت اسمه، قدمت خطة العمل والمراجع والمصادر مؤشرا فيها على المتوفر وعرفت إنني
ابحث عن الباقي، تكرر لقاء الفندق حتى اكتملت مراجعي ومصادري؛ وأخذت اكتب بحثي أبدت
استعدادها للطباعة والمساهمة في المراجعة والتنسيق.
اندمجت
أفكارنا والتقت خواطرنا فقد كان البحث احد مصادر عملها، ومع تعدد اللقاءات عرفت أنها
من مؤسسي المركز، والآن تخطط للمرحلة القادمة في حياتها، بشرتها سمراء مائلة
للبياض وجسدها الرشيق يحمل بمكوناته طاقة تتجاوز الحدود، موفرا تقارب روحي خلق
شراكة تناص للعمل الممزوج بالحب؛ في حلبة غنية بمادة تشابكت أطرافها.
وفي
مساء يوم دعتني لزيارتها، فتحت الباب ووجدت أوراقي متناثرة فوق مكتبها، ولا ادري
لما وقفت خلف الكرسي الذي تجلس عليه متابعا نقاط ملاحظاتها على صفحات البحث في
الحاسب.
ولما
التفتت مواصلة النقاش كانت كفي تدلك كتفيها، تبسمت ومع سمارها وشعر رأسها المنساب
اكتشفت مشاعر اجتاحتني، ولطبيعتها الهادئة انحنيت وزرعت قبلة طويلة على شفتيها أغمضت
عينيها متجمدة ولما أحسست ببرودها توقفت، نهضت من مقعدها واختفت لما لحظت تأخرها
وجدتها تجلس على احد كراسي طاولة طعام صغيرة بالمطبخ.
قلت:
أسف
قالت:
كانت . . ( ولم تكمل )
جلست
على المقعد المقابل وران الصمت، لما وقفت عم المكان ظلام دامس تخلله عويل ريح
وهدير أمواج، ولما شع النور تنفح ما صنعه انفعال زلزل الأرض ومنه اهتزت السماء.
اكتمل
البحث وحصلت على الدرجة وافتقدتها في قاعة المناقشة، أسرعت إلى السكن كانت هناك أخرى
لم تستوعب كلامي واعتبرتني فاقدا للوعي، في الصباح كنت في المركز بارك الموظف
حصولي على الدرجة ولما طرحت اسمها اخذ يستفسر عن سبب بحثي عنها.
قلت: هي من ساعدني في تحقيق النتائج. . ! صمت
وفتح درج ملاصق لمكتبه.
قال:
هي من ساهم في تأسيس المركز لكن سافرت منذ عشر سنوات وكنا على تواصل حتى توفت قبل أربعة
أعوام.
قلت
( بصوت هامس وأنا أحدق في صورتها): . . كانت معي حتى اعتمد المشرف رسالتي
قال:
من
لم
أرد تركت نسخة من الرسالة وصورة من وثيقة الدرجة على المكتب وأخذت الصورة، غادرت
الغرفة وفي باحة المركز شعرت بنسمة تحمل عطرها، تلفت حولي لمحت آمين المركز يقف في
نافذة غرفته؛ ركبت سيارتي وآنا أترجل أمام باب المنزل لمحت على المقعد الخلفي
قنينة عطر ووردة صفراء مربوطة بشريط ازرق.&
12
/ 4 / 1434
5
- الرقص في الوقت الضائع
اشعر
بألم في أسفل بطني معه قمت بمراجعة المركز الطبي بالحي، وجاءت المعاينة الظاهرية
للطبيب غير شافية، فقام ابني البكر الذي التحق بالجيش بعد الثانوية بعمل ملف باسمي
في المستشفى العسكري وحدد موعدي الأول كانت الطبيبة كثيرة الحوار والنقاش وكان
ابني يقاطعني للإجابة على أسئلتها لأكمل ملفي الطبي.
وكان
الموعد الثاني والثالث وفي الرابع وقد أكملت فحوصات الدم للسكري وقياس الضغط وباقي
الكشف الكامل المفاجآت وهي تكتب العلاج كان الموعد الخامس لمعرفة اثر العلاج إذ
غادرت مقعدها وسارت معي حتى باب العيادة.
في
الموعد الخامس كنت انتظر دوري في غرفة الاستقبال وحيدا إذ كلف ابني من إدارته
بمهمة خارج مدينة الرياض تردد اسمي عبر نداء المرضى لدخول العيادات توجهت للعيادة
التي اعتدتها كانت الطبيبة وممرضتها الأسيوية قاست نبضي ونسبة السكر في دمي.
قالت
الطبيبة: كل شيء تم التحكم به
قلت:
الحمد لله
قالت
الطبيبة: لم يحضر ابنك
قلت:
أسامة كلف بمهمة عمل من إدارته خارج الرياض
قالت
الطبيبة: عندك غيره
قلت:
ثلاثة أبناء ذكور وابنة
قالت:
أسامه الأكبر
قلت:
نعم
قالت
الطبيبة: متزوج
قلت:
بعد وأفكر في ذلك
قالت
الطبيبة: موافق
أنهت
الممرضة تسجيل ملاحظاتها وقد ران الصمت منتظرا الوصفة الطبية للعلاج فتحت الطبيبة
درج مكتبها العلوي وأخرجت دفتر حجمه كبير كما خيل لي بين أوراقه أوراق أخرى ملونه
وضعته على المكتب.
قالت
الطبيبة: منذ موعدك الأول شعرت أني أعرفك
قلت:
نعم
قالت
الطبيبة: تأكدت من ذالك عندما هاتفت أختي المقيمة في أمريكا
قلت:
قد يكون
قالت
الطبيبة: لك أخت اسمها هاجر
قلت:
نعم رحمها الله
قالت
الطبيبة: هاجر زميلة أختي في الثانوية
قلت:
وبعد
قالت
الطبيبة: وقتها كنت أنت في الثانوية المهنية في قسم الكهرباء
قلت:
وهو عملي اليوم
قالت
الطبيبة: وبسبب هذا التخصص دخلت بيتنا
عندها
سرت رعشة وهم في جسدي معها تجاوزت جدران العيادة إلى زمن بعيد كنت الابن الثالث
بين الذكور والخامس في الأبناء والبنات ثلاثة أولاد وخمس بنات والدي موظف في قسم
مالي في إدارة حكومية تمكن من رعايتنا وتعثرت دراستي في الابتدائية والمتوسطة
فالتحقت بالثانوية الصناعية وأنا في الثامنة عشر.
أخي
الأكبر تخرج من الجامعة وعين معلما في جازان وتدرج حتى استقر به الأمر في جدة أختي
الثانية في الترتيب توقفت عند المتوسطة وتزوجت أنا وهاجر الرابعة في الترتيب كان
طموحنا تنمية مهاراتنا هي تهوى الخياطة والتفصيل فكانت درجاتها في التدبير المنزلي
الأعلى مما ساعدها على الالتحاق بالجامعة وأنا هوايتي في الكهرباء عطلت اهتمامي
بالمواد الأخرى، وكان تعثري الذي قاومته بمزيد من العسف وتبديل برنامجي اليومي بما
يعيد التوازن لخطواتي، فكان التحاقي بالثانوية المهنية ثم حصولي على دبلوم من قسم
الكهرباء في الكلية التقنية والعمل في المجال الحكومي.
في
الموعد السادس الذي تأخر بسبب ضغط المواعيد حرصت على ان أكون وحيدا وهذا جاء حسب
توقع الطبيبة التي لم تستعجل الممرضة في تدوين أرقامها وكتابة ملاحظاتها
قالت
الطبيبة: هاه هل تذكرت شيء
قلت:
انتظر المزيد منك
قالت
الطبيبة: والدي مهندس معماري ورئيس الإدارة الهندسية في إدارته التي لها مشاريع
خارج الرياض.
قلت:
المهندس بكر إبراهيم
قالت
الطبيبة: الشيخ بكر إبراهيم رجل الأعمال المعروف ورئيس مجلس إدارة احد البنوك
قلت:
نعم
قالت
الطبيبة: تمت محاربة والدي في قيمه وعمله مما اثر على علاقته بأمي التي وجدت فيك
البديل المناسب
قلت:
نعم
قالت
الطبيبة: أختي المراهقة كانت تتوسم فيك فتى أحلامها فأنت شقيق زميلتها المفضلة
قلت:
أنا
قالت
الطبيبة: إنما تبني أمي لك افسد خططها
قلـت:
وأنت
قالت
الطبيبة: كنت في الثامنة لا اثر لي
كان
دخولي المنزل أول مرة لحل إشكال في كهرباء جزء من الفيلا التي تسكنها العائلة
واستعنت بشركة لديها مهندسين للإصلاح الذي معه أصبحت الأم تستعين بي في حل مشاكل
الأدوات الكهربائية وأعطالها ولم استوعب إنني الرجل الوحيد الذي سمحت له بدخول
غرفة نومها ثم تطور الأمر مع غياب المهندس في رحلات عمل وحماية حقوقه المعنوية
والمالية التي شغلته عن دوره الأسري فخلق تباعد ذهني وجسدي وجدته الأم التي تعاني
من توتر نفسي وقلق جسدي تعالجه بأدوية مسكنه، انه إهمال لها وأنها لم تعد المؤثرة
داخل المنزل فأخذتها هواجسها إلى عوالم أخرى وصورني مرجل هوسها أني هلام في إطار
التكوين وعليها تشكيلي كما أوجدني عالمها المشوش.
ذات
مساء وقد غربت الشمس رن هاتف المنزل كنت الأقرب رفعت السماعة كانت هي تطلب حضوري مشترطه
ان اركب سيارة أجره لم استوعب طلبها إنما نفذته لم يكن هناك احد هي من فتح الباب
تغطي جسدها عباءتها السوداء وانسكب شعرها أغلقت الباب العتمة تعم الممرات والضوء
القادم من الشارع يتسلل، أدخلتني غرفة النوم وأمرتني بخلع ثوبي تمددت بسروالي
القصير عاري الصدر مررت كفها على صدري وبطني اخذ الرعب يلبسني والعرق ينز من مسامي
أخذتني الحالة إلى غرفة العمليات أنا المريض وهي بحركتها تمثل الطبيب الجراح الذي
بلمسه يحدد مكان شق الجرح، شعرت بحرارة جسدها وتدفق رغبتها ولما اقتحمت أعماقها
كانت ترتعش وهجا وحياة، توقف كل هذا مع رنين جرس الباب.
كنت
حينها في الثالث ثانوي وعمري عشرين عاما لم أتجاوز الأفكار النظرية عن المرأة
وأحلام ليلية تربك حراكي داخل المنزل، وبعد شهرين من التجربة الأولى رتبت للقاء أخر
أصبحنا فيه نمارس عبثنا بعد مغرب الأربعاء في الأسبوع الأخير من كل شهر احضر
بسيارة أجرة ولا يتجاوز اللقاء نصف ساعة ينتهي برنين جرس الباب قبل أذان العشاء حيث
تكون الأسرة في لقاء شهري يتناوب ثلثه من الأسر ترتيبه.
وخلال
هذه اللحظات المستقطعة نميت ثقافتي العاطفية بمطالعة المجلات الفنية والثقافية
واقتناء الروايات والقصص العاطفية معها كنت احدث تصرفي في كل لقاء بما كسبته من
اطلاعي ومعها شعرت أنها تتحسن نفسيا وجسديا، لكن أمور المهندس زادت سوءا فقرر وهو
يعد لزواج ابنته فريدة المتخرجة من الثانوية زميلة أختي اخذ إجازة من العمل ومغادرة
البلاد وكنت في المستوى الثاني في الكلية التقنية.
كان
حفل الزواج حديث والدتي وأختي التي أعلنت ان زميلتها سوف تسافر مع زوجها الذي يدرس
في أمريكا وان موافقتها جاءت عن رغبة في إكمال دراستها في مكان أخر تجد فيه نفسها
ليس من خلال إقناع أمها لها، أو قناعتها بأن المتقدم لطلب يدها هو من تتمنى أو
يتفق مع مواصفاتها التي كل يوم تتجدد أثناء نقاش الصديقات في فسح الحصص الدراسية
اليومية وخلوات دورات المياه في التلصص على المدخنات من الزميلات وإرعابهم
بالوشاية.
ونحن
نتحدث أمي وأخواتي وإخوتي والتلفزيون يعرض برنامج عن الطبيعة بعد صلات المغرب رن
جرس الهاتف ولما رفعت السماعة جاء صوتها كانت فريدة العروس زميلة هاجر تطلب حضوري
وبسيارة أجرة لمنزل أسرتها في الطريق اعرف ان الجميع مسافرين منذ ثلاثة أيام وإنها
سوف تسافر بعد يومين، تذكرت ان هذه الشروط اعتدتها مع أمها وحلق تساؤل هل كانت
تعرف.
فتحت
الباب كانت تتدرع بعباءتها وشعرها القصير يلفه شال احمر شفاف يفتر وجهها عن ابتسامة
صغيرة جلسنا متقابلين في غرفة الجلوس.
قالت:
كنت حلمي
قلت:
لم اعرف
قالت:
أمي خطفتك مني
قلت:
نصيب
قالت:
لم أجد في زوجي ما وجدته أمي فيك
قلت:
هي من أشعل الجذوة
قالت:
الآن سوف أستعيدها
لم
تمهلني كان فراش أمها حوض سباحتنا وسياحتنا مع إعلان ثورتنا ورصد شيء لم نتمكن من
فهم حالته، كان فوق تخيلاتي وتصوري أني أتفرد بموهبة تتجاوز الوصف ولما رن جرس
الباب
قالت:
الآن عرفت لما لم أجد اللذة في أليالي الثلاث السابقة
قلت:
والآن
قالت:
وجدتها
تركت
لي ثلاثة مفاتيح وهي تغادر الغرفة في باب الغرفة المشرع، مفتاح الغرفة ومفتاح مدخل
الفيلا ومفتاح باب الحوش وطلبتني ان انتظر حتى تغادر وقد سحبت خلفها حقيبة انتصبت
في زاوية الغرفة دست بها أشياء أخذتها من غرفتها تمهلت ودخلت الحمام انسكب الماء
على جسدي وتعطرت من قنينات عطر متناثرة في الحمام وغرفة النوم أغلقت الأبواب.
قالت
الطبيبة: هل تخلصت من المفاتيح كما قالت لك فريدة
قلت:
ترددت ولكن بعد تخرجي والتحاقي بالعمل نفذت طلبها
تذكرت
اسم الطبيبة كان فاطمة وكانت في الثامنة من العمر في أول مقابلة والعلاقة التي استمرت
أربع سنوات كانت في الثالثة والرابعة أكثر حميمية ووجد أختي هاجر تخرجت من الجامعة
وتعسرت ولادتها ونزفت دمها حتى لفظت أنفاسها ومولودها الأول يصرخ معلنا وجوده.
بعد
عامي الثاني في العمل تزوجت وبعد ثلاثة أولاد وبنت ومع تقسم إخوتها التركة بعد
وفاة والدها وخلافهم مع إخوتهم من أبيهم كان زواجي من أختهم محور نقاش أنا عامل
كهربائي وهم من عائلة معروفة وأمام هذه الإشكالات غادرت زوجتي الدار وطلقتها بعد عدد من جلسات المحكمة فشل فيها أهل الخير
في التوسط، لتفاوت في القيم الاجتماعية معها تنازل إخوتي عن منزل الأسرة بنسب في
نصيبهم من الإرث فأعدت ترميمه ليستوعب أولادي وتعود أمي المقيمة عند أخي الأكبر في
جده لرعايتي ورعاية أبنائي.
عرفت
ان فوزية أم احمد لم تنجب سوى فريدة وفاطمة وإنها ماتت منتحرة في بيروت إذ استقر
المقام بالمهندس وقد مدد إجازته الإدارية ثم قدم استقالته وكون مع مجموعة من رجال الأعمال
في بيروت شركة أعمال كان وسيط دخولهم السوق السعودية، فوزية في غمرة انشغالها
بمجتمعها الجديد عادت حالتها النفسية للتوتر ومشاكل جسدها فأدمنت شرب الخمر لم
يستطع المهندس التوفيق بين حالتها ودوره كرجل أعمال فأدخل فاطمة مدرسة داخلية حصلت
عبرها على الثانوية والتحقت بكلية الطب في الجامعة ألأمريكية.
كانت
فوزية تقاوم مراقبة الممرضة التي ترافقها وأخرى تساعدها على حياتها كسكرتيرة لها
وفي غفلة من الاثنتين دخلت غرفتها وأخرجت من الثلاجة قنينة خمر وتمددت في مغطس
الحمام وبعد عدت جرعات من فم القنينة قطعت شرايينها فتدفق دمها ولفظت أنفاسها،
فاطمة
تخرجت طبيبة وعملت في المستشفى الجامعي ببيروت عامين معها وأثناء قيام لجنة طبية تابعة
لشركة تشغل المستشفى العسكري بالرياض بزيارة بيروت للتعاقد مع كادر طبي وفني وإداري
جرى التعاقد معها فعادت للرياض وبعدها انتقل والدها للرياض لاحقا بها.
فاطمة
في الثلاثين من العمر تجاوزت عقد الحياة ولم تقرر كيف تعيد صياغة حياتها وان لم
تفقد الكثير من أجواء بيروت إذ خمسين في المائة من العاملين معها هم رفاق درب
وحياة كما ان الوسط الاجتماعي داخل المستشفى لم يصدمها وحراك المجتمع في الرياض
خلق حياديتها الذي وفر لها الاطمئنان النفسي والجسدي.
وفي
مراجعة لم يرتب لها كنت اجلس أمامها تقلب ملفي الطبي، ثم تحدق في مبتسمة عرفت إنها
تخطط لشيء
قالت
الطبيبة: الفاء الثالثة تبحث عن نصيبها فيك
قلت:
لم افهم
قالت
الطبيبة: فوزية الفاء الأولى اكتشفتك وفريدة الفاء الثانية راقبتك حتى أخذت حقها
وبقيت الفاء الثالثة المحايدة التي لم تدرك حينها الأمور فماذا تبقى
قلت:
أنتي
قالت
الطبيبة: نعم
جاء
ترتيبها متمهلا وفي هدوء ضمنا جناح في فندق بنجومه الخمسة كانت العباءة السوداء
تنسكب على جسدها لم تحدد الزمن إذ إننا نحن من نتحكم به أنا في الخمسين من العمر أتمتع
بمقدرة غير مرئية في تلطيف المكان وهي بنضجها وعلمها وتمتعها بمواصفات جسدية وحسية
تشاركني ذاكرة لم نفتحها لتدلق كل شيء.
في
الصباح والغرفة تعبق برائحتنا وأنفاسنا مررت كفي على جسدها تنبهت فالتصقت بي
قالت:
لم اصدق انك النور الذي اقتحم وجودنا
قلت:
انتم من أوجده
قالت:
كانت فريدة صادقة
قلت:
فيما ذا
قالت:
انك من خلقت سعادتها التي تعيشها اليوم مع زوجها وأبناؤها
قلت:
هل هي سعيدة في أمريكا
قالت:
وتغريني بأن التحق بها
أخبرتها
برغبتي في بقاؤها في الرياض لم ترد علي وان رتبت لزواج ابني أسامة من ابنة احد أقارب
والدها ولأجدها وأنا اجتاز ممرات المستشفى برفقة رجل يضج حياة
قالت
الطبيبة: زوجي بدر
قلت:
نعم
قالت
الطبيبة: بدر ولد خالتي ومدير مكتب الوالد في إدارة البنك، جاء لأخذي لتناول
الغداء في أحد المطاعم
حدقت
بها كانت السعادة تطوقها والحياة تعج في ممرات المستشفى أصر بدر على دعوتي
لمشاركتهم الغداء؛ ترددت وجاء تصريحها بأني موافق .
26
/ 7 / 1431
6
- الريح
سأطير
كقبره واختفي فوق السحاب، ورفعت رأسها شكت متنهدة كنت الأسعد حالا؛ إنما تدحرجت مع
التيار السريع في طريق لم أتوقعه بغير رجعة، بسببك خسرت رجلي وفقدت صديقتي، كانت
الريح تهب بشدة واغرورقن عيناها بالدمع.&
9
/ 11 / 1432