الأحد، 5 أبريل 2020

عالم الشقحاء القصصي





عالم الشقحاء القصصي 

مجلة الموقف الأدبي – العدد 277 أيار 1994
مجلة أدبية شهرية يصدرها اتحاد الكتاب العرب بدمشق / ونشر ايضا بمجلة الحرس الوطني ج1 العد 144 صفر 1410 يوليو 1994 ج2 العدد 145 ربيع اول 1410 اغسطس 1994

الهدف من هذه الدراسة تحليل العالم القصصي للقاص السعودي محمد المنصور الشقحاء. ويبدو هذا الهدف بسيطاً أول وهلة، لكن قارئ الدراسات الأدبية والنقدية التي عالجت فن القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية يكتشف أن هاجس الاحاطة – وهو هاجس مشروع في أي حركة نقدية – حجب عن الدراسين والنقاد سير العوالم القصصية للقاصين السعوديين، وجعلهم يطلقون أحكام القيمة على القاص إنطلاقاً من عدد محدود من قصصه، أو استناداً إلى مجموعة دون أخرى من مجموعاته القصصية، وذلك أمر يضعف هذه الأحكام، ويقلل من مصداقيتها، لأنها لم تستقرئ النصوص كلها، ولم تتصف بشمولية الأحكام المعيارية. ويخيل إلى المرء أن انصراف النقاد إلى تحليل العوالم القصصية للقاصين السعوديين كفيل بترميم الثغرة النقدية التي تركها هاجس الاحاطة مفتوحة. وقد انطلق المرء من هذا الأمر حين اختار قصص محمد المنصور الشقحاء ميداناً لتحليل العالم القصصي. ذلك أن هذا القاص مجتهد، لكن الدراسات التي تحدثت عن قصصه قليلة جداً. ولا عيب في هذه الدراسات غير أنها لم تحط بعالمه القصصي، وأكتفت ببعض نصوصه دون بعض، وليس ذلك اهمالاً له، أو تقليلاً من أهميته في حركة القصة السعودية، لأن التناول الجزئي لم يشمله وحده، وإنما كان عاماً شاملاً القاصين السعوديين لكهم، وما من شك في أن حركة نقد القصة السعودية ستضطر عاجلاً أو آجلاً إلى تعديل اتجاهها من العام إلى الخاص، ومن الامتداد الأفقي إلى التحليل العمودي ... ولعلها تتمكن من تخفيف حدة المناهج الوصفية التي استخدمتها، بغية الانصراف إلى المعيارية التي تشكل جوهر النقد الأدبي.
وإذا كان الحديث السابق مسوغاً عاماً لاختيار عالم الشقحاء القصصي هدفاً للدراسة، فإن هناك مسوغاً خاصاً لهذا الاختيار يكمن في طبيعة الاتجاه القصصي السائد في القصة السعودية القصيرة. ذلك أن الدراسات النقدية عالجت النصوص القصصية السعودية من جوانب عدة كالمدارس الأدبية "الواقعية والرومانسية خاصة" والمضامين والأشكال الفنية والمقارنة بالقصة العربية .. إلا أنها أغفلت أمراً يراه المرء مهماً، هو الوحدة التي لا تنفصم بين مضامين القصص وأشكالها الفنية. ذلك أن السؤال النقدي الأساسي هو ما علاقة مضمون القصة بشكلها الفني؟ هل هما بناء واحد أو أنهما بناءان؟. وعلى الرغم من أن الفصل الحاد بين المضامين والأشكال الفنية له مسوغاته في النقد الأدبي، إلا أن ذلك لا يعطي الدراسات من تلمس الأبنية الفنية التي توحد المضامين والأشكال، وتوضح العلاقة بينهما. ويعتقد المرء أن تحليل العالم القصصي يخدم هذا الهدف لأنه يساعد الناقد على تحليل الأشكال الفنية التي اختارها القاص. ويمكن القول – على سبيل التخصيص – أن الدراسات النقدية أفصحت عن أن القصة السعودية القصيرة تنتمي إلى الحداثة، وتغذي هذا الاتجاه في المملكة العربية السعودية. لكن هذه الدراسات لم تجب عن السؤال الخاص بالعلاقة بين مدى الحداثة، المضمون والشكل.
       ولعل تحليل العالم القصصي للشقحاء يقدم إجابة عن هذا السؤال تصدق في حدود القصص التي كتبها محمد المنصور الشقحاء، وتصلح لاختبار مصداقيتها في أثناء تحليل العالم القصصي للقاصين الآخرين.

       ومن نافلة القول في هذه الدراسة التذكير بإحدى البديهيات النقدية وهي تحليل العالم القصصي لا يعني المطابقة بين المبدع والإبداع على الرغم من العلاقة الوثيقة بينهما، ذلك أن تحليل العالم القصصي يلتفت إلى القصد الفني للنصوص، ولا يسعى إلى القول أن دلالة هذه النصوص هي صفات الكاتب المبدع لها، فبين الاثنين مسافة تجاوزها المنهج الاجتماعي لكنه لم يكن مصيباً دائماً في هذا التجاوز، لأن القاص المبدع يعبر عن رؤيته الواقع، ولا يطرح ترجمة ذاتية لحياته، فالأدب ليس سيرة المبدع، وإنما هو رؤية هذا المبدع ما يعتمل في الواقع الموضوعي للحياة.
       وتتجلى قدرته الفنية في التعبير عن جوهر هذه الحياة، والقبض على آلية حركتها. وقد آثارنا توضيح هذه البديهة النقدية لئلا يظن القارئ أننا نتحدث عن محمد المنصور الشقحاء، ومن ثم يطابق بين القاص وقصصه وكان هذه القصص سيرة ذاتية لصاحبها .. وهذا غير صحيح لأننا نؤثر المحافظة على المسافة بين المبدع الإبداع، وننطلق من أن "الضمير" المستعمل في القصص ضمير فني وليس ترميز يقصد به الشقحاء نفسه.
       للقاص محمد المنصور الشقحاء سبع مجموعات قصصية، هي:
1)   البحث عن ابتسامة: 1396هـ - 1977م.
2)   حكاية حب ساذجة: 1399هـ - 1980م.
3)   مساء يوم في آذار: 1401هـ - 1981م.
4)   انتظار الرحلة الملغاة: 1403هـ - 1983م.
5)   الزهور الصفراء: 1404هـ - 1984م.
6)   قالت إنها قادمة: 1407هـ - 1987م.
7)   الغريب: 1408هـ - 1988م.
       تضم هذه المجموعات السبع ثماني ومائة قصة. وهذا العدد الكبير من القصص مسوغ مادي ملموس، هو ميل محمد المنصور الشقحاء إلى كتابة النصوص القصصية القصيرة، وعزوفه عن الاهتمام بالنصوص الطويلة. وهذا اختيار شخصي صرف، ليس له دلالة سلبية أو ايجابية لكن اختيار المرء وافد عقله كما يقول ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد.. ومن ثم يمكن تفسير الاهتمام بالنصوص القصيرة على أنه اهتمام بالتركيز والتكثيف وبعد عن التفصيل والشرح.

       وهذا الاهتمام بالتركيز والتكثيف سمة عامة من سمات الحداثة في الفن القصصي.. بل إنه مبدأ بنائي مهم من مبادئ القصة القصيرة الحديثة. وما دامت هذه القصة لا تعالج موضوعاً واحداً متطوراً بفعالية وتناسب ضمن الحدود الموضوعة، فإن عنصر التركيز يلزم أن يكون مقوماً من مقوماتها الرئيسية"(1).
       ويكاد عنصر التكثيف يضارع مبدأ الوحدة: وحدة الحدث والانطباع، ويعد دليلاً على رغبتها في إحداث أثر واحد. والواضح – من الشكل البنائي العام – أن قصص الشقحاء ميالة إلى أن يقرأها القارئ بسرعة، أو هي ترغب في أن تقرأ بسرعة لتتمكن من التأثير في قارئها. ولا تشذ عن هذا الحكم أية قصة من قصصه السبع.

       وحين يتجاوز المرء الدلالة الخارجية، وينعم النظر في القصص من داخلها يكتشف أن المنظور النفسي هو السائد فيها، وقد قسم أوسنبسكي هذا المنظور قسمين. يقول في ذلك "عندما يصوغ الكاتب بناءه القصصي يختار بين طريقتين فهو يستطيع أن يبني أحداثه وشخصياته من منظور ذاتي من خلال وعي شخص ما (أو عدة أشخاص)، أو أن يعرض الأحداث والشخصيات من منظور موضوعي، أو – بمعنى آخر – يستطيع أن يستخدم معطيات إدراك وعي (أو أكثر)، أو يستطيع أن يستخدم الوقائع كما هي معروفة له هو. وقد يذهب إلى استخدام الطريقتين في توافق أو توال (2) وهذا يعني أن المنظور النفسي جزء من بناء القصة، بل أنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بصوغها الفني، مما يقودنا إلى أن هناك ارتباطاً بين العالم القصصي والمنظور الفنسي الذي استعمله الشقحاء في تقديم شخصيات هذا العام وحوداثه. على أن اوسبنسكي يقسم المنظور النفسي – كما هو واضح من المقبوس السابق – قسمين : المنظور الذاتي الذي يسمح للقاص بعرض حوادث قصصه بواساطة إدراك الشخصيات، والمنظور الموضوعي الذي يعرض الحوادث والشخصيات من منظور الراوي. والواضح من قراءة الأولى لقصص الشقحاء أن هناك استعمالاً للمنظورين الذاتي والموضوع. أما الموضوعي فيتجلى في أن يتم السرد بواسطة ضمير الغائب "الضمير الثالث" ... وأما الذاتي فيتجلى في أن تستخدم الشخصية في القصة ضمير المتكلم. ولا شك في أن المنظور النفسي الذي يتيمن على المنظورين الذاتي والموضوعي يعنى أن الحوادث القصصية التي عني الشقحاء بها هي الحوادث الداخلية النفسية، وأن الشخصيات التي تضمها قصصه تعمل بوحي من دخيلتها، وتكاد تقتصر عليها وترى العالم الخارجي انطلاقاً منها.



       وثمة ارتباط واضح بين الدلالتين الخارجية والداخلية "النفسية". إذ إن النفس الانسانية في قصص الشقحاء تمر بالحركة والاضطراب في مواجهة واقع ساكن رتيب، ومن ثم تكفيها دفقة تعبر بوساطتها عن قلقها. وقد تجلت هذه الدفقة في قصر النصوص وابتعادها عن الاطالة، وتفصيلات الانشاء الزائدة. ولعل هذه الدفقة مصدر التعاضد بين فن القصة القصيرة الحديثة وفن الشعر الحديث. وربما علل ذلك استعارة الأدوات الفنية وتبادلها وإن كان خط الاستعارة ميال إلى السير من الشعر إلى القصة. وللارتباط بين الدلالتين الخارجية والداخلية تأثير في المنهج النقدي الصالح لتحليل عالم الشقحاء القصصي. إذ أن المرء، حين يتتبع المنهج التاريخي في الحديث عن المجموعات السبع، يكتشف أن هذا المنهج لا يصلح لها. ذلك أن ترتيب المجموعات بحسب تاريخ صدورها، وقراءتها على هذا الأساس بغية معرفة التغييرات المضمونية والفنية التي طرأت عليها، لا يقدم أية فائدة للناقد والقارئ على حد سواء. ذلك أنهما سيكتشفان بسهولة أن آخر مجموعات الشقحاء "الغريب" مثل أولها "البحث عن ابتسامة" في الدوران حول موضوع واحد، وسيخيل إليهما – في أثناء تفسير هذا الأمر الذي لم يعهد في القصة القصيرة – أن المجموعات السبع كتبت في زمن واحد وإن نشرت في أحد عشر عاماً. بل أن المرء، إذا اتبع المنهج التاريخي، سيفاجأ أول وهلة بالعالم القصصي للمجموعة الأولى "البحث عن ابتسامة"، وسيلاحظ أن هذا العالم يتسم بالانفتاح على قضية فلسطين. إذ ضمنت هذه المجموعة قصتين عن القضية الفلسطينية هما: "المنحوسة وتذكرة سفر إلى القدس"، "أوراق من مذكرات فتاة فلسطينية". إلا أن هذا الانفتاح عرضي وليس جوهرياً في عالم الشقحاء القصصي. إذا أنه لم يكرر في قصصه الأخرى أي حدث عن القضية الفلسطينية، أو عن أية قضية أخرى ذات مساس بالأمة العربية وإنما راح ينكفئ إلى الداخل، داخل بطل القصة، ليبحث عن هويته الشخصية المحلية وعلاقاته بالواقع الاجتماعي المحيط به. بل أن الناقد سيلاحظ أن عالم مجموعة "البحث عن ابتسامة" هو عالم النساء وليس عالم الرجال، والمراد هنا، أن هذه المجموعة تصور معاناة المرأة السعودية، وتقدم وجهة نظرها في الواقع الاجتماعي وسعيها إلى تحديد كيانها. غير أن المرأة لا تستمر على هذا الحال في المجموعات الأخرى وإنما تغدو شيئاً من معاناة الرجل، لأن هذه المجموعات تصور عالم الرجال وتجعل النساء يعشن في ظلاله. ولهذا السبب يعلن المنهج التاريخي اخفاقه من جديد في التعامل مع عالم الشقحاء القصصي. لأن قراء المجموعة الخامسة "الزهور الصفراء" قبل المجموعة الثانية "حكاية حب ساذجة" لا تغير من طبيعة العالم القصصي وإنما تباينت المجموعات في التركيز على عالم النساء وعالم الرجال. يخلص المرء إلى أن المنهج التحليلي خير المناهج في التعامل مع قصص الشقحاء. وهذا المنهج يضع بين أيدينا حقائق أدبية عن عالم الشقحاء القصصي يستطيع باحثون آخرون اختيار صدقها وشمولها أية مجموعة من المجموعات السبع إن لم نقل: أية قصة من قصص هذه المجموعات.

       يسعى محلل العالم القصصي إلى معرفة المكان الذي تتحرك فيه شخصيات القصص، سواءً أكان المكان محدداً أم غائماً، وسواء أكان له تأثير في الشخصيات أم لم يكن له أثر فيها. ويعاني المحللون كثيراً من إهمال النشر القصصي العربي المكان، وضعف ارتباط النصوص القصصية به لكن اللافت للنظر في عالم الشقحاء القصصي تحديد المكان ووضوح أثره في الشخصيات بل ان المكان يبدو في نصوص الشقحاء كلا تقريباً محدوداً ضيقاً، يدفع الناقد إلى الظن بأن هناك نقصاً في معالجة المكان القصصي، ويذكره بالسائد في النشر القصصي العربي، لكنه بعد امعان النظر في عالم الشقحاء القصصي يكتشف أن الضيق المكاني مقصود لذاته تعبيراً عن ارتباط القاص ببيئته. فشخصياته تتحرك في الطائف، وحين تغادر المدينة تذهب إلى القرية (3) أو إلى الرياض العاصمة. وعلى الرغم من الثبات في المكان فإن المرء لا يستمد من قصص الشقحاء ملامح نهائية للطائف أو الرياض، بل أنه يستطيع بسهولة وضع اسم آخر بدلاً من الطائف دون أن يتغير شئ في طبيعة هذه القصص.
       هناك ضيق آخر في حركة الشخصية. ويتجلي هذا الضيف في أنها قصيدة المنزل أو مكان العمل أو المقهى أو الطريق (4). ولهذه المفردات امتدادات عدة مهمة. لكننا نكتفي هنا بالقول أن ضيق المكان العام "المدينة" واكبه ضيق في المكان الخاص "العمل – المنزل ..." إذ يكاد منزل الشخصية يقتصر على غرفة النوم أو غرفة التلفاز، كما يقتصر مكان العمل على غرفة المكتب. ولا شك في أن ضيق البيئة المكانية عامل من عوامل نجاح القصة إذا كان هدف القصة، أو التعبير عن ارتباط المكان بأخلاق الشخصيات وسماتها .. لكن محمد المنصور الشقحاء لم يوظف الأمور السابقة كلها ولم يستنفد امكانات الحيز الضيق الذي تحركت شخصياً فيه.
       على أن هناك تفسيراً آخر، هو ربط ضيق المكان بعالم الشخصيات القصصية وحده: فالقارئ يلاحظ بسهولة أن غالبية الشخصيات في المجموعات السبع تعمل في إحدى الوظائف العامة، وهي في عالم الموظفين رقم من الأرقام. تشعر دائماً بالوحدة والملل والرغبة في تفسير الوضع المادي. كما أنها – في الغالب الأعم – لا تؤدي عملاً منظوراً فتعاني من الفراغ، أو أنها مصابة بالخواء الداخلي ومن ثم تروح تسقطه على عملها فتخفق فيه كما أخفقت في علاقاتها العاطفية. ولهذا السبب تهرب إلى المقهى أو مشاهدة التلفاز أو اللعب "بالورق". والبديهي في وضعها المادي والنفسي ألا تكثر حركتها في المكان، وأن تحمل دوماً الرغبة في هجر الوظيفة إلى أخرى طعماً في الحصول على الثروة، ولا يخالج المرء أي شك في أن عالم الشقحاء القصصي عالم الموظفين المخفقين الذين يشعرون بالملل ويضجرون من الفراغ ويسعون إلى التواصل الإنساني مع الآخرين. وهذا يقودنا إلى دلالة محددة، هي أن عالم الشقحاء ضيق مكانياً لأنه ضيق مادياً. ولسوف نضيف إلى هذا التفسير ذلك الإخفاق الدائم في علاقة الرجل بالمرأة، لكننا هنا قادرون على أن نفسر حركة الشخصيات خارج الطائف بالرغبة في التجديد وتحسين الوضع المادي (5) فهذه الشخصيات تهاجر إلى الرياض بالرغبة للعمل غالباً (6) ثم تعود إلى الطائف حاملة شيئاً من المال. وقد تهرب من الطائف عائدة إلى القرية مهدها الأول، حتى أن هناك حوادث قصصية تغيب الشخصيات فيها سنوات طويلة ثم تعود حاملة المال وملاحظة التغيير الذي طرأ على الطائف.
       كما أن هناك حوادث أخرى تستقيل الشخصية فيها من الوظيفة لأنها لا تلائم الطموح المادي الذي يعتمل فيها (7)، أو أن الوظيفة لا توفر المكانة الاجتماعية التي رنت الشخصية إليها طوال حياتها.
       ومهما يكن الأمر فإن "الطائف" هي المكان الأثير لدى الشخصيات في عالم الشقحاء القصصي. فهي المبتدئ والمنتهي، تنطلق الشخصية منها وتعود إليها حاملة الحنين إلى ذكرياتها وأحلامها وكأنها لم ترحل عنها. وهذا الارتباط بالمكان في عالم الشقحاء القصصي مقرون دائماً بالشخصيات العادية في الحياة، شخصيات الموظفين والعمال، مما يذكرنا بالبطولة الساخرة التي تحدث عنها فراك أوكونور(8) ، بطولة الرجل الصغير المغمور في القصة القصيرة، فليس في هذه القصة بطل "وإنما لها بدلاً من ذلك مجموعة من الناس المغمورين قد تكون الموظفين العموميين جوجول، أو الخدم عند ترجنيف، أو العاهرات عند مرباسان أو الأطباء والمدرسين عند تشيكوف، أو الريفيين عند شيروود آندرسون"(9) وهذه أيضاً حال الشخصيات في عالم الشقحاء القصصي فهي بين موظف وعامل وزارع وطالب وبائع. إنها شخصيات مغمورة في الحياة، رغب الشقحاء في التعبير عما تضمه الطائف منها.
وإذا كان فرانك أوكونور ينص على أن هذه الشخصيات مغمورة لأسباب روحية، فإن المرء لا يلمح هذه الأسباب في الشخصيات المغمورة في عالم الشقحاء القصصي، وإنما يلمح منها نوعاً من الخواة الداخلي النابع من العلاقات الاجتماعية المخفقة.

       واللافت للنظر أن الوحدة التي تعاني منها هذه الشخصيات تنبع من الفراغ العاطفي. بل أن حركة هذه الشخصيات مرتبطة في غالبية القصص بالمرأة، سواءً أكانت الحركة في المنزل أو الوظيفة أم الهجرة لطلب المال والمكانة الاجتماعية.
       وعلى الرغم من الحاح قصص الشقحاء على ربط المال بالمكانة الاجتماعية، إلا أن الشخصيات لا تعاني من الفاقة، ولا يشعر القارئ بأن عالم الشقحاء هو عالم الفقراء، وإنما يشعر بأن الشخصية متوسطة الحال دوماً، وأن مللها في عملها صادر من الخواة الداخلي، من فقدان المرأة ... وهذا الأمر يفسر ذلك السعي المحموم إلى المرأة حبيبة وزوجة وأماً، كما يفسر الاخفاق في العمل بالاخفاق في التواصل مع المرأة. ومن ثم تكثر في عالم الشقحاء القصصي حوادث الشك في المرأة، وتذكر الحبيبة القديمة. والخلافات الزوجية، وتعدد الزوجات، والزواج دون حب، والخيانة، العودة إلى الأم وتذكر آثارها(10).
       وتبدو الحوادث السابقة داخلية دائماً، تهجس الشخصية بها في العمل والمنزل، وحيدة بين الأصدقاء. حتى أنه يصدق وصف قصص الشقحاء بأنها قصص الرغبات الداخلية للشبان الموظفين، وهي رغبت مكبوتة تؤثر في العمل وفي الحياة الزوجية وفي علاقة الشخصية بالواقع الاجتماعي عموماً. ويستطيع المرء الإشارة إلى قصة "الطيف"(11) على أنها نماذج للحرمان من المرأة. ففي هذه القصة لا يعرف القارئ، بادئ ذي بدء، ما إذا كانت خلاعة المرأة ستؤدي بالرجلين اللذين تركا مكان انتظار الحافلة وتبعاها آملين في أشياء حدثتهما بها نفساهما. إلا أن القارئ يكتشف بعد قليل أن هناك رجلاً ثانياً شدته المرأة إليها، فحمل لها الحاجات التي اشترتها من المخزن ورسار إلى جانبها صامتاً. وفجأة تصل إلى المكان سيارة تحمل الحاجات والمرأة وتخلف في يد الرجل الثالث خمس ريالات أجراً له. وما كان الرجل حمالاً وما توقع أن تنتهي القصة على هذا النحو مما جعله يصدم ويشك في أن التي رآها إمرأة حقيقية أو طيف إمرأة. واللافت للنظر أن الرجلين الأولين قدما إلى الرجل الثالث فأعطاهما الريالات الخمسة، فإذا أحدهما يرى في ورقة النقود وجه المرأة، ويرى الآخر وجهها نفسه مصوراً على خد رفيقه.
       أما القارئ فيبدأ يتسائل: هل كانت هناك إمرأة حقيقية أم أنه زين للرجال أنهم رأوا إمرأة؟. وهذا السؤال يعبر عن الانطباع الواحد الذي تخلفه القصة في القارئ، مما يشير إلى تماسك القصة وقدرتها الايجابية. لكن السؤال من جانب آخر تعبير عن الحرمان من المرأة، وهو حرمان يشكل – كما أشرنا قبل قليل – بنية قصص الشقحاء أو وجهاً من وجوهها الرئيسة على أقل تقدير. فالرجل عندما يفقد المرأة ملامحه الخاصة، كما فقد بطل قصة "العزاء"(12) ملامح وجهه حين فقد المرأة التي كانت تبكي إلى جانبه ولعل بطل القصة واهم حين ظن أن هناك إمرأة حقيقية. ولعل دخيلته هي التي كانت تبحث عن هذه المرأة وترنو إليها لكنها لا تظفر بمبتغاها، فيروح الخيال يعوض فقر الواقع بخلق شخصية نسوية لها علاقة ما يبطل القصة. ويكاد العنوان "المرأة" يرسخ فقدان المرأة، ويعلل رؤية البطل لها أمام باب المقبرة في خاتمة القصة. ويفقد البطل في قصص أخرى ذاكرته ولا يحتفظ بشئ غير أسم المرأة التي أحبها، كما هي الحال في القصة "أبحار في ذاكرة النسيان"(13).
       وحين يبحث المرء عن مسوغ اخفاق العلاقة بين الرجل والمرأة لا يعثر على شئ. فالقصص لا تعلل الاخفاق وإنما تصورنه وتعرض حالاته المتباينة. فأبطال القصص يبحثون دائماً عن الصلة بالمرأة لكنهم يخفقون في ذلك، ومن ثم يلجؤون إلى وسائل أخرى لتحقيق هذه الصلة. وأبرز هذه الوسائل ماثلة في مجموعة "الغريب". كاستعمال الهائف في الاتصال بالمرأة، كما هي الحال في القصص التالية: الدوار(14) – يوم آخر للحزن(15) – الخوف لا يموت قتيلاً(16) – مقاطع من مرحلة العدم(17). وهناك وسيلة للاتصال بالمرأة شائعة كثيراً في المجموعة نفسها، هي النافذة. وهذا واضح في القصص التالية: الارتطام بوجه النافذة – حنان والساعة الثامنة – مقاطع من مرحلة العدم – الدوار – ترديدات. وليس من المفيد حصر الوسائل التي يلجأ إليها أبطال قصص مجموعة "الغريب" لتحقيق الحد الأدنى من الصلة بالمرأة، لأن الوسائل كلها تعبر عن هاجس واحد لا يتحول ولا يتبدل هو الحرمان من المرأة.
       هناك أيضاً تركيز واضح في غالبية قصص الشقحاء على أن يكون الرجل هو المعبر داخل القصة عن الحرمان من المرأة. فهو الأمر الناهي، المحب، الباحث عن المرأة، الساعي إلى استمرار الحياة في صورة البحث عن الأولاد، الذكور منهم خاصة. وهذا التمركز حول الرجل يوحي إلى القارئ بأن القصص تكرر نفسها، وتلوك مشكلتها الوحيدة، مشكلة العلاقة بالمرأة. لكن التمركز نفسه يمكن أن يوحي إلى القارئ بشئ آخر، هو أن المرأة في هذا المكان القصصي ما تزال بعيدة عن الفعل الاجتماعي.
       ومن ثم كثرت صورتها أماً وأختاً وزوجة وحبيبة، وحددت أسماؤها بنورة وحصة وفاطمة وناتن ومريم، لكنها لم تتجاوز ذلك إلى التأثير في العلاقات العاطفية على الرغم من أنها طرف رئيسي فيها. هل يعبر الشقحاء بذلك عن عالم قصصي يعلى من شأن الرجل ويراه الفاعل في المجتمع؟ هل يرى الرجل مبادراً إلى معرفة المرأة وتحديد صلة بها؟ ..

       يخيل إلى المرء أن هذا الأمر صحيح دقيق، وأن الخواء الداخلي الذي تشعر الشخصيات به نابع من هذا الجهل بالمرأة، ومن الاخفاق في تجسيد التواصل الإنساني العاطفي بها. ويمكن أن يستمد المرء من هذا كله دلالة على الرؤية السوداء للمجتمع، الرؤية التي مدت ظلالها على العالم القصصي، فجعلت المجتمع خالياً من الحياة الهانئة لأن نصفه الثاني معطلعن الفعل الاجتماعي. بل أن العطالة تكاد تكون عامة انطلاقاً من هذه الرؤية السوداء. فالقارئ لا يشعر أن بطل القصة يتحرك داخل المجتمع، وإنما يشعر أنه يتحرك بعيداً عن المضطرب الاجتماعي، لكن هذا البُعد مقيد بعادات المجتمع وتقاليده، مما يمنع البطل من الحركة التي تلبي نزوعه الإنساني وهكذا يغيب المجتمع في عالم الشقحاء القصصي غياباً شكلياً، لكنه يحضر من خلال تحديد السلوك الفردي والاجتماعي لأبطال القصص .. بل أنه يؤثر في الملامح الشخصة لهؤلاء الأبطال. فالقارئ لا يلمس أية خصوصية لهم، لأن ملامح وجوههم غائمة، وحركاتهم متشابهة، مما ينم عن التشابه في الحال الاجتماعية للرجل في مجتمع الطائف. ولم يوفر الشقحاء أية وسيلة فنية لجعل التشابه في التجربة الاجتماعية لأبطال قصصه عاماً من ذلك اهتمامه بالزمن النفسي بديلاً من الزمن الموضوعي حتى أننا "نراه في كتاباته الأخيرة حريصاً كل الحرص على أن يبحر عالمه القصصي عبر الزمن النفسي من ناحية وعبر المكان النفسي من ناحية أخرى" أي أنه يبتعد في طوره الأخير عن الرصد المادي للأحداث وكأنه يريد أن يتناسى الواقع أو بمحوه بكل تفصيلاته المادية والمحسوسة، ويأتي بدلاً منه بزمن آخر يراه مجالاً لنقل الشخصية القصصية بكل آلامها وتمزقاتها(18).

       وعلى الرغم من أن الرؤية السوداء طرقت نوعاً من العطالة العاطفية الإنسانية وعبرت عن انكسار أحلام الشخصيات إلا أن أثرها إيجابي في الغالب الأعم لأنها لأنها تحرض القارئ على النفور من هذه العطالة وتجعل مشاعره منحازة على السعادة والتواصل الإنساني يؤكد ذلك أن الشخصيات في عالم الشقحاء القصصي لا تشكو من الفقر والمرض والعمل وإنما يشكو من فقدان الطراوة في حياتها الداخلية أو بتعبير أخير تشعر أن إنسانيتها ما تزال ناقصة وأنه لابد لها من المرأة لتكمل سعادتها وتستوي أمور العمل الاجتماعي اليومي لديها ومن ثم تتسم علاقتها بالتضاد والحرمان وتطرح واقعاً أسوداً قائماً وأمنيات كثيرة لا تتحقق وإذا استفدنا من منهج لوسيان غولدمان الاجتماعي(19) قلنا أن الحرمان الذي يعبر عن الخواء الداخلي وينعكس على علاقات الشخصيات وواقعها هو الوعي الفعلي الذي يطرحه عالم الشقحاء القصصي ويجعله ينعكس في "السلوكات الدالة" للشخصيات في المجتمع القصصي يستمد منه وعياً الشقحاء لم يقصر عالمه على الوعي الفعلي وإنما راح يستمد منه وعياً آخر هو الوعي الممكن لهذه الشخصيات فهي تبحث عن التواصل العاطفي الإنساني وتخفق في بحثها وفي تواصلها مع المرأة لكنها لا تهزم أو تركن إلى الاخفاق وإنما تروح تبحث من جديد متفائلة بالنجاح في تحقيق هذا التوصل. وإلا فإنه من العسير أن يفسر الناقد تكرار بحث الشخصيات عن المرأة في هذا العالم القصصي الذي وصل إلى مائة قصة ونيف. ويكفي، في العادة أن يعبر القاص عن الحرمان في عدد محدود من قصصه، وأن يعالج في كل قصة وجهاً من وجود هذا الحرمان .. لكن الشقحاء مصر على تكرار البحث، مما يدل على أن البحث ذاته غاية يريد الشقحاء ترسيخها في قارئ عالمه القصصي. وغير خائف على الباحث أن التكرار يتن عن الاصدار في البحث، كما ينم عن التمركز حول قضية جوهرية في المجتمع ندب الشقحاء نفسه لمعالجتها قصصياً.
       تسعى النصوص الحديثة إلى البرهنة على أن الشكل الفني لا ينفصل عن المضمون وهي محقة في هذا السعي وفي الانطلاق من أن البناء اللغوي يجسد اللحمة بين المضمون والشكل. وما من شك أن نصوص الشقحاء القصصية تنتمي إلى حركة الحداثة. فهي – من الناحية الفكرية – لا تعرض عالماً واضح المعالم، يستطيع القارئ القبض عليه بجميع يده، وإنما تعرض عالماً زاخراً بالاحتمالات. كل شئ فيه ممكن، نسبي، يقبل تفسيرات شتى مؤتلفة أو مختلفة. وتنطلق – في ذلك – من أن الواقع الخارجي الحقيقي صار غامضاً عصياً على الفهم والتفسير فكيف يقدم القاص عالماً واضحاً يعكس عالماً غير واضح؟ كيف يطرح شخصيات محددة الملامح تعكس واقعاً خارجي بهتت فيه ملامح الإنسان الخارجية وأصيب داخله بالخواء والقلق والغربة؟ .. ولماذا يبني القاص في القصة علاقات اجتماعية وإنسانية معافاة والواقع الخارجي مملوء بعزلة الإنسان عن أخيه الإنسان؟.
       وإذا كانت نصوص الشقحاء القصصية واضحة الصلة بحركة الحداثة في القصة العربية عموماً، والسعودية خصوصاً، فإن هذه الصلة غير مقصورة على القاعدة الفكرية، وإنما تتجاوزها إلى الأشكال الفنية التي تجسد الرؤية السوداي في بنى جمالية جديدة تعاف الحكاية الحبكة والحدث الخارجي المحدد والشخصيات ذات الملامح الواضحة، وغير ذلك مما ينتسب إلى رؤية القصة التقليدية التي ترى العالم واضحاً وتجسده في بناء مكاني ذي علاقات إنسانية لا لبس فيها.

       غير أن البنيى الجمالية الجيدة عصية على التقنين لأنها تتماهي بعالمها العصي على التحديد. ولا يستطيع المرء القول في الوقت نفسه أن هذه البني لا تملك الأسس البنائية الضرورية لتشييد العالم القصصي. قد أشرنا إلى الشئ من هذه الأسس في أثناء حديثنا السابق عن الجانب المضمون من عالم الشقحاء القصصي، فقلنا أن النصوص ميالة إلى التكثيف والبُعد عن الشرح والتفصيل. وغير خوف على أحد أن التكثيف سمة من سمات الحاداثة وأساس من الأسس البنائية للقصة القصيرة، يستطيع القاص بوساطته تركيز انتباه القارئ على الموضوع ويبعده عن التشتت في أثناء القراءة. ومن ثم يوفر للموضوع الوضوح والتحديد والقدرة على التأثير في القارئ. لكن هذا الأساس البنائي المهم عصى على التقنين النهائي، لأن معياره "شعور القارئ بالرنا أو عدم الرضا"(20) وليس بإمكان الناقد شئ غير الحلول محل القارئ. ومحاولة التعبير عن هذا الشعور. ولهذا السبب اقترن التأثير بالاقناع في الأسلوبية، وامتزجا معا بالامتاع لانهما يقودان إليه بداهة.
       ولم نكتف في أثناء الحديث عن الجانب المضموني بالإشارة إلى التركيز وحده، وإنما رحنا نشير إلى المنظور النفسي في شقيه الذاتي والموضوعي. وليست لدينا رغبة في الإحاطة بالإشارات الفنية التي وردت في أثناء الحديث عن الجانب المضموني، لكنه من المفيد ملاحظة العلاقة الحميمة بينهما، حتى أن المرء ما كان قادراً على تحليل العالم القصصي بعيداً عنهما. وتخدمنا هذه العلاقة في رصد تطور الأشكال الفنية في عالم الشقحاء القصصي وإن لم يخرج الرصد عن الأسس السابقة نفسها، وخصوصاً التكثيف ووحدة الحدث والانطباع والمنظور النفسي والاستفادة من تقنيات الشعر. على أن التدقيق في البناء الفني للنصوص القصصية كلها ضمن المفهوم الكلي "الجشستاليت" يحرم القارئ فرصة معرفة التطور الفني للقصة في أدب محمد المنصور الشقحاء. ذلك أن ضبط التجربة عانى أول الأمر من العثرات الفنية ثم مال إلى التماسك. ومن المفيد تقسيم الحديث الفني إلى قسمين قبل تقديم النظرة الكلية، يمثل القسم الأول البدايات الفنية، ويجسد القسم الثاني التطورات التي طرأت على هذه البدايات في أثناء اتجاهها نحو التماسك.
1)          البدايات:

تعاني التجربة القصصية في مرحلة البدايات من الاندفاع في التعبير عن المناخ
اللامعقول الذ تعيش فيه الشخصيات. ويبدو العالم القصصي سريالياً، لا شئ حقيقياً فيه يستطيع القارئ الاستناد إليه في فهم ما يجري في مجتمع القصص. إذ أن القاص يقدم له حدثاً غير واضح الملامح، لا ينمو في السياق، ولا يضم القدرة على الايحاء. صحيح أنه يعتمد كثيراً على التداعي، لكن التداعي ليس منظماً عنده ولا يقود إلى أية دلالة نهائية، ولا يتضمن العمق الفكري الذي يجعله تعبيراً عن نوع معين من الحياة النفسية والاجتماعية. ومن ثم ليس هناك اتقان لتقنية التداعي. بل ليس هناك أية عناية بالتركيز والتكثيف وهما أبرز تقنيات القصة الحديثة، إضافة إلى ضعف وحدة الانطباع. ويعجب المرء حين يقرأ القصة فلا يخرج منه بشئ. ولا تتغير النتيجة بعد معاودة القراءة والتدقيق، وكان القاص الشقحاء يقصد إلى ذكل قصداً. وما هو أكثر ايلاماً أن تفقد غالبة القصص وحدة الحدث. فالمرء يقرأ عن شئ ثم يلاحظ أن القاص نقله إلى شئ آخر دون ربط بين الشيئين، مما جعل بنية القصة تصاب بالخلل نتيجة افتقارها إلى وحدة الحدث.
        وتصدق هذه الحالة الفنية على غالبة قصص المجموعات الخمس الأولى، وكأنها كتبت في زمن واحد لم تخمد فيه حرارة الانفعال في التعبير عن التجربة القصصية، حتى أن هناك صوغين لقصة واحدة هي "الوباء"(21) ينمان عن الرغبة في تعديل زاوية المعالجة الفنية للموضوع دون أن تستقيم لهما هذه الزاوية أن يسلس التعبير عنها والواضح في هذه القصة التي تمثل البدايات الأولى للتجربة أن القاص الشقحاء ملتزم بضمير الغائب، قريب من السرد الإنشائي عازف عن السرد الخبري. ومن خلال السرد الإنشائي تراه يكثر من ذكر عبارات الملل والوحدة والفراغ، لكن القارئ لا يطالع حوادث تنم عن ذلك أو تجسده. ويبدو أن حسن المغامرة بالشكل الفني للقصة القصيرة ضعيف لدى الشقحاء في هذه القصص، ولهذا السبب لم يغادر السرد الإنشائي وضمير الغائب لإلا مرات قليلة جداً. ففي مجموعة "البحث عن ابتسامة" لجأ في قصتين (22) إلى ضمير المتكلم، كما لجأ في مجموعة "الزهور الصفراء" إلى تقسيم النص إلى مقاطع تفصل بينهما أرقام (23) أو علامات أخرى (24) وما عدا ذلك فإن المرء لا يعثر على أية محاولة لتنويع البناء الشكلي للقصة.
تشذ عن الأحكام السابقة أربع قصص، هي: الموت – أوراق اليانصيب – الرحيل النهائي – انتظار الزمن الآتي. فهذه القصص متماسكة موحية ذات دلالة ووحدة في الحدث والانطباع ، ولا ينقصها كثير من التركيز والتكثيف. فأوراق اليانصيب (25) مبنية حسب تقنية المقاطع. كل مقطع منها يعبر عن مشهد يتعلق بالصبي بائع أوراق اليانصيب أو بالمرأة الشقراء ومرافقها. وتتوالى المشاهد بتوتر في قصيدة لا تتجاوز خمسة أسطر غير مرة واحدة. وتروح من خلال التركيز تعرض ما تم قبل الانفجار وبعده، متخلية في المقاطع الثلاثة الأولى عن السرد المنطقي والنسق الزمني الصاعد، عائدة إليه بعد ذلك، منتهية إلى مفارقة تعلنها الصحف في اليوم التالي. إنها قصة جميلة. بل أنها أجمل قصص المجموعة الخمس. ولا تضاهيها القصص الثلاث الأخرى في الجمال، لكنها تدانيها في التماسك ولاقدرة على الايحاء. فقصة "الموت"(26) تبدأ من نهايتها، من عودة البطل إلى منزل والدته، ثم تكر راجعة إلى البداية، وتمضي تطرح تلك العلاقة البريئة بين البطل وحبيبته فائقة حتى ينقلب ظهر المجن فتموت فائقة دون أن يعلم البطل أنها كانت مريضة وأنها تعمدت تأجيل زواجها منه لمعرفتها أن أيامها في الحياة معدودة. ومن خلال هذه العلاقة تصور القصة الحب دافعاً إلى النجاح في الحياة العملية. وتجعل فقدانه سبباً في النكوص إلى الوراء كما فعل البطل حين ترك "الرياض" وعمله الأدبي والصحفي فيها عائداً إلى منزل والدته، ممزقاً صورة فائقة بعد قرعه باب منزل والدته. والقصة نفسها تشير، من جانب آخر، إلى بناء فني أشبه بالقصة المدورة التي تنتهي من حيث بدأت، وكأنها تسير حول دائرة.
        وليس من المفيد التوقف عند القصتين الاخريين(27) لأنهما لا تقدمان جديداً في التقنية الفنية خارج ما أشرنا إليه في قصتي "أوراق اليانصيب" و"الموت". ذلك أن المرء راغب في القول إن القصص الأربع – وهي جيدة بأي مقياس فني ومضموني – تعد دليلاً على أن محمد المنصور الشقحاء لم يكن في بداياته الأولى يفتقر إلى الموهبة القصصية، ولا القدرة على بناء القصة بناءً فيناً سليماً. ومن ثم يغدو تعليل الثغرات – القليلة والكثيرة – في القصص الأخرى سهلاً إذ أنها تفتقر إلى التدقيق، وتحتاج إلى شئ غير قليل من التريث والاناة في أثناء كتابتها ومعاودة النظر فيها .. ولعل القاص الشقحاء كان يكتب نصوصه آنذاك دون أن يسأل نفسه: ما الذي أريد قوله؟ وهل يصب ما كتبت إلى القارئ، إذا اتبعت هذا الأسلوب؟ وربما احتاجت لغة الكتابة إلى قسط وافر من هذا التدقيق. فالقاص لا يدقق في بناء الجملة، ولا استعمال علامات الترقيم، ويترخص في أحيان كثيرة في اللغة.

        ومهما يكن أمر البدايات فإن الشئ اللافت للنظر فيها هو الارتباط بالواقع والسعي إلى خلق شخصيات وموضوعات تعبر عنه. والواضح أن هذه المرحلة تتسم بالبحث عن الموضوع الممثل للواقع، وتنتهي باعتماد العلاقة بين الرجل والمرأة ميداناً للتجربة القصصية في المرحلة التالية، مرحلة التطور. ولعل قلق البحث عن موضوع مناسب انعكس في التقنيات الفنية. ففي حين نرى القاص يستند إلى الحكاية ويعتمد مراحل العرض والتأزم والنهاية في هذه القصة أو تلك، نراه يتنازل عن الحدث الخارج ويوغل في مجاهل النفس والأحلام يبحث فيها عن مراده دون أن يتمكن من القبض عليه. ولم يكن محمد صالح الشنطي بعيداً عن الصواب حين تحدث عن مجموعة "الزهور الصفراء" – وهي خاتمة مرحلة البدايات – بقوله(28) ينزع محمد منصور الشقحاء منزعاً مثالياً رومنسياً في العديد من قصصه وهو يعتمد فيها على لقطة منتزعة من الواقع يقدمها بأسلوب سردي ويضمنها ذروة أو أزمة معينة كما نجد في "النتائج المرتقبة" من مجموعة "انتظار الرحلة الملغاة". غير أن ما يؤخذ عليها تكرار الحادثة من خلال الحوار، وما أدى إليه ذلك من إطالة لا مبرر لها. وقصة "الانفصال" أكثر القصص تعبيراً عن النزعة الرومانسية عند الكاتب حيث مناجاة الكتب والتعلق بالمحب والفجائع الميلودرامية والمفاجأة والمسافة الزمنية الممتدة وعصر التخليص، وهو ما نجده غالباً في القصص الرومانسية منذ مرحلة النشأة. وفي مجموعة "الزهور الصفراء" يتقدم الكاتب في الرؤية والتكنيك، حيث يصور قطاعاً من الحياة يعبر عن المرحلة التاريخية في "البحث عن بقية" ولكن هاجس النزوع الرومانسي يسكنه، فالزواج من جمانة والتثبت بالذكرى محور أساسي في القصة. وتظل الانعطافة المفاجئة من السمات المميزة لقصص الكاتب. كذلك فإن الميل إلى تقديم مشاهد متتالية كما في "أهازيج ميلاج جديدة"، وتنويع طريق السرد يعتبر من الملامح الجديدة في فن القصة عنده، ويبرز "الحلم" الذي تؤنس فيه الأشياء والأزهار. وفي آخر قصته "الصورة" تبدو قضية الحب والعلاقة بين الرجل والمرأة مدار إهتمامه الأساسي.
        وعلى الرغم من أن حديث الشنطي لم يجاوز مجموعتي "انتظار الرحلة الملغاة والزهور الصفراء" إلا أنه تمكن من تحديد الانعطافة المضمونية في قصص البدايات كلها، وهي الاهتمام بموضوع العلاقة بين الرجل والمرأة، والبدء بالانعطافة الفنية وهي تنويع طرائق السرد. ولو أتيحت للشنطي فرصة الاطلاع على المجموعات القصصية الأخرى لحدود الممهدات الفنية التي برزت في هذه المرحلة وتألقت في المرحلة التالية.
        وقد أشار نصر محمد عباس إلى واحدة منها، هي اعتماد الزمن أساساً لتحديد درامية الحوادث(29)، حين توقف عند مجموعة "حكاية حب ساذجة" وهي المجموعة القصصية الثانية للشقحاء. ثم أضاف إلى الزمان عنصر المكان والمنظور النفسي الذي عبر عنه(30) بأنه "ذات الفرد" وراح يعد المكان والزمان ذاتاً رمزية. يقول في ذلك "يتكئ القاص محمد الشقحاء في بعض أقاصيص مجموعته "مساء يوم في آذار" على تفاعل عنصر الزمان والمكان، أو لنقل اللا زمان واللا مكان، فيصبح يتفاعل تفاعلاً تاماً، وتبدو معالمها متحركة داخل ذات الفرد، فيصبح المكان ذاتياً رمزياً، وكذلك الزمن. ولكي يستخدم القاص عنصر الزمان هذا الاستخدام الدقيق يلجأ إلى لغة درامية مكثفة كذلك، وأن جنح في كثير من الأحيان إلى مباشرة الطرح، مما أفقد هذا الجانب الدلالي المهم قيمته وعمقه".
        وإذا أردنا إضافة شئ إلى الملامح الفنية السابقة للبدايات القصصية استطعنا التذكير بأن المجموعة القصصية الأولى "البحث عن ابتسامة" واكبت ظهور مجموعة شعرية للقاص عنوانها "معاناة". وقد انعكست في هذه المجموعة القصصية أثر لغة الشعر في لغة القصة، فبدت إنشائية تعتمد اعتماداً واضحاً على الصور، وتستند إلى تقنية التركيز وقد استمر تأثير الشعر في لغة القصة إلى المجموعة الرابعة "انتظار الرحلة الملغاة" "1406هـ / 1983م". وهذا الأمر يفسر النزوع الرومانسي المسيطر على قصص البدايات الأولى. ويسميها بالاندفاع في التعبير عن التجربة.
وقد تمكن طلعت السيد صبح من وضع يده على هذا الأمر المهم في تجربة البدايات.

يقول في ذلك(32): "والحقيقة أن للشقحاء محاولات شعرية، وهذه المحاولات أميل إلى الرومانسية. وهو حين يحاول أن يعبر عن أحاسيسه وانفعالاته، وأن يفاوت بين الأزمات التي تلم بشخصيات قصصه، لن تقف أمامه عقبة. فهو من جهة ليه يعوزه الاستعداد، ومن جهة أخرى لابد أن يكون قد استفاد من محاولاته الشعرية، لأن الشعر بما يحمل في أعطافه من روح الرومانسية يعد أقرب وسيلة للتعبير عن الأحاسيس والانفعالات. ويمكننا بعد ذلك أن نقول أن الكاتب حين يتجه إلى القصة ستظهر في كتاباته الدفقات الشعورية، وتجود أيضاً لغته، وينفرد أسلوبه، ويتميز بين أقرانه بوصف شخصياته من الداخل، وتتبع حركات هذه الشخصيات، والنزوع إلى تحليلها، والحرص على ملاحقة حركاتها النفسية".



2)          التطور"

لم تكن تجربة البدايات تعبيراً عن الضعف الفني ليس غير، وإنما كانت حبلى بالملامح الفنية التي ساهمت في ضبط التجربة القصصية. وهو يعني أن مرحلة التطور التي تجسدت في مجموعتي "قالت أنها قادمة – الغريب" وما زالت مستمرة في إنتاج القاص الشقحاء لم تكن انفصالاً عن مرحلة البدايات وقضاء عليها، وإنما كانت ولادة طبيعية منها ونتيجة بديهية لممارسة الفن القصصي عشر سنوات ونيفاً. ويستطيع الحدث عن مجموعة "الغريب" تقديم الإطار العام لهذه المرحلة الجديدة. ذلك أن مجموعة الغريب لا تمتاز عن سابقاتها بمضمونها، وإنما تمتاز عنها بتفنيتها الفنية. ففيها اتجاه نحو ضبط النص القصصي لا يخفي على القارئ. فالقاص الشقحاء معنى في هذه المجموعة بوحدة الانطباع. فهو لا يثرثر كثيراً ولا يتلهى طويلاً بالأسلوب الإنشائي، وإنما يشرع من بداية القصة يعلن حدثاً ويقود القارئ شيئاً فشيئاً إلى خاتمته. وقد نتج عن هذه العناية بوحدة الانطباع عناية أخرى بوحدة الحدث. وهذا أمر لم يألفه المرء كثيراً في قصص البدايات التي ابتعدت عن الحدث الواضح المحدد اكتفاء بالحدث الداخلي الباهت. لكن قصص مجموعة الغريب بدأت تعير الحدث ال خارجي شيئاً من اهتمامها دون أن تتخلص نهائياً من ضبابية الحدث النفسي وغموض سياقه وتعذر معرفة الهدف منه.
وربما كانت بداية القصة خير تعبير عن هذا الاتجاه ال جديد. فقد عنى الشقحاء في عدد من قصص مجموعة الغريب ببدايات القصة لأنها المفتاح الذي يسمح للقارئ بولوج مجتمع القصة صحبة القاص السارد فبداية قصة "أحاديث تحتفل فجأة" ورد على النحو التالي: "بين مغيب الشمس ومشرقها مسافة في الإمكان اجتيازها. هكذا قرر عندها طلب من خدامه أن يقوم بتجهيز حصانه لبدء رحلة قطع هذه المسافة، ويتمكن بعدها من الفوز بقلب أجمل فتيات الحي"(33). بعد هذه البداية "المقدمة" تشرع القصة تخبرنا عن البطل الذي يريد اجتياز المسافة بين مشرق الشمس ومغربها ليفوز بالزواج من الفتاة انصياعاً للشرط الذي وضعه والدها. وقد نختلف في فنية هذه القصة، لكننا دون شك لا نستطيع القول أن البداية المفتاح كانت إنشائية لم يوظفها القاص في التعبير عن رأي اجتماعي محدد. إذ أن ال قصة كلها تعليل لهذا الرجل الباحث عن المستحيل، وبيان النتيجة التي آل إليها بحثه.
أما آثار الحدث النفسي الغائم التي ما تزال واضحة في قصص مجموعة "الغريب" – وهي امتداد لقصص البدايات – متجسدها لغة الشعر التي يهتم بها القاص. إذ يستند إلى سرد ذي سمة شعرية تعويضاً عن الحدث الخارجي الواقعي. ولعله يحاول مزج فن القصة بفن الشعر دون أن يقبض جيداً على الفارق بين توظيف الشعر في القصة، وجنوح القصة إلى أن تكون قصيدة أو شيئاً أشبه بالقصيدة. ومهما يكن أمر اللجوء إلى الطابع الشعري في السرد القصصي، فقد جهد الشقحاء في التخلص من آثاره النابعة من ممارسته الشعر والقصة معاً. ومن البديهي أن ينصب جهده على التقليل من الصور الشعرية بغية الالتفات إلى الأسلوب الخيري. لكن المشكلة التي واجهته في أثناء ذلك هي التردد في اخراج الحدث من دخيلة البطل إلى الواقع المحيط به، ومنحه صفة الوضوح بدلاً من الهلامية والضبابية. ولسنا راغبين هنا في التقليل من أهمية الحدث الداخلي. لأن هذا النوع من الحدث شائع في القصة الحديثة، لكننا راغبون في تقرير حاجة القصة الحديثة إلى حدث داخلي ذي إيحاء واضح، لأن الايحاء بديل الحدث الخارجي في هذا النوع من القصة.

ويمكن القول أن مجموعة "قالت أنها قادمة" عنيت عناية واضحة بالايحاء، لكنها لم تبلغ به الحدود آمنة في الغالب الأعم. ولعل الاستمرار في تجويد مرحلة التطور يقنع القاص بأن الخواء الداخلي في العلاقات الاجتماعية يحتاج إلى قدر أكبر من الايحاء، لأن القارئ لا يرغب في أن يقول له أحد أن الشخصية تعاني من الوحدة والغربة والملل، وإنما يحتاج إلى حدث يجسد له ذلك ويوحي له بعمق الوحدة وآلام الغربة النفسية. ولا تنقص الشقحاء الذي قطع مسافة فنية طويلة القدرة على التدقيق في النص، ولغة وايحاء، ليوفر نضوجاً لا ينقصها الامتاع ولا الدقة، دون أن يبتعد عن الموضوع الأثير، موضوع "العلاقة بين الرجل والمرأة". فهناك قصص في مجموعة "قالت أنها قادمة" تقترب من اللامعقول، وتضرب فيه بسهم وافر. منها على سبيل المثال على الحصر – قصة "تداعيات موقف احتضر"(34). ففي هذه القصة الجميلة مستوى واقعي يتحدث عن موظف الانتحار يأساً من حياته, وشرع ينفذ ذلك فإذا القصة في اللحظة ذاتها تسحب البساط من تحت المستوى الواقعي لتضع بدلاً منه مستوى آخر لامعقولاً، يشير إلى أن هذا الموظف صحا بعد نومه وعاد إلى وظيفته وأهله وابتهاله. دون أن يملك تعليلاً لعبارة "الحمد لله على السلامة" التي كان الناس يواجهونه بها. ومن الواضع أن القصة تعبير عن اللامعقول في الحياة الاجتماعية للموظفين. ويهمنا من هذا التعبير ذلك الايحاء الذي نحج المستويات الواقعي وفوق الواقعي في توفيره، إضافة إلى التركيز على الموضوع طوال السياق، مما وفر وحدة الحدث والانطباع. وعلى الرغم من أن الناقد يلمح في المجموعة نفسها انفتاحاً في موضوع العلاقة بين الرجل والمرأة، إذ ارتفع به القاص فوق الواقع السعودي ووضعه في الواقع العربي، كما هي الحال في قصة "احتضار زمن الوداعة". إلا أن الانفتاح في معالجة الموضوع الأثير لدى الشقحاء ليس أكثر من دلالة أولى أن العالم القصصي شرع "يعقلن" الخواء الداخلي ويربطه بالمصائر العامة في الوطن العربي ويعبر عنه تعبيراًٍ فنياً مؤثراً مقنعاً. ولعل ذلك كله استشراف لمستقبل عالم الشقحاء القصصي لكنه اشتشراف نابع من واقع هذا العالم، وخصوصاً العلاقة الحميمة بين المضمون والشكل في بناء القصص. فقد مرت هذه العلاقة بأطوار ضعف واستواء ونضج، لكنها في الأطوار كلها لم تكن ضعفاً في المضمون وحده، أو الشكل وحده، وإنما كانت ضعفاً في البناء كله أو استواء فيه أو نضجاً في خواتيمه.

الهوامش
1)               أنظر ص22 من: التاج، د. سيد حامد- القصة القصيرة – دار المعارف – القاهرة (كتابك 18) 1977م.
2)               أنظر ص 194 من: قاسم، د. سيزا – بناء الرواية – دار التوير – بيروت 1985م.
3)               لا يطلق القاص على القرية أي أسم على الرغم من أنه يكرر ذكرها كثيرا.
4)     يصف الشقحاء الطريق بأنها طويلة، ويحافظ على هذه الصفة دائماً. كما أن الطريق عنده حالية إلا من بعض الأطفال.
5)               أنظر على سبيل المثال لا الحصر قصة "أنهم يبحثون عن الزهور" في مجموعة "حكاية حب ساذجة".
6)               أنظر على سبيل المثال لا الحصر قصة "الموت" في مجموعة "انتظار الرحلة الملغاة".
7)               أنظر على سبيل المثال لا الحصر قصة "النتائج المرتقبة" في مجموعة "انتظار الرحلة الملغاة".
8)               أنظر ص 11، 13 من اوكونور، فرانك – الصوت المنفرد – الهيئة المصرية العامة – 1969م.
9)               المرجع السابق نفسه – ص 13.
10)   الام في غالبية قصص "انتظار الرحلة الملغاة" متزوجة من غير زوجها الأول، ومتخلية – رافسية أو مضطرة عن أولادها منه.
11)          من مجموعة "الغريب" – ص 49.
12)          من مجموعة "الغريب" – ص 57.
13)          من مجموعة "الغريب" – ص 7.
14)          أنظر قصة "الدوار" ص 20.
15)          أنظر قصة "يوم آخر للحزن" – ص 64.
16)          أنظر قصة "الخوف لا يموت قتيلاً" – ص 27:
17)          أنظر قصة "مقاطع من مرحلة العدم" – ص 23.
18)   أنظر ص 142 من السيد د. طلعت صبح القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية بين الرومانسية والواقعية مطبوعات نادي الطائف الأدبي الطائف 1988م ولبيان أثر هذه الملاحظة في الصوغ الفني القصصي يمكن النظر إلى ص 173 من عباس د. نصر محمد البناء الفني في القصة السعودية المعاصرة – دار العلوم للطباعة والنشر – الرياض 1983.
19)   أنظر ص 40 من شحيد د. جمال – في البنيوية التركيبية دراسة في منهج لوسيان غولدمان – دار بن رشد – بيروت 1982.
20)          أنظر ص 22 من: النساج، د. سيد حامد – القصة القصيرة.
21)          أنظر الصوغين في مجموعة "انتظار الرحلة الملغاة" – ص 55، 61.
22)          هما قصة "أوراق من مذكرات فتاة فلسطينية" قصة "المرسوم".
23)          أنظر مثلاً قصة "الزهور الصفراء".
24)   أنظر استعمال العلامات في القصص التالية: البحث عن بقية – في انتظار الحافلة – أهازيج ميلاد جديدة – أوراق اليانصيب – رجل يبحث عن وظيفة – أوراق من يوميات إمرأة عاملة – الليل الذكرى المرتخية – الصورة.
25)          أنظر ص 41 ص: الزهور الصفراء.
26)          أنظر ص 99 من: انتظار الرحلة الملغاة.
27)          أنظر قصة "الرحيل النهائي" وقصة "انتظار الزمن الآتي" في مجموعة "مساء يوم في آذار".
28)   أنظر 33-34 من:الشنطي، د. محمد صالح – القصة القصيرة المعاصرة في المملكة العربية السعودية – دار المريخ للنشر – الرياض 1987م.
29)          أنظر ص 168 من: عباس، د. نصر محمد – البناء الفني في القصة السعودية المعاصرة.
30)          المرجع السابق نفسه – ص 173.
31)          دار الاصفهاني وشركاه للطباعة جده – 1397هـ - 1977م.
32)   أنظر 109 – 110 من: السيد، د. طلعت صبح السيد – القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية بين الرومانسية والواقعية.
33)          أنظر مجموعة الغريب – ص 41.
34)          أنظر 37 ص 73 وما بعد من: قالت أنها قادمة.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق