انبعاث الذاكرة
قصة قصيرة
محمد المنصور الشقحاء
على غير العادة جاء لقاء
الصديقات هذا الشهر بمطعم احد الفنادق، وأنا أتلفت حولي وصخبنا أحيانا يتجاوز
الطاولة التي نجلس حولها، لمحته انه العالم الذي عرفته وعشت فيه وشعرت بقشعريرة
تجتاح جسدي، خصلة بيضاء تلون شعر رأسه الكث وكذلك شعيرات بيضاء تخضب ذقنه الصغيرة.
استأذنت مرافقاتي الذهاب للحمام ومررت من جانبه
حتى أتأكد من حالتي، تابعني بنظره ولما عدت همس ( كيفك فاتن ) ولمحت ورقة بيضاء
صغيرة تتمدد بجوار كأس الماء المنتصب على طاولته، تسمرت في أعماق رؤية يوتوبية أعادتني
لزمن تجاوزته دقائق وأنا أحدق فيه ثم أخذت البطاقة ولما عدت لرفيقاتي دسستها في
حقيبتي.
في الواحدة صباحا وأنا افتح باب المنزل تذكرت
القصاصة فجلست على احد مقاعد الفناء واتصلت، كان ينتظرني غاب عشرون عاما نصفها في
السجن والنصف الأخر متجولا في بلاد الله بحثا عن الأمان، قلت كل شيء هو جزء منا
حتى النار وشيء لا يوجد هو السلوان، وان ناقشنا الثقافات والقيم وأثارها العميقة
في تصرفنا.
جاءت عودته منذ أيام بعد أن فشل في فهم كيفية
بلوغ المستقبل الحلم، وإقامته بالفندق مؤقتة حتى يرتب استقراره بعد خلاف مع بعض
أفراد أسرته، ونفور أقاربه منه على ارث من أبيه وأمه حتى تمكن من الحصول على منزل
الأسرة القديم، تذكرت كيف تسللت لغرفة السطح يقودني هدف المنفعة وقد غفي الجميع
كانت لمرة واحدة إنما الأعمق ولم استطع التخلص منها.
في اليوم الثالث وبعد أن أنزلني السائق بالسوق
التجاري الذي تعودت التسوق منه للبيت وبعد دقائق من الجلوس على احد مقاعد المقهى
الذي يستريح فيه رواد السوق من عناء التجول، تذكرت ضجيج روحي وقوة الإمساك بالمتعة
وانتزاعي بعنف لقمة اللحظة الأخيرة مشدودة إلى الأرض وريح عاتية تقتلع أشجار
الشوارع.
ركبت سيارة أجره وبعد ضياع بسبب تطاول المباني
واستحداث الشوارع وصلت كان المنزل منتصبا كما عنقاء تقاوم الزمن، قرعت الجرس ليفتح
الباب كان بملابسه الداخلية فانلة علاقي وسروال ابيض قصير، ابتسمت وأفكاري تبعث في
طعما لاذعا انتشرت على وجهه عذوبة ملائكية، حدق في ومد كفه ممسكا بكفي وسحبني
للداخل .&
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق