قصص
قصيرة ( 6 )
محمد
المنصور الشقحاء
1
- اللوحة الأخيرة
علي
أن اكسر ريشتي: أنت سخرت من تقاليد القبيلة، الجميع سيكونون ضدك، ثم قالت: فيم
حضورك أيها العاجز، وأنا اجتاز الشارع دهست جسدي عربة توزيع ألبان، رفض سائقها
مساعدتي حتى وصول الشرطة، فتوقفت أنفاسي ورسم دمي فوق الإسفلت لوحتي الأخيرة.&
24 / 10 / 1433
2
- الممثلة تقفز من النافذة
وانا
على مشارف الرياض استوقفتني اضواء سيارة على جانب الطريق، بعد تردد تمهلت حتى
توقفت، لأجد احدهم يتلمس المساعدة لعطل محرك العربة، ثم جاء صوت انثى من خلف
العربة تطلب الفزعة، عندها وافقت على حمل المرأة ومرافقتها بينما يصلح عطل السيارة
ويلحق بنا في الطريق ومن الحديث المتقطع، عرفت اسباب قدومهم للرياض لحضور مناسبة
عائلية، ولما اندغمنا في شوارع الرياض اكتشفت ان الأثنتين لايعرفن عنوان المكان
المتجهات له ولايحمل مايثبت هويتهن لاستئجار غرفة لهن بالفندق او شقة مفروشة، وابدين
موافقتهن على مرافقتي الى شقتي، مع معرفتهن انها خالية فزوجتي عند اهلها في شقراء
تضع ابننا الثاني، نمت في غرفة الجلوس وفي الصباح ذهبت للعمل، ولما عدت لم اجد احد
ولفت نظري ورقة ملصقة بمرآة مغسلة حمام غرفة النوم ( بكل اسف استعرنا بعض اثاث
البيت لتسديد قيمة اصلاح السيارة ونفقات الرحلة. غيداء ) ركضت بين غرف الشقة
المفقودات جهاز حاسب والتلفزيون في الصالة واجهزة هاتف مندسة في درج كمدين غرفة
النوم، وبعض ادوات المطبخ الكهربائية بما يعني مبلغ عشرين الف ريال؛ انهرت على احد
مقاعد غرفة الجلوس وبعد تفكير اتصلت على الهاتف الذي يحمله سائق السيارة المتعطلة
فكان مغلق؛ ورقم اخر وجدته في هاتفي اتصلت عليه المرأة ونحن في الطريق فوجدته ايضا
مغلق، وعلى رقم احتياطي استعمله عند السفر ضمن الجولات المسروقة رن حتى توقف،
اخبرت زوجتي بما حدث وضحك مني والدها عمي وباقي افراد الأسرة، ليقول احدهم انه
يعرف من يأتيه بأسم صاحب الهاتف المجهول للوصول الى هوية من سرقني، الرقمين باسم
واحد تم ايقافهم واستخراج البديل؛ نسيت الموضوع وعادت زوجتي بعد تجاوزها الام
الولادة، وبينما وهي تقوم بتنظيف غرفة الجلوس وجدت هاتف نقال مغلق بسبب طول المدة،
الجهاز مجهول والمكان الذي وجد فيه مكشوف؛ اعدت شحن بطارية الهاتف واخرجت شريحته
وادخلت شريحة هاتفي، ووجدت في ذاكرة الهاتف ارقام واسماء وفي الأستوديو بعض الصور
لأجد سيدتين لفت نظري جمال احداهن وعندها انفجر صمت زوجتي انها مزنه واختها غيداء،
واسترسلت زوجتي في الحديث عن غيداء زميلة الدراسة في القرية اتي تسمي نفسها سعاد
حسني الممثلة من خلال حراكها داخل المدرسة، ووالدها احد مدرسي المدرسة الوافدين من
الشام ورحيلهم بعد انتقال عمل والدها لمكان اخر، اتصل قريبي بعدما وصلته المعلومات
ليخبرني ان المعام يستقر بالرياض وابنته غيداء حصلت على الجنسية بعد زواجها بمواطن
وكذلك اختها مزنه انما هي بسبب تطلعها الأفضل تسبب في طلاقها ولتجد في احدهم شريك
في بحثها عن معاش امن ورفاه تقلد فيه من حولها. &
6
/ 10 / 1432
3
- المنزل تسكنه الرغبة
في
البدء هو حلم راودني ذات ليله، تفاصيله أنا في مكان غابت معالمه تركني احدهم مع
امرأة تخيلت أنها زوجته، تركنا ليحضر
العشاء وبعد دقائق رن جرس هاتف المرأة لتقول: المجنون نسي مفتاح السيارة، لما
وجدته أطلت من نافذة الغرفة التي نجلس فيها لتتبين معالمه حتى ترمي المفتاح.
هنا شعرت برغبة ملامسة مؤخرتها فوقفت بجوارها
وكفي بسكون تأخذ مكانها؛ لم تهتم بذلك كنا في الدور الثالث من عمارة تعج بالحركة
والسكان، ألقت المفتاح وأنا واصلت عبثي سكونها واستسلامها خلقا التوتر في داخلي، أحسست
بألم لاذع قطع أنفاسي.
غادرت المكان
( وأنا أهمهم يا لها من امرأة
بغيضة ) متناسيا أنني جئت للاتفاق على اخذ قريبة للرجل الذي شاركني برنامج تدريبي
انتهى وقمت بشراء سيارة جديدة بدلا عن سيارتي التي حضرت بها لأعود بها إلى الطائف.
في
الموعد كنت اقرع الباب، لما فتح انبثق عن سيده في منتصف العمر ، هي من سوف ترافقني
طريق العودة وفق طلب احدهم، في المنتصف توقفنا عند مقهى للمسافرين فأخذت غرفة حتى
نتناول العشاء.
فجر الحديث المتقطع كامن اشتركنا في إثارته وعلى
فراش الغرفة المترب اقتحمت وجودها عاجزا عن التنبؤ بالنهاية ونحن نتجاوز الشعور
بجموح وفق أحاسيس علاقة جديدة وكلمات مكبوتة تشق طريقها لاقتحام اللحظة، ولما
وصلنا انتظرت حتى ولجت المنزل الذي دلتني عليه، في اليوم الثالث جاء صوت قريبها
يسألني عنها أخبرته إننا وصلنا وإنني تمهلت حتى دخلت الدار التي وصفتها.
شعرت بالقلق وبعد تجوال وصلت للمكان كان الباب
مشرعا دخلت لم يكن هناك احد الغبار يعانق الجدران والتراب في كل مكان بعض الأبواب
في غير مكانها والمقاعد مغطاة بأكياس من البلاستيك.
جلت في الغرف وارتقيت الدرج إلى السطح في جانب
منه كوم أثاث مستعمل غطي بشراع من النايلون الأزرق، اتصلت برقم الهاتف المدون على
لوحة البيع، أفادني المجيب إن ملاك المبنى ورثة يقيمون في بريطانيا وهو معروض
للبيع منذ عام، لم اصدق فأخذت وصف مقر مكتب العقار.
وجدت المتحدث وأخبرته إنني منذ ثلاثة أيام أوصلت
سيده للمنزل عندما قرعت الباب فتحه طفل في العاشرة وطفلة في السادسة هللا مرحبين
بالسيدة وتعلقا بعنقها، استغرب قصتي وقال معلقا الورثة رجل وشقيقته وهم في لندن
ابتعثا للدراسة وطاب لهم المقام فلم يعودا منذ عشر سنوات والمنزل مهجور وعلى جداره
لوحة المكتب لطلب أصحابه عرضه للبيع بعد وفاة جدتهم العام الماضي، لم اصدق الحكاية
فاتصلت بهاتف الرجل الذي توسط لنقل السيدة فلم يرد، فكان أن اتصلت بمركز التدريب
بالرياض الذي أمضيت به أيام خمسة عبر برنامج رشحتني إدارتي للمشاركة فيه بعنوان
السكرتارية.
طلبت من موظف العلاقات العامة تزويدي بكشف
بأسماء وهواتف فرقتي في البرنامج، كان اسم زميل الدورة مدون عاودت الاتصال فرد علي
سألته عن سر المرأة التي شاركتني الطريق.
قال: لم يحدث هذا لأنه تمكن من الحجز لها على
الطائرة.
قلت: والمرأة التي شاركتني الطريق أنكر وهو
يتهمني بعدم الوعي، ذكرت رقم الشقة التي أخذتها منها.
قال: إن رقم شقته أربعة في الدور الأول وان
الشقة التي ذكرت رقمها في الدور الثاني.
ترقبت أن يتصل معتذرا غير إن ذلك لم يحدث، ولما
عدت لأوراق برنامج التدريب وعناوين زملاء الدورة كان مقر سكن الزميل خارج المدينة
التي التقينا بها، وانه لم يحضر الدورة لظروفه الصحية. &
29
/ 2 / 1433
4
- النسناس
ما
أن أعلن قاضي المحكمة القرار الذي توصلت له لجنة التحقيق بعد سنة من جمع الأدلة
ومقارنة الوقائع، بأن الموت جاء طبيعيا والانتحار يرجح في هذه الحالة إذ لم تؤدي
الأسئلة المطروحة إلى تأكيد الاغتيال.
هنا
صرحت كوثر باختصار للصحفيين إن موت زوجها جاء عبر مؤامرة لتصفية الحسابات بين أجنحة
قوى سياسية تخشى انفضاحها.
تمددت
كوثر في الفراش بعد حمام بارد وغفت لتستيقظ على كف تدعك ساقيها وتربت بهدوء وسكينة
على ظهرها فتحت جفنيها وبرزت معالمه في عتمة الغرفة سحبته واندس في أعماقها بجنونه
الذي يتحول إلى وجودية تدمرها، كل شيء فيه يعيد لها الحياة التي أهملتها منذ عشرة
أعوام ففقدت مباهج السماء بعدما فقدت القدرة على الاستمتاع بالحلم في ليلة رطبة.
في
غرفة الجلوس أخذت تقلب ملفا يضم معاملاتها المالية وجاء يحمل فنجان القهوة التي
اعتادتها منه وجلس بجوارها.
قالت:
هنا حسابات مكشوفة
قال:
ثلاثة تم إفراغها وتحويل مبالغها إلى أمريكا وسويسرا
قالت:
كيف
قال:
قبل موته بثمانية أشهر
عرفت
أن هناك تدني في الإيرادات وهنا اختلاف بين السجلات وكشوف باقي الحسابات، كما إن
المكتب الرئيس في لندن منذ هجرتها وزوجها لبريطانيا تدنى أداؤه إلى النصف. بعد
قيام السيدة شيهانه الهندية الأصل الطيف الذي تطابق بشغف مع ما يتعامل في أعماقها
والقرين الذي عرف الأشياء. بتقديم استقالتها منذ خمسة أعوام وانتقالها إلى أمريكا.
شيهانه
المدير الإداري والرئيس التنفيذي لمجموعة الشركات التي أسسها شريف وزوجته كوثر في
لندن، تنفذ عبرها بالتعميد المباشر أعمال حكومية سرية تناقشها الصحف بخجل بحثا عن
مصدر الثراء المفاجئ لابنة الرئيس المدللة وزوجها الغامض.
أغلقت
الملف وتركت كفيها على الطاولة تسللت كفه حتى ربضت على فخذها شيء فيها ارتعش
قاومته بالقيام، وقف قبالتها عرف إنها تريد منه المغادرة هم بحمل الملف أشارت
بتركه.
عادت
كوثر لتقليب الأوراق التي تجد فيها أصابع شيهانة؛ التي استطاعت كمخلوق شيطاني أن
تستولي على جسدها بما تملكه من شغف لبنات جنسها، ثم وجدتها كطائر مهول تقترب أكثر
من شريف الذي اقتنع بخبرتها فصعدت على حساب الآخرين.
صعود
شيهانه جعل شريف يسمح لها بتحويل فوائد معاملات مالية تقوم بها الشركة لحسابها
الخاص، ومع الوقت كانت ترصد قيمة بعض المعاملات في الحساب تهربا من الضرائب، ثم
عرفت كوثر إن شقة شيهانه تحولت إلى مكتب عبره تدير شيهانه شريف بحضور بعض الفتيات
واثنان من موظفي الشركة المحامي ومندوب مشتريات تخفي انه زوجها.
شعرت
كوثر بالإرهاق من التفكير في معرفة مصير الأرصدة النقدية المكشوفة وتدني الإيرادات،
ولم يمنعها هذا من استئجار محقق خاص للتجسس على شيهانه وشريف، فكانت صدمتها كبيرة
من خلال ما جاء في مظروف أرسله المحقق مع مندوبها الذي اختارته من بين طاقم الشركة
بعناية، جاءت مواساة المندوب مؤثرة وهو يشرح لها معاناته من سوء المعاملة.
هنا
وجدت كوثر في مندوبها وقد شعر برغبتها في من يشاركها ألمها برصد كل ما يدور، وتابع
عمليات الشركة فارق السن كان في صالح المندوب الذي استطاع بحيويته وثقافته
اللندنية ووسامته، أن يستأثر باهتمامها مما سارع في اقترابه أكثر.
والاثنان
في الفراش كان التخطيط لموت شريف وسقوطه من الشرفة في الدور الخامس ليرتطم برصيف
الشارع ثم تدهسه سيارة تفاجأ سائقها بالجثة أمامه، ولما حضرت الشرطة سلم نفسه وأفرج
عنه للحضور لإكمال التحقيق.
كوثر
جاء دورها إيصال صديقها للشقة، وانتظاره بدعوى إحضار أوراق تحتاجها كان شريف نائما
تنبه على جرس الباب كانت الرابعة مساء الخادمة تتسوق والولدين في رحلة مدرسية
والمربية تزور عائلتها، ساعده شريف في العثور على الأوراق واقترب من الشرفة لمعرفة
إن كوثر تنتظر انحنى للتأكد عندها دفعه بهدوء.
تمددت
كوثر في الكرسي المقابل للتلفزيون في غرفة الجلوس لم تهتم بالوقت، الولدين عند أسرة
والدهم في القاهرة التي غادرتها منذ عشرين عام داعب الوسن مقلتيها ولما تنبهت كان
الظلام مخيما والسكون حولها بدلت ملابسها واتصلت بالهاتف وجدته عن باب العمارة أخذها
إلى مطعم احد الفنادق وأقنعها بحجز غرفة.
في
اليوم الثالث وهما يغادران الفندق وجدت شيهانة أمامها في صالة الاستقبال، اقتربت
منها حدقت شيهانة التي تشتعل أناقة فيها ثم احتضنتها طبعت قبله على خدها الأيمن
والثانية على خدها ألأيسر هنا التقى جزء من شفتي الاثنتان وسرى تيار كهربائي في
الجسدين..
4
/ 8 / 1431
5
- النفق
جاء
صوته ينم عن قدر مرتفع من العصبية، تعلمت أن تقرأ نبراته حين يقف احد بينهم يبقى
قلقا عكر المزاج، شعرت أن كل شيء جافا وأن الأوضاع هذه المرة لن تسوى، احتجت وفي
الموعد المحدد لمواصلة النقاش لم يحضر.&
24
/ 10 / 1433
6
- الهيم
ونحن
نتناول العشاء ونتابع في التلفيزيون مباراة في كرة القدم بين فريقي المفضل وآخر ينافسه
بشراسة، طلبت مني شقيقتي تأمين خدمة لزميلتها في العمل ترددت في طلبها ، أوصلت
شقيقتي للعمل وتوجهت للجامعة حيث اعمل كموظف استقبال، بعد فشلي في الالتحاق
بالجامعة أو إحدى الكليات المتخصصة لتدني النسبة في الشهادة الثانوية، ومع انقضاء
يومي العملي أخذت شقيقتي من مقر عملها وفي الطريق شاركتنا زميلتها ليكون حديثنا عن
المساعدة المحددة ومعرفة منزل الزميلة.
في
الرابعة عصرا: كنت أقف بسيارتي أمام العمارة التي تسكن بها زميلة شقيقتي التي جاءت
مجللة بعباءة سوداء وقد رافقتها أخرى وطفلتين وتكوم الجميع في المقعد الخلفي عرفت أثناء
الطريق أن الخادمة والطفلتين سوف يبقيان عند أمها حتى تنتهي من شراء بعض احتياجها
من السوق.
لما
قبعت المشتريات في شنطة السيارة وعلى المقعد الخلفي، تابعتها بنظري لأجدها تقف أمام
الباب الأول ثم رفعت غطاء وجهها وقالت وهي تبتسم سوف اجلس بجوارك، أيقنت أنها وصلت
في اعترافها بوجودها الصفات المشتركة وقد طمست أيقونة قوة القهر.
عرفت إنها تعيد ترتيب شقتها وقد أوشك زوجها
المسافر في برنامج تدريب إلى القاهرة لمدة عشرة أيام على العودة، وان الزمن الذي
بقته وحيده، كان والدها يرعى شئونها مع إصرارها على البقاء مع طفلتيها والخادمة في
الشقة.
في
السادسة مساء: لم تتحدث عن الذهاب لمنزل والدتها واخذ الخادمة والطفلتين، ساعدنا
بواب العمارة في نقل المشتريات للشقة في الدور الثالث، وأنا ارتب المشتريات في
الصالة سمعت الباب يغلق بالمزلاج والنور يشتعل في أرجاء الشقة، لتطل داعية إلى شرب
الشاي في غرفة الجلوس بنطلونها ( الجينز ) يبرز مؤخرتها وقميصها القصير ( تيشيرت )
يعري جزء من جسدها المائل للسمرة.
في
السابعة ليلا: كان جلوسها في المقعد المقابل ولما فرغ كأسي قامت لتصب من الإبريق
ومع الانحناء تهدل صدرها ولمحت أني أركز نظري عليه، جلست بجواري في بقية المقعد
شعر رأسها الأسود الطويل ووجهها الغني بأصباغ خفيفة يشي بملاح جميله ابتسامتها وهي
تتحدث لفتت نظري، نهضت قالت أن والدها سوف يرسل ابنتيها والخادمة مع السائق وأنها
تريد رأي في فستان شرته.
في
الثامنة ليلا: ونحن في الممر أصرت على بقائي لتناول العشاء، في حوارنا بين ممانع
ومصرة كنا نقترب ونتلامس بعفوية وعند الباب وأمام المرآة الكبيرة ومزهرية تضم بعض
الزهور التصقت بها كان استسلامها وعدم مبالاتها مريبا، إنما تفاعلها فرض الهالة
السرية الأنثوية وعودتنا إلى غرفة الجلوس خلق الفضول في داخلي، ولم اشعر بمرور
الوقت ولما رن هاتفها كان والدها، قلت هامسا اخبريه انك في الطريق.
في
التاسعة ليلا: وصلنا لمنزل والدتها ولما عادت مع طفلتيها والخادمة، جلست بجواري ومع
مغادرة الجميع للسيارة رفعت كفها ملوحة بالشكر والتوديع؛ وفي طريق عودتي للمنزل رن
جرس هاتف لم تكن النغمة التي استعملها في هاتفي الجوال، كان جوالها ارتفعت ضحكتها
لأستعيد الوجه الأسمر وملامحه وقد رفت على الثغر ابتسامة صغيرة.
قالت:
أنها عن قصد تركت هاتفها كهدية منها لتحملي تصرفها وسرقتها لوقتي الذي قد أكون
بحاجة له.
ولتتصل حتى تخبرني إنني نبت أرض تنتمي لها
وأنني فعلت خيرا بمنع حدوث تلف في حياتها، بسبب صراع داخلي بين التعلق الأمن بما
هي عليه وعالم اقتحمته ذات يوم من خلال تعاويذ ورقى دجالة ومشعوذ، لما وقعت في
براثن الإحباط المهني بسبب مشاكل زوجيه وتبعية وخضوع مهين للمجهول، اختفى معه
الإحساس بالاضطراب لشعور مؤقت بالاطمئنان، وتشكرني لأني أعدتها للحياة من خلال زرع
الثقة بإعادة إنتاج الذات.&
18
/ 3 / 1433
7
- أيام الانتظار
بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة، فزت
ببعثة علمية إلى أمريكا وبعد سنوات عشر عدت وقد تغير كل شيء ومعه تبدلت قناعاتي؛
فعرفت أين أضع نفسي.
في
الواحدة بعد الظهر قال مدير مكتبي في مركز أبحاث الجامعة بالرياض، أن الصحفية التي
حدد موعدها مسبقا مع مصور الجريدة التي تعمل بها؛ ينتظران إذن الدخول.
وقد
اكتمل التصوير ومناقشة الأسئلة المطروحة للقاء الصحفي، وبعد تجرع رشفة من فنجال
الشاي
قالت:
هل تعرف فهد ولد مبروكة
قلت:
( مستفهما ) نعم. . !
قالت:
أسفه اسم والدك ولقب الأسرة يحمله ولد عمتي مبروكة
وتذكرت
فهد وإخوتي من أبي، وقد تشتت تجمع الأسرة، بعد وفاة والدي المتزوج من ثلاث أنجبن
البنين والبنات؛ أمي رحلت مع شقيقي إلى قرية زراعية شرق مدينة الطائف، ونجح في
مشروعه الزراعي وتربية الأغنام والبقية أخذتهم المدن الأخرى.
قلت:
وأنت
قالت:
أنا بنت خال فهد الصغرى والدي بعد تقاعده من العمل الحكومي اشتغل في التجارة
قلت:
( بدون وعي ) بنت زينب
قالت:
نعم
كانت
قد تجاوزت الثلاثين نامت مع أولادها الثلاثة وابنتها ( بسام تسع سنوات. فرح ثمان
سنوات. سطام خمس سنوات. ناصر ثلاث سنوات ) في غرفتي ليلة واحده؛ حتى عثر زوجها على
بيت مناسب في طرف الحي، سبب قدومها وعائلتها حضور زواج أخي الأكبر فهد ابن أخت
زوجها؛ وقضاء شهر إجازة من العمل للتمتع بصيف الطائف.
مع الحكومة ومن يجد في الطائف لحظة استرخاء؛ مع
نسمات الصيف المتعطرة بعبق الورد المتوهجة بتألق الزهور الصفراء، وبساتينها
ومزارعها وجبالها المكللة بالأشجار ورمانها وعنبها المميز؛ وسواقيها وأوديتها والبرشومي
النابت بدون رعاية، في سفوح الجبال وعقوم المزارع.
كنت
في السابعة عشر نحيل الجسد محدود التطلع تلميذا في المرحلة الثانوية، بعد استقرار
الأسرة في المنزل المستأجر لا ادري من أرسلني بشيء لا أتذكره بعد عصر يوم، الأب
والأم والأولاد يجلسون على الأرض المفروشة بحصير مخطط، وفي وسطهم براد الشاي وفصفص
ولوز سوداني وحمص مع كور الحلاوة الحمصية.
جاء جلوسي قبالتها ترتدي ثوبا فضفاضا ازرق قصير؛
لما تحركت تصب لي فنجان الشاي انحسر عن ركبتيها ولما عادت للجلوس انكشف باطن
فخذيها وبان سروالها الداخلي، رن جرس التلفون وردت الطفلة عليه وبصوت عال نادت
والدها.
لمحت ابتسامة خفيفة على وجه زينب؛ الأبيض المائل
للشقرة ولما التفتت ناحية مصدر الصوت تحرك شعرها القصير الناعم ثم انفرجت ركبتيها
لمزيد من مساحة العري وهي تنهض، وعرفت إن الإدارة العليا للجهة التي يعمل بها
زوجها تدعوه للحضور، وان سيارة المكتب في الطريق معها طلبت منه اخذ الأطفال إلى
بيت عمتهم ولما تتجهز وتبدل ملابسها؛ سوف تلحق بهم.
والجميع عند الباب دست في كفي ورقة عشرة ريالات
وطلبت همسا وهي تحدق في الباب المشرع، مطبق حبه مالح وحبتين حلوه؛ وإنها تنتظر ذلك
بعد صلاة المغرب.
استغرق
إحضار المطبق نصف ساعة، بعد الانتهاء من صلاة المغرب وفتح المحلات التجارية
والمطاعم في شارع عكاظ، لما قرعت الباب تأخرت في فتحه كانت بثوبها الواسع وبجسدها
شبه المكتنز وابتسامتها الصغيرة، تناولت المطبق ودعتني للدخول.
ولجنا غرفة جلوس العصرية؛ براد الشاي وقشور
الفصفص ومتناثر اللوز السوداني والحمص جلست وطلبت مني الجلوس وقبع المطبق بقرب
براد الشاي، سألتني عن دراستي وسبب نحولي وهل أنا مريض ولماذا شعر رأسي كث؛ كنت أجيب
باقتضاب وخجل.
والجميع
يستعد للسفر ونظرات أمي تتنقل بيني وبين زينب؛ وهاجس في داخلي يقول إن أمي عرفت أمر
لم تتأكد منه. . قالت: ( ايش ) رأيك نخطب فرح بنت عمتك زينب لك هزت زينب رأسها
موافقة، مما أربك أمي فاختفيت في غرفتي متخلصا من نظرات زوجتي والدي وبعض أفراد
الأسرة المشاركين في مراسيم الوداع.
زينب
مزقت عذريتي وحتى أتجاوز التغير انكببت على دراستي فتخرجت من الثانوية وسافرت
للدراسة، ولم أقاوم ما حولي كان اندماجي متوافقا مع نجاحي الدراسي الذي توجته
بالحصول على الماجستير وبسبب وفاة والدي عدت.
لم أفكر في إكمال مشروع الدكتوراه ومع إرهاق
وكثافة العمل أجلت التفكير في الدكتوراه إذ عملي وأبحاثي اكبر من وهج الدرجة العلمية.
أعددت
الإجابة المناسبة لكل سؤال مع إضافة سؤالين عن طبيعة المركز وانجازاته، وعن أسماء
المخترعين والمبدعين ممن عمل وتعاون مع المركز ونظام دعمهم، وحضر مصور الصحيفة
لأخذ الأوراق وإهدائي نسخة من الصور التي التقطها وفي اليوم الثاني جاء اتصالها
بموعد النشر.
وأنا أتصفح الجريدة بمكتبي رن جرس الهاتف كانت
الصحفية؛ تسألني عن انطباعي وهل إخراج الحوار بهذا الشكل لقي ارتياحي، وقبل أن
تغلق الهاتف قالت: خطيبتك فرح طلقت من سنه، وهي في انتظارك وقبل أن تسمع ردي أغلقت
الهاتف. &
16
/ 12 / 1433
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق