قصص قصيرة ( 17 )
محمد المنصور الشقحاء - الرياض
شفرة الكون
والده زميل عمل بالرياض
ورحلتي بتكليف من إدارتي للتعاقد مع موظفين جدد، جاء للفندق ترافقه زوجته تبادلنا
الحديث على طاولة العشاء، وأبدى استعداده مساعدتي في انجاز مهمتي في التاسعة ليلا استأذن
بسبب عمله؛ تاركا زوجته لتكملة النقاش.&
ثمالة زمن
وأنا أتأمل الأفق وقد تناثر
حولي أفراد آسرتي بحثا عن الأمان خارج مدينة الرياض، جاء صوتها تنشد أبياتا
تشاركنا نظمها وقد هربنا ذات مساء إلى الهدى حيث أخفتنا أشجارها عن العيون، وقبل فتح
باب المنزل رن جرس هاتفي وقال بعد التأكد من اسمي أميمة هذا الصباح ماتت.&
عندما غاب الأفق
وقبل أن أقول شيئاً في اللقاء
الأول بمقهى في شارع ألتحليه؛ رن هاتفه حدق في وهو يقف ثم غادر الطاولة التي
تضمنا، غيوم الحزن تراكمت في الصباح وأنا وزميلاتي بالعمل نطالع أخبار الرياضة في
جريدة الرياض، جاء اسمه متصدرا نعيا على صفحة كاملة لوفاة رجل أعمال كان سببا في
موت والدي منذ عشر سنوات.&
نزف حلم
ذابت في جسده لما آتوا من
فجاج المدن البعيدة، لمشاهدة رقصها وتلوي جسدها، على جمرته راهنت، وفي آخر وهج في
دم العنفوان اختفى وحيدا.&
فتنة الأصدقاء
بعد ثلاثة عقود جاء لقاء عابر
في حفل زواج ابني البكر الذي كنت احلم أن تكون أمه، لكن سؤال احد الأصدقاء ونحن
نقضي بعض الوقت في مقهى بطريق ديراب ( لماذا جاءت والدتك برفقة أخيك ) قلت:
لمشاورتي في خطوبة ابنة احد الأقارب، قال: بثينه .! قلت: ( لاإراديا ) نعم. افتر
ثغره عن ابتسامة صغيرة ونهض من مجلسه وهو يهمهم ( لا تصلح لك يا صديقي ) واختفى
بين مقاعد المقهى.&
طائر الفردوس
بعد تخرجي من الثانوية وحتى
لا أغادر الطائف وحتى لا تبقى قلقة على
ابنها البكر، التحقت بالعمل في إدارة حكومية يرأسها احد أقارب والدتي كموظف على
بند التشغيل، حتى تتم موافقة الوزارة بالرياض على التعيين الرسمي.
غير إن أمي لم تفرح طويلا
ببقائي إذ توفت اثر وعكة صحية عارضة، معها شعرت أن إخوتي من أمي ووالدهم يرون
بقائي يزعجهم، بينما المنزل الذي نقيم فيه املكه معها بالشراكة من ارث حصلنا عليه
من أسرة والدي، الذي طلق أمي وأنا في الرابعة.
عرف مدير الإدارة بمستجدات
حياتي فسرع طلب تثبيتي على وظيفة استقال صاحبها، مطالبها تتفق مع مؤهلي وخبرتي
العملية، وأكد علي أن أقاوم العواصف والرياح الباردة، غير انه بعد عام من صدور
قرار تثبيتي كموظف رسمي جاء تقاعده وتعين مدير جديد للإدارة.
وبما إن المدير الجديد من
خارج مدينة الطائف، فقد وجد في المساعد الذي يثق فيه لترتيب إقامته، أقام في
الفندق ثلاثة أشهر حتى تمكن من استئجار فيلا في حي الشرقية، تابعت تأثيثها وطلب
مني استقبال زوجته وأولاده الثلاثة بالمطار لانشغاله بمناسبة رسمية يرعاها أمير
الطائف ويشرفها الوزير.
في التاسعة ليلا كنت انتظر
بالمطار، وقد تأكدت من لوحة الرحلات أن رحلة العائلة في موعدها، لمحت الزوجة وقد
تلفعت بالسواد وبرفقتها ولدين وبنت تتفاوت أعمارهم بين العاشرة والرابعة، تجاوزت
ارتباكي رفعت صوتي مناديا باسم المدير لتركض نحوي الطفلة ثم الولدين واقتربت
المرأة.
لم يكن هنا عفش زائد وفي
العربة كانت المرأة تجلس خلفي، كلما حدقت في المرآة لسلامة الطريق كنت أجدها
أمامي، طرح اكبر الولدين بعض الأسئلة لمعرفة معالم الطريق، بينما الثاني كان صامتا
والطفلة ذات السنوات الست الجالسة بجوار أمها تحدق في كلما تكلمت وقد فتر ثغرها عن
ابتسامة صغيرة.
فتحت باب المدخل ثم فتحت
الباب الداخلي للفلا وعدت للوقوف بجوار السيارة، ترجل الجميع ووضعت في الفناء
العفش وأغلقت باب الفناء، وأنا أهم بالتحرك فتح الباب كان الولد الأكبر تريثت
وفتحت زجاج باب السيارة الجانبي، قال بصوت خافت ( جيعانين نبغى عشاء ) طلبت منه
مرافقتي، دخل مستأذنا وتركته يختار المناسب.
اتفقت مع إخوتي من أمي
ووالدهم على بيع المنزل، واشعرنا احد مكاتب العقار بذلك وبعد عشرة أيام طلب مني
صاحب المكتب مقابلته ووجدت زوج أمي وعرفت انه يرغب في شراء نصيبي بشرط أن أتنازل
عن ارثي في نصيب والدتي، وبعد جدال لمعرفة المبلغ الذي وصل إليه ثمن المنزل، طلب
مني صاحب المكتب التفكير.
يبدو انه يجب علي إزالة معالم
الحزن ( الهوة السحيقة الممتدة حتى النجوم ) الذي تلبسني بعد رحيل أمي، كيف لي أن
الغي هذه الحالة التي تشاركني كل خطوة منذ خمس سنوات، مكبلة خطواتي داخل سور
الطائف متخيلا إن هناك حقول ألغام تترصد خطوات الرحيل.
وجاء اتصال صاحب المكتب كان
حديثه ودودا وصادق كان يعرف حسب خبرته في السوق العقارية، أن المبلغ الذي سوف أخذه
بعد بيع المنزل يمكنني من شراء شقة بأحد المباني الحديثة، إضافة إلى أن موافقتي
تعد صلة رحم وصدقة؛ يسعد أمي في قبرها وقد وفرت الأمان لأخوتي.
هل كان الموت جزءا من متاعنا،
تأملت هذا وأنا اجلس مع الأصدقاء في المقهى وقد تخيلته يجلس مع أمي في الزاوية
المقابلة من المقهى، كانت أمي تتحدث وكنت اسمعها تقول شارحة ( سعادتك تجعل الفراش
طريا . حيث تأكل الدببة البرية من أيدي الصغار ) وكان بين وقت وأخر يلتفت محدقا
في، ولما نهضنا قررت الاقتراب منها لأكتشف أن الزاوية فارغة وان خيالي يساعدني على
اجتياز الطريق.
رايته في متاهة أحلام
الفردوس، طلب مني المدير وهو قد اعتاد تكليفي ببعض المهام الخاصة إحضار زوجته من
حفل زواج تحضره، كانت الثالثة صباحا تفتح باب السيارة لتجلس في المقعد المجاور،
رفعت غطاء وجهها وسحبت وهي تتخلص من العباءة مناديل ورقية أخذت تزيل أصباغ وجهها
وتمسح عرق صدرها.
لمحتها تتخلى عن جزمتها ثم
رفعت طرف فستانها حتى ركبتيها، لتتمكن من التخلص من الشراب الحريري اللدن، ولما
سكنت قالت بصوت خافت ( أنا عطشى ) غيرت طريقي متجها إلى الهدى قاصدا محطة بترول
اعرف إن المقهى والمطعم وبقالتها تستمر في السهر، وقمت بشراء قنينة ماء وقنينتي
عصير ليمون، شربت جزء من قنينة الماء وسكبت الباقي على صدرها.
غادرت السيارة حافية القدمين
فتحت باب الفناء ودخلت تاركة العباءة وحقيبة يدها، ترجلت من السيارة حاملا الحقيبة
والعباءة، كانت تنتظرني على باب الفيلا لوحت بكفها حتى أغلق باب الفناء وتبعتها في
غرفتها طلبت مني مساعدتها على التخلص من فستانها.
ارتدت ثوب نوم شفاف وجلست على
مقعد التسريحة، طلبت مني ( تهميز كتفيها ) التقت نظراتنا في المرآة أغمضت عينيها
بعض الوقت، ولما فتحتها سحبتني وأجلستني على فخذيها وأخذت تلعق عنقي ثم زرعت قبلة
طويلة على فمي.
أخيرا وجدت بصيص نور في قناع
روحي المتعب وامتدت يد الله شاقة صدري لتغسل قلبي من غضبه، شعرت بحرارة جسدها
العالم كله هنا حيث أنا الآن تتجمع قطعي المحترقة وعرفت إن الروح عائدة ( كنت بحاجة إلى محيط ودود ) وأنا اصعد وحولي
نسمة ريح مبللة بقطرات مطر.
في العاشرة صباحا تنبهت تذكرت
العمل وتأخري تجاوزت القلق والخوف الذين حطا فجأة في أعماقي، وجدتها في صالة
الجلوس أمسكت بكفي وهي تهمس ( الفطور زاهب ) جلست قبالتي صمتها يشعرني انه لم يحدث
شيء وعند الباب ( اكتشفت أنها الكمال الذي ابحث عنه ) ودعتني بضغطة خفيفة على كفي.
تتعمق الوحدة وان تفرقت السحب
السوداء، الوساوس تمزق نفسها ببطء تذوب في لحظات اليقين، مواصلا الطيران عاليا مع
الحلم والأوهام البعيدة انتقل من شجرة إلى شجرة تجذبني الغصون المزهرة ( يا أماه
ابعثي لي الحب ) حتى أتجاوز الرطوبة القاسية التي تحيط بي.
في المقهى وقبل أن يصل
الأصدقاء انطلقت فكرة التمرد على ذاتي، جاء النادل يشع بياضا وهو يقدم طلباتي، حدق
في وقال ( الليلة لن يأتي احد ) وغادر لم ينتظر استفهامي، حولي هبوب مطر خفيف
ارتفع معه حفيف أشجار المكان سمعتها تقول ( اطلب كأس ماء ) كانت أمي تجلس بالكرسي
الملاصق لمقعدي وكان النادل المشع بياضا يناولها الكأس.
جسدها الغض بدا أكثر رشاقة في
ثوبها المخملي الأسود، غدت سيدة مكتملة واثقة من تصرفها حريصة على احترام موقفها
ختمت حديثها ( ولدي لك مطلق الحرية بالرحيل سوف أجدك أينما تستقر ) ونهضت شاركها
النادل المشع بياضا السير، حاولت اللحاق بهم غير أن قدوم اثنين من الأصدقاء
أعاقني.
طلب مني مدير الإدارة الحضور
لمكتبه، لما دخلت أمر مدير مكتبه إغلاق الباب، كنت واقفا حدق في ثم سحب ورقة من
ملف أمامه على المكتب، مدها لي وطلب مني الجلوس لقرأتها قال ( هذه خيارات مدن أخرى
للنقل ) قلت ( مبروك ) قال ( اخترت المكان المناسب بشرط أن تكون معي ) أحسست بألم
لاذع وارتعاشه قوية تهز جسدي.&
خطوط قوس قزح
في شارعي المعتم وبحذر وجدت
مكان لسيارتي ليس بعيدا عن المنزل القديم الذي استأجره منذ ثلاثة أشهر بالقرب من
مستشفى الشميسي منذ تم نقلي على ضوء ترقية في الوظيفة مقرها الوزارة بالرياض.
الساعة الواحدة بعد منتصف
الليل كنت راجعا من حفل عشاء أقامه الزملاء بالمكتب الذي اعمل فيه مساعدا لمديره
بأحدى خيام منتزه الرمال، ولما حاذيت باب المنزل سمعت احدهم يقول ( أنت.. أنت..
أنت ) تلفت حولي ولمحتها بباب موارب طفلة غابت معالمها.
اقتربت وجلا ومعالمها تتضح
وجه ابيض مستدير وشعر اسود قصير ناعم خصلة منه تغطي جبينها وثوب قطني ابيض بخطوط
قوس قزح انسدل حتى ركبتيها ولما وقفت بادرتني ( كنا ننتظرك ) تجاوزت الممر المظلم
وقد تسلل الضوء من أبواب مشرعة.
سبقتني إلى باب في الجهة
اليمنى لأجد سيدة تقتعد كنبة مزجودة قامت لما لمحتني ومدت كفها مسلمة، بيضاء رشيقة
القوام شعرها الأسود منسدلا بحرية ترتدي ثوبا ابيض تتراقص مع تعرجاته ألوان قوس
قزح.
عرفت أنها لمحتني مصادفة
وعرفت إني غريب ووافد على الحي ولما تكررت المشاهدة قررت دعوتي للعشاء والتعارف،
الهدوء والسكينة يدل أن لا احد هناك والطفلة الساكنة بالمقعد المقابل تتابع
حوارنا، وقد أحضرت جيك ماء بارد وجالون صغير لعصير فواكه مشكل سكبت كأس لي وآخر
للمرأة.
مسحت رأسي بكفها وقالت ( هل
تنام عندنا ) وهي تردد ( تفضل .. تفضل ) تبعتها لتفتح باب غرفة عبقة الرائحة
والضوء الخافت يخفي ألوان أثاثها، كل جزء من جسدها يدعكني ولما هدأت ثائرتها وقفت
بجوار الفراش لتخلع ثوبها، شعرت ببرود جسدها وعنفوان حركتها وهي تأخذني إلى مغارات
جسد اجهل معالمه وحقيقته، فكل ما اركض معه نزوات جربت بعضها إنما لم أصل إلى
الحالة التي الآن أعيشها.
فتح باب الغرفة الموارب كانت
الطفلة؛ معه همست المرأة في إذني ( جاءت لتأخذ نصيبها ) لم افهم العبارة حتى دارت
حول الفراش، لتمد كفيها لملامسة جسدي أنفاسها تلفح عنقي وشفتيها تزرع قبلات صغيرة
على ظهري، ولما لامست كفي مؤخرتها سكن حراكها وانفجرت ضاحكة.
نمنا في الفراش ومع السكون
المحيط بالمكان وعلى ضوء الشمس تنبهت؛ لم يكن هناك احد كنت أنام على فراش ممزق
ممدد على الأرض، في غرفة جدرانها ملطخة بالسواد، المكان متداعي ومهجور وأثار
الخراب في كل مكان، عند الباب وجدت سيارتي وأنا أدير المحرك، قال: رجل بملابس رثة
وقف بجواري بعد إلقاء تحية الصباح ( عسا ك تبي تشتري البيت ) هززت رأسي وأنا أتطلع
في ساعتي كانت العاشرة والنصف.&
السائق الياس
لم يعد هناك مكان للقلق وأنا
في طريقي للمطار في رحلة عمل وقد غمرني إحساسا مليئا بالأمل، جاء حديث سائق
التاكسي الأسيوي غريبا وحتى أتأكد من صحته طلبت رقم جواله للتواصل عند عودتي، خلى
المنزل من الجميع وتلبسني معه رطوبة قاسية تسكن أعماقي وبقيت أتابع إكمال أوراق
تقاعدي من العمل، كان السائق الأسيوي ينتظر اثر حديثه وهو يتكفل بتوصيلي لمقر
عملي.
امن السائق الذي عرفت إن اسمه
الياس من أول اتصال عاملة منزل وقال وهو يناقش راتبها ( جربها ) الواقع شكل صدمة
قاسية خسارتها غير مأمونة، في عطلة نهاية الأسبوع وفي اليوم الرابع من دخول خديجة
المنزل وأول يومي عطلة نهاية الأسبوع، صحوت على حركتها بالمطبخ تقلبت في الفراش
اطرد الكسل باحثا عن ومضات الصحو.
نزلت الدرج واتجهت للمطبخ
كانت خديجة بحابسة الصدر وبنطلون جينز يبرز مكونات جسدها الأبنوسي إلا انه رشيق
ومفعم بالحيوية، جلست على احد كراسي طاولة الأكل وقد تعددت أطباق الفطور إذ الساعة
التاسعة صباحا، وأنا أتناول بعض اللقيمات دعوتها للمشاركة تمنعت بصمت وغادرت
المطبخ.
عدت لغرفة النوم إذ لاشيء
يدعوني للخروج ولم اهتم بتشغيل التلفزيون، سمعت نقرا خفيفا على الباب الذي فتح
كانت خديجة، التي اتجهت للحمام لتعده حتى استحم واستعد لصلاة الجمعة.
وفي الثانية بعد الظهر كنت
اجلس وحيدا على طاولة الأكل، منذ عام وحيدا جاء الترفع لمرتبة أعلا وبمسمى قيادي
في المركز الرئيس غير أن زوجتي وابني بقيا في الطائف واجل مدير عام الشئون المالية
والإدارية ندبي وقد تم التنسيق حوله مع مدير الفرع الذي اعمل به كمدير مالي.
ومعه بعد ثمانية أشهر قررت
الاستقالة من العمل الحكومي فخبرتي الإدارية والمالية مطلوبة في المؤسسات والشركات
الأهلية، ومعها عرفت أن التحفظ جاء من اكتشاف اختلاس ورشوة وفقد مستندات مالية
لأعمال تابعة لقسم المشاريع بالرياض ورد فيها اسم احد كبار موظفي المركز، وعلي
الانتظار والتفكير مليا في إكمال إجراء استقالتي.
في الثامنة ليلا جاء السائق
الياس لأخذ خديجة كما هو متفق لساعات العمل، وفي السابعة صباحا جرس الباب قرع كان
الياس وخديجة وأخرى؛ في صالة الجلوس عرفت أن خديجة طلبت الأخرى لتقوم بالتنظيف
وغسل الملابس وهي تعد الأكل وتعمل الشاي والقهوة وتجهز العشاء قبل المغادرة.
طلب الياس أجرة الأيام التي
عملتها خديجة وأجرة يوم للعاملة الثانية، استسلمت للتأمل في آمر لم استطع تغييره
من خلال تأمل بعيد ويائس، وبعد تناول الغداء وشرب الشاي في صالة الجلوس متابعا
مباراة كرة قدم في الدوري الأوربي، لمحت خديجة تقف بباب المطبخ خلفي تتابع
المباراة، دعوتها للجلوس ومع نهاية الشوط الأول نهضت تابعتها تصعد الدرج وبعد
دقائق كانت تهبط والعاملة الثانية.
انتهت المباراة وواصلت تأملي
وهناك من يحلل المباراة مع لقطات منها، مذكرا بالمباراة التالية بعد ساعة وانتظار
المجهول يضايقني تخيلت أني الآن ميت وقد اختفى الضجيج الذي يرافق تحركي واني اغرق
في الظلام، وانتزعني بعنف صوت طلال مداح يردد أغنية تشعرني بالسكون فأغمضت عيني في
حلم غابت ملامحه.
تنبهت على صوت خديجة وهي تطلب
مني السماح لمرافقتها بالرقص، ابتسمت فربتت على كتفي ثم جلست على الأرض عند قدمي
تتابع رفيقتها وكفيها ينهبان بحركة لم استوعبها ساقي وفخذي المغطيان بثوب النوم
الواسع واللدن.
اتصل السائق الياس في العاشرة
ليلا يعتذر عن إحضار خديجة في الصباح وان هناك من سوف يحضر الأخرى، جاء يوم الأحد
مزدحما بالعمل معه تأخرت للرابعة عصرا ولما دخلت المنزل شعرت بالفراغ توجهت للمطبخ كان الغداء على طاولة الأكل فصعدت
لغرفتي أبدل ملابسي، كانت الأخرى راقدة في الفراش.
أخذت أتأمل جسدها الراقد على
جانبه الأيسر، تنفسها مرتفع ويتخلله شخير متقطع يملا فضاء الغرفة السابحة في ضوء
حاد، بدلت ملابسي وأنا أهمهم ( لا شيء يبقى سوى الذكريات ) تركت الباب مفتوحا وعدت
للمطبخ وطاولة الطعام وجلست أمام التلفزيون في صالة الجلوس لتهبط وقد تبعثر شعر
رأسها مرتدية ثوب نوم قصير أتذكر انه لزوجتي كاشفا جسد يمكن احتواؤه بطرفة عين.
دخلت المطبخ وعادت تحمل براد
الشاي وكأس ماء مثلج بعد وضعها أمامي انحنت تقبل رأسي وهي تهنهن بكلمات لم افهمها،
أمسكت بكفها أتأمل صدرها المتهدل عبر فتحة الثوب الواسعة وشعرها الأشعث، أخذت اضحك
انهارت في حضني كل شيء فيها يرتعش؛ تنبهت ومؤذن المسجد المقابل لمنزلي يقيم
الصلاة.
كنت مثل ناج يسبح خارجا من
سفينة غارقة إنما تخيل موج البحر أشجار تتسلق منحدرا تبدو كأنها الطمأنينة التي
فقدتها، بعد لحظات من الصمت تلفت حولي واحدهم يقول بصوت رقيق وخافت ( كل هذا سيكون
مطمئنناً ) العتمة تحيط بي والتلفزيون مغلق أشعلت النور وأنا اصعد الدرج وجدت
زوجتي في رأس السلم تبسمت وأمسكت بكفي.&
السقوط
يثرثر في بعض من سهراته مع
الأصدقاء عن انتصاراته؛ وفي اليوم العاشر على وفاتها عثر وهو يعيد ترتيب غرفة
النوم على دفتر مذكراتها، عرف أن أولاده الأربعة وبناته الثلاث نتاج علاقات خاصة،
في العاشرة اقتحم عيادة ابنه البكر بالمستشفى العام؛ الذي استدعاه الممرض من
اجتماع يشارك فيه جاء راكضا ليجده ميتا.&
المسبح
الموت منذ كنت في الرابعة من
العمر يسير معي؛ والليلة اختفى تلفت حولي علي المحه على إحدى طاولات المطعم؛ بعد
انتهاءنا أنا وزوجتي من إكمال فنجان القهوة، أمسكت بكفي وسحبتني خلفها عند الباب
كان ينتظرنا بسيارته، غادرنا المدينة إلى ضاحية زراعية ولجنا مزرعة سياجها مرتفعا
واندغمنا في ممرات زراعية، وبمحاذاة المسبح وقفت السيارة زوجتي بعد فتحها لباب
السيارة تجردت من ملابسها وقفزت عارية في الماء، سائق العربة قلدها وارتفع صراخهم
في المسبح؛ وأنا أراقبهم شعرت بأنفاس حولي كان الموت رفيق دربي أشار بإصبعه نحو
الاثنان ثم وجهها نحوي.&