الجمعة، 14 أغسطس 2015

قصص قصيرة ( 14 )


قصص قصيرة   ( 14 )
محمد المنصور الشقحاء

الجميلة
في لحظة شغف، قالت بحنان: ليس من العدل أن تغضب منه، عندما ارتمت بجواره على مقعد سيارة الأجرة، وقد صممت كشف المسلح بالأخلاقيات الصارمة والعاطفة الرزينة.&


 استشارة
بعد ساعة من جلوسنا، نهضت قائله والثانية تبتسم: تعال أستشيرك  فيما جئت من اجله، ثم تركتني في الفراش لتأتي الثانية، ولما عدنا لغرفة الجلوس قامت ابنتها ذات السنوات العشر وأمسكت بكفي لتسحبني لغرفتها.&


جرح
جاء اللقاء مصادفة اثر قوله: لن تخسري اذا جرى بيننا نقاش صغير ممتع، فصممت ان تكون زميلتها معها، وهي تجلس خلف مكتبها في اليوم الثالث، تذكرت ان صديقتها من بدأ الحوار شعرت بجرح، ولما بحثت عنه عرفت انه رحل.&


حدث في حي الشرقية
من خلال انتظاره الطويل داخل السيارة لسيده، عرف تحركاتها معلمه تسكن مع والدتها ووالدها رجل الأعمال، من خلال إحدى سيدات منزل سيده، تسلل ذات ليله عبر السطح، ومع توغله وجدها ترقص على موسيقى هادئة في غرفتها، لما لمحته توقفت لم تقاوم اقترابه، بعد إقناعها والدها أصبح سائقها الخاص.&



لم يعد بالبيت احد. !

      في الليلة الأخيرة من ندوة في حراك عام بالرياض، وبعد الانتهاء من ورقتي والنقاش حولها، جاءت مرحبة بعد لقاء وحيد، اثر حوار بالهاتف في قضايا نشترك في حمل همها.
     ومعه عرفت أنها حتى الآن حامل بأهدافها ذات التداعيات الواعية، ولم تستطع مع عسف الأيام أن تحقق أي نقطة من أفكارها، وفي الفندق حيث أقيم تشاركنا فنجان قهوة، ورحبت بدعوتها لمواصلة الحوار بمنزلها.
     لم يكن بالبيت احد الهدوء يخيم على كل شيء، وفي الثانية بعد منتصف الليل كنت ارقد في غرفة الضيوف وهي في غرفتها حيث أن لديها عمل في الصباح ومكلفة بدراسة مشروع لم تفصح عنه، وان وعدتني بأخذ رأي حوله.
    في العاشرة صباحا تنبهت الغريزة المنذرة بالخطر على حركة وأصوات مختلطة، فتح باب الغرفة دخل رجل شرطه وثلاثة رجال كنت بملابسي الداخلية في الفراش فانلة علاقي بيضاء وسروال قصير، لبست ثوبي وتم سحبي من ذراعي لصالة الجلوس.
   هناك وجدت رجلا جالس على احد المقاعد، وامرأتين متحجبتين تقفان في زاوية الصالة، انصرف عني الجميع وقد اشار احدهم للمرأتين، وسبقهما مع الشرطي إلى درج الصعود للدور الأول، ليعود الرجل وهمس في إذن البقية بشيء معه الأنظار أرعبتني.
    فجاءه دخل البيت مجموعة أخرى، بملابس طبية ومعهم نقاله سبقهم احد الموجودين إلى الدرج، وبعد انتظار مرهق هبط الجميع بجثة صاحبة الدار، وفي مركز الشرطة وقعت محضر مداهمة أمنيه، على ضوء تبليغ عن جريمة أخلاقية.
    في اليوم الثالث من التوقيف علمت إن الوفاة طبيعية، كما عرفت أنها على خصام مع زوجها الذي هجر البيت منذ خمس سنوات لخلاف مالي، وان ابنها يعمل بسفارة في أوربا وابنتها بسبب زوجها ابن عمها؛ مقاطعة أمها لنشاطها الاجتماعي، وان السائق الذي أوصلنا للمنزل تجسس علينا وهو من بلغ زوج الابنة.
    وأنا انتظر صعود الطائرة عائدا للطائف، تذكرت لقاء جمعنا منذ عشر سنوات في شاليه بمنتزه على البحر، شاركنا العشاء شقيقتها الأصغر، بينما أشعة القمر تلامس موج البحر الهادئ، وتقاطع أحاديثنا.&&




التيه
قاومت الحصار بزواجها، مما أتاح لها تحقيق أهدافها، ولما مات عاتبها احد أولادها فعادت للسجن، تندب عمرها.&



ببساطة
كتلة ترتعد من شدة البرد كنت، ولما نفخ برقة على الرماد المتراكم، جاء الارتعاد بشكل أعمق وأقوى، غمغمت: لكن هذا مثل حياتي مجرد فعل زائف.&


سر العين
1 -
في اليوم الثالث على وفاته، طلبت من أسامة اصغر أولادها آخذها إلى قبر أبيه حتى تقرأ الفاتحة عليه، لما وقف ابنها بجوارها أمام القبر طلبت منه انتظارها في السيارة، جثت على ركبتيها ونادته ثم قالت: فيصل وفاتن وحمد عيالك وأسامة وميرفت ولديٍ.
2 - 1
 كنت قانعة بما كتب لي الله، لم احتج على غيابك المتكرر والطويل، ولم اعد أناقش رفضك أن أتوظف وأنا احمل شهادة جامعية في خدمة المجتمع أو أواصل دراستي الجامعية.
3 - 2
 لعلمك أنا الأديبة سر العين التي كتبت روايتين ومجموعة قصص قصيرة وديوان شعر، هذا سري وعالمي جنتي وناري الذي عشته بعيدا عنك معك، أبوح به الآن وأسامحك على كل ما كان.


4 -
وهي في السيارة عائده للمنزل سرح بها الخيال، فيصل مهندس وعنده ابنه في الرابعة من عمرها، وفاتن معلمة لغة انجليزية بمدرسة ثانوية وعندها طفل في الثانية من العمر، وحمد فضل العمل الدبلوماسي فالتحق بوزارة الخارجية برجاء العمل في إحدى السفارات، وأسامة في المستوى الأول جامعه كلية الطب،وميرفت طالبه في الثاني ثانوي.
5 -
لما دخلت الدار شعرت بأنفاس الجميع تجاهلت عيونهم، صعدت لغرفتها وبدلت ملابسها ثم اندمجت مع الجميع في الحوار والنقاش واستقبال المتأخرين من المعزين.
6 -
هو مدير مكتب رجل أعمال كون ثروته في القاهرة، ولما وجد شركاء استقر في الرياض، له مراكز تجارية في أنحاء العالم، يرافقه في رحلاته وغالبا يسافر لمتابعة انجاز بعض الصفقات التجارية، ومن خلال النسب المئوية المربحة من الصفقات كون رصيده المالي والاقتصادي في مبان سكنية استثمارية، عازلا أسرته التي أبعدها عن كل شيء مهيئا الراحة لكل فرد وان كانت كفه مغلولة في وجه مطالبهم.
7 -
عشقت القلم وتوسدت الورقة فنزف قلبها الدم حروفا وكلمات، وذات مساء كان صوته عبر الهاتف اعتذر عن الخطأ وشجعته على الحديث، مما كون نصها القصصي الأول لما توقف صوته.
8 -
 ومع ابتداء النص الثاني وهي تتجول في احد الأسواق لمحته يتابعها، لم تنفعل ولم تشعره بالترحيب، ووقف بجانبها أمام المحاسب هو حاملا مقتنياته وهي أيضا تحمل مقتنياتها، لفت نظر المحاسبة التشابه بين المقتنيات فنقلت نظرها بين الاثنين الصامتين وافتر وجهها عن ابتسامه، معها ضحك الاثنان.
9 -
وفي طريق الاثنين لمواقف السيارات اتفقا على لقاء آخر، جاء اللقاء حاملا زخم انفعال تراكم كلمات وسطور النص الثاني الذي تطاول مع الأيام من قصة قصيرة إلى رواية، تبادلا السرد حتى الصفحة المائة والثمانين الموشح بالنهاية ومعه خلقت أسامة.
10 -
عندها جاء اسم سر العين، وتواصلت عبر الهاتف مع دار نشر لبنانية فكانت روايتها ومجموعتها القصصية حديث بعض الصفحات الثقافية، وفي الأيام والشهور التالية كانت تتابع اثر وعيها الذي بثته داخل الصفحات منتشية إنها قالت شيئا من حزنها حتى تتجاوز الضياع الذي تكون في داخلها.
11 -
وجاءت روايتها الثانية أحداثها لم تتجاوز سور المنزل وسكانه وزائريه، خلال أربع وعشرين ساعة في مائتين وأربعين صفحة، كل عشر صفحات غنية بأحداث ساعة كاملة، فيها ثوان في أماكن متفرقة لاتصال هاتفي من الأب يسأل كما هي العادة عن الوضع، جاء البناء الفني والمعماري للرواية بعد طبعها مثار قلق النقاد.
12 -
ولما تخرج فيصل من الجامعة والتحق بالعمل كان التفكير في زوجه له، وأثناء البحث لفت نظرها وهي خارجه من منزل إحدى الأسر بعد مشاهدة ابنتها وتقارب الصفات المطلوبة، شاب يقف بجوار سيارتها أثار الرعشة في جسدها.
13 -
 قال السائق: ماما السيارة بنشر. فعلا كان احد عجلات السيارة مفرغا من الهواء هنا أبدى الشاب استعداده لتوصيلها لمنزلها، حدقت فيه مبتسمة وسبقها إلى سيارته.
14 -
في الطريق عرفت انه شاعر وأن له ديوان مطبوع، شاركته الحديث ولمست أن إحدى فتيات المنزل الذي زارته سكنت قلبه، وهي تترجل من السيارة قدم لها نسخة من ديوانه، ولما قلبته وهي تتابع أخبار التلفزيون في صالة الجلوس جاء رقم هاتفه.
15 -
بعد عشر صفحات من الديوان هاتفته كان ينتظرها فأخذت تناقشه في النص الذي وصلته، كانت تخريجاتها لبناء النص حارقه معه أرسل لها قبله عبر الهاتف، ومع تكرر الاتصال أصبحت شاعره لم تعرض نصوصها عليه وان وجدت فيه التمرد الذي سكن بعد إفراغها لجزء من حزنها فتجاوزت أزمة النقص وأيقظ حواس أرادت لها الكمون.
16 -
وهي في الفراش والعتمة تلفها وكل شيء في البيت ساكن، همهمت: أنا من لحم ودم ولمعت في الظلام عينيها، فأشعلت نور الغرفة تفقدت بقايا جسدها أمام مرآة دولاب الملابس. دخلت المطبخ وتجرعت كأس ماء من البرادة ثم جلست أمام التلفزيون، وهي تتابع أغنية صاخبة من فلم أجنبي اتصلت.
 قال: كنت انتظرك فتراكمت القصائد وخلقت ميرفت، التي مع انتقالها من المرحلة الابتدائية إلى المتوسطة جاء طبع ديوان الشعر.
17 - 3
وحيدة تصرفت ومع من حولي انشغلت من خلال الظاهر بأسرتي، وجاء موت زوجي لدمج الباطن بالظاهر، عشر سنوات ولم أصل لنقطة التقاء وان توسعت دائرة الأصدقاء من خلال عضويتي بمركز اجتماعي نشاط ثقافي ورياضي غني بلحظة تحد مع البعض في سباق ترفيهي نتجاوز الوحدة والضياع.
18 - 4
وذات ليلة وأنا اجلس في فناء المنزل أتأمل الفضاء، وندف من السحب تقترب من القمر لحجب أشعته، جاءت ابنتي فاتن لم تقاطع تأملي، ووضعت كفها على كفي المنبسطة على متكئ المقعد وهمست: وين وصلت سر العين.
19 - 5
 قامت من مقعدها جلست في حضني، طوقتها بذراعي أشم أنفاسها وانساب دمعي؛ فأخذت ابكي بصوت مرتفع.&





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق