ساره
قصة قصيرة
محمد المنصور الشقحاء
لم تشاركني ابنتي ساره في والدها ولم
تتفق مشاعرنا ونحن نعلن الحزن لما مات في إحدى رحلاته خارج الوطن.
تشاركنا في السائق الأجنبي الذي يوصلها
للجامعة ولما اتسوق فجر عواطفها وبقيت تلك التي يسألها الأصدقاء عن سر نضارتها.
الأشياء المشتركة بيننا نادرة وقليلة
حتى لما تخرجت من الجامعة فضلت وظيفة في شركة لها مكاتب في مدن أخرى تتيح لها
السفر.
افتقدتها في حفل زواج أحد اقارب والدها
شاركنا في استقبال المدعوين كان هاتفها النقال مغلق ولما عدت للمنزل وجدتها راقده
في غرفتها.
دخلت غرفتي بدلت ملابسي ونمت وفي
العاشرة صباحا وانا أتناول الإفطار الذي أعدته عاملة المنزل وجدت رسالة في جوالي
تقول إنها سوف تتغدى خارج المنزل.
وانا استعد للذهاب للعمل رن جرس الباب لما
فتحته كان زميل عمل اثار قلقي بتدخله في شؤون العمل كمساعد ومرشد كثيرا ويبحث عن
لحظة لبث مشاعره
دخل مغلقا الباب طوقني بذراعيه وقبل
شفتي.
اشعل سيجارته التي رطبها بلسانه وتصاعد دخانها فوق راسي ورائحتها تتسلل
عبر فتحات انفي الى داخلي وانفاسه تستثير سكوني وهو يتحسس رقبتي بشفتيه لأجدنا في السرير
وقد طوقنا الصمت زرع ابتسامة صغيره على وجهه لما وقف وانحنى أخذ كفي وقبله وغادر
الغرفة لأسمع الباب الخارجي يصفق.
تناولت الغداء وحيدة وجلست أمام
التلفزيون وانا استمع لأغنية أحد المطربين اخذت استعرض الواتساب في جهاز الجوال
لأجد صوره سلفي لنا ونحن متمددين بالفراش لا أعرف متى التقطها.
لم يرد على اتصالاتي ومع أذان المغرب
اتصل معتذرا ويدعوني للعشاء في أحد المطاعم.
تذكرت ساره واتصلت بها كانت في الطريق
مع بعض رفاق الغداء لتطمئنني أنها امضت يومها على أفضل حال ولما وصلت عرضت عليها
الصورة فلم تقل شيء وبعد لحظات سألت عن اسمه لما قلته أخذت تضحك.
كان يساعد الموظفات في المكتب ويلاحق السيدات
في الأسواق والجميع يرونه ببوهيمية طيب يعيش لحظته قابلته في منزل احدى زميلاتها
في مناسبة خاصه ولتريني صورتها وهي في حضنه وقد انحسر فستانها عن بعض اجزاء جسدها
واخرى غابت معالم وجهها تضع يدها على رأسها في لحظة هرج مريبة.
لما وصلت لمكان العشاء وجدته يتحدث مع اخرى شاركتنا العشاء ووافقت على
شرب الشاي في منزله جاءت العاملة المنزلية السوداء بإبريق الشاي في عربته المتحركة
واختفت والتلفزيون يبث حفل غنائي.
استنهضت احدى فقراته الأخرى
فقامت ترقص ولحقها اخذ الأثنان يتفننان في الرقص الفردي والملتحم وقمت بتصوير الحالة
الطربية وقد التصق خدي الاثنان وتشابكت الأيدي ليلتصق الجسدين وانهار على مقعده
ولتنحني عليه في قبلة التصقت فيها الشفاه طويلا.
رن جرس جوالها وبعد مكالمة قصيرة قررت المغادرة واستأذنت انا مغادرة
فطلب مني ايصال رفيقته لمنزلها الذي جاء في احد شوارع الحي الذي اسكن؛ لم نتبادل
الحديث ولما همت بفتح باب السيارة كتبت رقم هاتفها في كفي وترجلت ملوحة بيديها.
شعرت انه يتوافق مع افكاري وغرائبية تصرفه الطبيعي تجذبني فكنت اختلس
الوقت الذي استمع لحديثه واقبل مساعدته حتى لو لم اكن بحاجة لها ونتجول في الأسواق
الشعبية ونشعر بالمرح وهناك من يتلمس اجسادنا في الأماكن المزدحمة ولتأتي سارة بعد
شهر لتشاركني فيه ولأجد لوحة رسمها لها وهي تجلس امامه عارية كموديل في مرسمه حتى
يرسم وجهي.
ومع توجسي ان تورطني مشاعر حرية جديده فيها كنت سعيدة غاية السعادة
ومختالة باني الاثيرة في حياته ونحن بجموح نعيش احاسيس لا نفكر في تفاصيلها كنت امرأة
ناضجه بعواطف خاصة ابذل بمودة في غابة الصداقة المجردة لتعيدني سارة لواقعي بأنها
وافقت على خطوبة مديرها بالشركة وسوف تتصل بعمها لمعرفة الوقت المناسب حتى يتعرف
عليه.
انشغلت بترتيب حفل خطوبة وكتب عقد زواج ساره التي ستسافر بعد عشاء
المناسبة في جوله مع زوجها بحثا عن منزلها الجديد وبعد اسبوع لقاءات كان العم معنا
همس في اذن سارة انه يرغب في زوجه ثالثة وفق طلباتي التي منها ان ابقى في منزلي
ويكون لي يوم واحد في الأسبوع وان لا يحرص على الخلفة فله من زوجته الأولى اربعة
ابناء وبنتين ومن الثانية ابن واحد.
جاء عقد زواجي بعم سارة صباح يوم عشاء حفل زواجها وترتيب نومها وزوجها
في فندق رتب برنامج سفرها وزوجها متكفلا بنقلهم للمطار حيث تم الحجز لهم في فنادق
الشركة المنتشرة في العالم في طريقهم الى امريكا وليشاركني زوجي الفراش وافطار العاشرة
صباحا وليستأذن التأخر في العودة بعد خروجه لصلاة الظهر بالمسجد ساعتين يتفقد
اعمال مكتب شركته والعودة لأخذي لتناول الغداء في مطعم احد الفنادق عربونا
لعلاقتنا الجديدة.
سارة وفي الحديث عبر الهاتف بعد أيام
ثلاثة من الوصول إلى نيويورك قالت وأثناء جلوسنا أنا وزوجي في مطعم دخلناه بعد أن
انهكنا التجول لتناول العشاء والعودة لغرفتنا بالفندق شممت رائحته التي هي رائحتك كان يقف خلف مقعدي التفت انبثقت الملامح المخزنة
في ذاكرتي كان والدي الغائب منذ عشر سنوات طوقني بذراعيه وأخذ يقبل جبيني بينما
زوجي يقف صامتا متأملا سقف المكان.
جلس بالكرسي الفارغ حول الطاولة احتضن
كفي وهو يردد ( أجلي الأسئلة ) ويتحدث مع زوجي كمن يعرفه من زمن طويل عرفت إنه
متزوج وعنده ولدين وبنت وغيابه مبرمج لدواع خاصة معها هاجر إلى أمريكا باسم ولقب
جديد زوجي اعترف إنه لا يعرف ابي الذي تربطه قرابة اسرية بوالده وشراكة تجارية
طويله.
ومن هنا جاءت الموافقة السريعة من عمي عليه كزوج
وتنازل امي عن حريتها بالزواج من شقيق الزوج الذي طلقني حفاظا على حياتي انا
وابنته .
شيء في أطل برأسه ليشعل عود الكبريت في
جسدي وقلة من الاصدقاء يرتبون حفل توديعي العزوبية افتقدت الزميل البوهيمي ولم أجد
لأسئلتي اجابه حتى بعد اكتشاف غيابه منذ شهر عن العمل عندما انتظرت مساعدته في حل
موضوع ملف قبع على مكتبي طويلا ينتظر رأي لغلقه.
ليرن جرس هاتفي كان المتحدث من دائرة الشرطة
يسأل عن البوهيمي ويطلب مقابلتي سألت مدير الإدارة عنه قال صدر قرار طي قيده
الوظيفي منذ ايام بعد عشرين يوم غياب متواصل ولم يراجع أحد للسؤال عنه أو استلام
حقوقه والشرطة تحقق في اختفائه.
لأعرف إنه تعرض لوعكة صحية فرضت عليه
مراجعة مركز طبي نقله بالإسعاف لمستشفى الشميسي وبعد ثلاثة أيام توفى وهناك من جاء
وأخذ اثاثه ومقتنياته واحرق مرسمه
وترك المنزل الذي لم يفتح بابه منذ
موته.
زوجي الذي كان يسعى لسعادتي وجفاف
مشاعره واخبار سارة ووالدها وموافقة زوجها على عودتها لمقاعد الدراسة في الجامعة
التي يدرس فيها على حسابه شغلت ذهني
فأخذت ارتب حياتي بما يتوافق مع
الحالة.
وقد عاد السائق الأجنبي الذي تعاملت
معه بخصوصية تامه ومشاعر كانت تنتظر من اتحاور معه حينها للعمل بالرياض ومشتاق
لمعرفة اخباري فحققت رغبته لكشف ما لديه فجاءت ساعة اللقاء طبيعية وإنسانية لا
تغلق باب الاتصال به للحظة مرح سريه.
تلفت حولي وأنا اجلس خلف مكتبي متفحصة
وجوه جديدة تجلس خلف المكاتب في ادارتي ولينزعني من التأمل صوت أعرفه يدعوني
لفنجان قهوة في مقهى كفي بمركز تجاري يطل على طريق القصيم.
ليجتاز السوق والمقهى وفي مجمع استراحة
مسافرين خارج مدينة الرياض توقف لنتناول الفنجان في غرفة يستأجرها المسافر بحثا عن
خلوة مع النفس معها حلقنا بعيدا استرجعت معها شريط حياتي ولأجد ونحن نركب السيارة
عائدين زوجي يقف أمام مضخة البنزين يحاسب العامل لم أشعر بالقلق لحظتها ولكن
ازعجني وجود سيارته أمام باب المنزل التي كانت تقف مكان سيارتي وشعرت ان المنزل
غريب.&
2 يونيو 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق