السبت، 14 نوفمبر 2020

 

 الهَبَّات

قصة قصيرة

محمد الشقحاء

وجدتها أمامي وابنتها تجلس في مقعدي الذي اخترت بجوار النافذة.

نهضت واشارت للمقعد الذي يفصله الممر عرفت إنه مقعدها وامام أنظار المضيفة التي افتر وجهها عن ابتسامة تلبسني هدوء وساعدتني على ربط الحزام .

والطائرة في السماء عرفت انها استاذة جامعية تمكن زوجها عضو هيئة التدريس في جامعة اهليه من ايجاد عقد عمل لها فأخذت اجازه بدون راتب لمدة سنه.

وعرفت اني عائد لممارسة عملي بعد اجازة نقاهة من وعكة صحية تعرضت لها والجميع كان ينتظر موتي بسببها.

ونحن نتبع عربة العفش اخرجت من حقيبة يدها قصاصة ورق بيضاء كان رقم هاتف اتصلت عليه وتبادلت الحديث معه كان ينتظر خروجها عند بوابة صالة القدوم.

واصلت طريقي لموقف السيارات حيث تقف سيارتي  تذكرت قول تيد هوز ( وهو ينظر عن قرب في مرآة الشيطان رأى الغراب غشاوات الحضارات من الأبراج  والحدائق من الأبراج والحدائق ).

بعد عشرة أيام جاء صوتها تدعوني لحضور عيد ميلاد ابنتها الخامس وذات مساء جاء صوتها لتصحيح أخطاء مطبعية في نص شعري ارفقته الصحيفة بصورتي.

تحدثت كناقده وسألت هل أصدرت شيء وابدت استعدادها مراجعة نصوص ملف اعده كإصدار اول وان يقوم زوجها بكتابة تقديم لها.

في مقهى جاء اللقاء الأول بحضور زوجها وابنتها وأخرى وآخر كزملاء عمل حاملا اوراق  ملفي الادبي وقرص حاسب يحفظ مواده.

لم ينقطع تواصلنا وأبدت استعدادها تنسيق ملفي الشخصي في الحاسب ومعرفة ذائقتي في اقتناء الكتب جاءت بسيارة إحدى زميلاتها برفقة ابنتها.

السكون المخيم على شقتي وتناثر اوراق وكتب مكتبتي زرع الكثير من الاسئلة لتقول مرافقتها اين أفراد أسرتك وهي تحدق في صورة منتصبة على سطح مكتبي.

قلت: لم يعد لدي اسره

قالت: كيف

قلت: رحل الجميع

ومع احتفالي بصدور ديواني الأول جاءت مباركة ودعوتها لفنجان قهوة في احد مقاهي معرض الكتاب عرفت انها مسافرة لشأن عائلي لمدة أسبوع.

ولما جاءت الساعة الثانية عشر ظهرا ولأخذ خلوة لجمع شتات أفكاري استعداد لندوة حول ديواني رتبها الناشر بعد اصرار مني.

وجدتها راقدة في فراشي جلست على طرف الفراش وربضت كفي على وركها تنبهت متحركة كل شيء فيها يبكي.

قالت: لقد طردني

قلت: من

قالت:  خطف ابنتي

شك أن أحد طلابه على علاقة بي ولم يقتنع بدفاعي أخذ ابنتي وطلب من اخته المتزوجة والمقيمة في الرياض برعايتها حتى يسوي أوضاعه.

قلت: وانت

قالت: هذه الليلة مسافرة هل توصلني للمطار

قلت: عندي ندوه

قالت: ارافقك رحلتي بعد منتصف الليل

تذكرت جمله مكتوبة على احد الجدران التي امر بها كل يوم ( ما نفع تفهم الناس غير الجديرين لذلك ).

جلست بجوار زميلتها التي شاركتنا العشاء وأصرت على توديع المسافرة حتى المطار، شريت لها من احد متاجر المطار جهاز هاتف نقال وشريحة مؤقته مدفوعة الرسوم وفي طريق العودة وبعد مكالمة هاتفية.

قالت: ابات عندك

قلت: كيف

قالت: اخاف انام لوحدي اخي مسافر ليشارك في مناقشة رسالة ماجستير في جامعة بجده.

 

 

3 – 11 – 2020

 

 

 

 

 

الجامعة

قصة قصيرة

محمد الشقحاء

جاء والدك للعمل كمصحح في مجلة شهريه تصدرها إحدى المؤسسات الحكومية.

وجاءت والدتك بعد عام هو اهتم بقلمه كموظف ومبدع وهي اهتمت بجسدها كزوجه ومبدعه.

وانا جئت كزميل عمل لوالدك وصديق للأسرة فقدت زوجتي بسبب خطأ ارتكبته بغير قصد فأخذت ابني امها.

ثرثرة امك وصمت والدك وملاحظاته المختصرة غيرت مسار حياتي اصبحت رجل اعمال من اجل إبني وشاعر يخلق عالمه بدعم والدتك.

انت في الرابعة من العمر ولانشغال والدك بطريقه واهتمام والدتك بمسارها توليت من خلال سكرتيري تعليمك انت واخوتك الثلاثة.

لم اتوقع ان يكون بحثك لنيل درجة الماجستير لتجربتي الشعرية عبر تناولك لكتاب والدك الذي حاول فيه اكتشاف قاموس مفرداته والتعالق مع أطياف عالمه.

لم يحفزني والدك لحضور المناقشة ولم أجد في ثرثرة والدتك شيء يجذب ذلك وإن حرصت قبل يوم من سفرهم ان توفر ما يعوض غيابها الذي قد يطول بسبب تعرض والدك لحادث سير معه اصبحت حركته وتنقله بكرسي متحرك.

إنما جاء اتصالك وثرثرتك حافز للحضور جاء وصولي قبل المناقشة بساعات وسمعت اسمي يتكرر في مذياع المنصة ولما أعلنت النتيجة .

تلفت ابحث عن والدك ووالدتك وارشدني لمكانهم سيرك بين بين الحضور كان والدك بدون مقعد متحرك وكانت والدتك متوهجة.

احتضنتك مباركا وتجاوزت ثرثرة والدتك ثرثرتك كانت كفها تتحرك على ظهري ثم تمسك بكفي ضاغطة لتغادر مع والدك وتتركك لي لنحتفل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اللعبة

قصة قصيرة

محمد الشقحاء

 

هي عشبة عطرية متنقله هكذا وصفتها والدتي ذات يوم.

وانا وجدت فيها الأنثى الجموح التي خلقت جسدها الممشوق لتتجاوز به عقبات الحياة.

وجيرانها وزميلاتها في العمل يتذكرونها بصفة ام البنات إذ لم تخلف سوى بنتين اعتنت بهما حتى رحلت كل واحده مع زوجها.

ولما تقاعدت من العمل فتحت بوتيك بأحد المراكز التجارية لتشغل وقتها الذي تتحكم فيه منذ شعرت بوجودها وانا في العاشرة من العمر.

لما عدت من غربة للدراسة تجاوزت عشر سنوات وأثناء لملمت ما تناثر من حياتي اعدت ترتيب غرف منزل من دورين ليتوافق مع عزلتي.

وانا اتجول في الشوارع والاسواق بحثا عن ايامي المتساقطة.

 قال: أمام مسجد الحي هل في نيتك تأجير منزلك

قلت: بعفوية نعم الدور الأول.

 لأجدها امامي بعد غياب لم احسبه عشبة عطرية تحمل كل الروائح.

بعد شهر من سكناها اكتشفت انها تعيش وحيده بعد رحيل بنتيها وسجن زوجها في عدة قضايا جنائية ومدنية.

كانت تقرع الباب الداخلي الفاصل بين الدور الأرضي الذي اسكن والدور الأول الذي تستأجر.

هذه المرة وجدتها برائحة واحده قوامها المتماسك تهالك على مقعد بغرفة الجلوس.

قالت: خرج من السجن واختفى

قلت: من

قالت: زوجي أبو بناتي منذ ثلاثة أيام

قلت: كيف عرفتي

قالت: في زيارتي المعتادة اخبرني أحد موظفي السجن بذلك

قلت: قد يكون ذهب لإحدى بناته

هزت رأسها نافية ونهضت مغادرة لم اغلق الباب بالمفتاح ومارست حياتي اليومية وقد نجحت في الالتحاق بعمل مكتبي بإحدى الشركات.

لأجدها راقده على مقعد بغرفة الجلوس شاركتني الغداء وصنعت كوبي شاي تحدثت عن غياب بنتيها وركود السوق وشعورها بالضياع واحساسها بالنهاية.

امسكت بكفها وسحبتها الى غرفة النوم تمددت في الفراش وجلست على طرفه واصلت حديثها اختفت رائحتها العطرية وهمد صوتها غفت قمت بتغطيتها باللحاف.

عدت لغرفة الجلوس اتابع احداث العالم في التلفزيون لم يلفت انتباهي شيء ومع ارتفاع أذان الفجر دب النوم في مفاصلي.

ولما تنبهت على جرس المنبه وجدتني متمدد لوحدي بالفراش.

 

13 – 11 – 2020

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق