السبت، 23 أغسطس 2014

قصص قصيرة ( 12 )





قصص قصيرة ( 12 )


الشمعدان
بعد لقاء صحفي نشر في جريدة يومية، جاء اتصالها أخذت تنبش صندوق الذاكرة باحثة عن مواقف ولحظات تجاوزتها، ثم ختمت اتصالها بأن الصحفية كما هي ابنتها أنا أيضا زارع بذرتها.
وفي معرض الرياض للكتاب جاءت عدت وقفات، وكانت صاحبة اللقاء في الكوكبة، وأنا أوقع نسخ كتابي الجديد همست وهي تتناول نسختها هذه أمي.&
12 – 5 - 1435




العاقر
بعد غياب تجاوز السنوات الثلاث، عدت لغرفتي في منزل والدتي، وبعد نصف عام من الاستقرار في العمل كموظف حكومي بدخل ثابت، استسلمت لطلب والدتي بأن أتزوج فأخذت تبحث عن شريكة العمر.
وبعد عشاء وأنا في غرفتي استعد للخروج، دخلت فيها شيء أمطرني بالعطر والنشوة، كما حلقت معه في فضاء حلم قديم لم يتحقق.
ووالدتي تعلن أسم شريكة العمر، أخبرتني أن جارتنا منذ ربع قرن، رحلت مع زوجها حاملة همومها، ومعه جاء ساكن جديد في المنزل المقابل.
وزوجتي في منزل أسرتها مع قدوم ابني الأول، والثاني بعد فاطمة ذات السنوات الأربع، دخل مكتبي من قالت أعماقي أني أعرفه، وأن حمل حديثه معلومات تؤكد أننا نلتقي لأول مرة.
غادر المكتب بين علامات استفهام زرعها من يشاركني الغرفة من الموظفين، تاركا ملفا فيه أشياء تخصني.
وأنا اجلس في سيارتي القابعة في فناء مبنى إدارتي بعد صلاة الظهر، فتحت الملف كانت به رسالة اعتذار لم يوقعها صاحبها، وصك شرعي بموجبه أصبح المنزل المقابل لمنزل والدتي ملكي.&
30 / 5 / 1435



إدراك
على غير العادة؛ طلبت أختي وأنا أهم بمغادرة المنزل، بعد تناولي العشاء معها ومع والدتي إيصال مذكرة جامعية لزميلتها، التي اعتدت توصيلها بين وقت وأخر مع شقيقتي للجامعة.
لما فتحت الباب دعتني للدخول، الهدوء يخيم على الدار والبهجة تطل من وجهها، وشيء مرتبك في داخلي أعاد ترتيبه حديثها، ثم تناثرها كما فراشات فسفورية.
في الصباح وأنا استعد للخروج إلى عملي، جاءت أختي تتفحصني طارحة بعض الأسئلة بحثاً عن جواب، أدركت أنها تعرفه فلم أسألها عن إيصالها للجامعة، ولم أعرف كيف وصلت للمكتب قبل زملائي.&
30 / 5 / 1435




حكاية نرجس
( إهداء للشاعر سعدي يوسف )

قالت شهر زاد:
في الليلة الثانية بعد الألف
نرجس فتاة روميه
شاركت جيش الروم احد غزواته للخدمة والترفيه
وكان آسرها وبيعها جارية في بغداد
مولاها أهداها لأخيه المقيم في سامراء
وفي السوق التقت احد أفراد جيش الروم المنكسر
يعمل في دكان قماش
لما توفي سيدها
تركت ابنها في إحدى غرف الدار
وهربت مع عشيقها الرومي
شعر الطفل بالجوع
تجول بين ممرات الدار فلم يهتم به احد
وعند الباب لمح عجوز رثة الثياب
انجذب لصوتها فرافقها الطريق.!
6 – 8 – 1435 هجرية






فاطمة
هي بكل بساطة أمي؛ لم اعرف عمق أحاسيسي نحوها، اللا عندما وقفت عند قدميها وهي ممدة على نقالة بممر من ممرات مستشفى الملك فيصل بالطائف جثة هامدة، انتظر تقرير الطبيب وشهادة الوفاة لدفنها.
تذكرتها كانت الزوجة الثالثة لوالدي الأولى تركها حامل وهاجر بحثاً عن المعاش، والثانية تزوجها من إحدى قرى المدينة التي استقر بها في أقصى جنوب الوطن.
ومن ذات القرية التي جاءت منها الزوجة الثانية، جاءت أمي الزوجة الثالثة لترعى ابني الزوجة الثانية المتوفية، بسبب مرض مجهول لم يمهلها طويلاً.
كنت في الثانية من العمر عندما توفى والدي، فلم تسمح لأحد بأخذ ابني زوجها، ولم تتخلى عن ابن تبناه والدي، عثر عليه بالمسجد جوار جثة لرجل مجهول، ولم تفرط في كابن وابنة لم تكمل سنتها الأولى.
ضحت بكل شيء وتزوجت برجل وثقت به تكفل بها وتعهد باحتضان أبناؤها الخمسة، وعاكستها صروف الحياة، استغل الرجل حرصها وخدع حنانها وسرق أمومتها، احضر زوجته الأولى وأولاده وأخته، وتمتع بميراثنا باع ورهن ما تبقى من ارثنا المادي والمعنوي مستغلاً كوارث الزمن.
وتنفيذا لأوامر إدارته جاء انتقالنا للطائف، تخلى عن كل شيء بناءً على أمر النقل وأسرته التي أخذت تلاحقه، إخوتي من أمي كانت معاملته لهم اقل طموحاً واهتماما من أولاده وبناته من زوجته الأولى المحميين بأقاربه وأقاربها.
حنان أمي وعطفها ولد في داخلها نعومة ملمس اللبوه وعنف الأسد العجوز، ومع الوقت اكتشفنا إن هناك قطعة ارض نسي زوجها بيعها أو رهنها، فجرى بيعها وشراء منزل الطائف.
كان المنزل المشترى باسمها واسمي فقط قديم ومن الطوب الطيني مسقف بالخشب وجذوع الأشجار والتراب، وتم تجديده مما لفت أنظار أبناء وبنات زوجته الأولى، وبعض من أفراد أسرته.
شعرت بالحزن وقد قرر هجر البيت حتى أتنازل عن نصيبي في المنزل، أمي وبملمس اللبوة الشابة، ومخالب الأسد العجوز؛ حذرتني من الموافقة، فجاء طلاقها وتطور عنف إخوة إخواني من أبيهم.
جاء العزاء في وفاة أمي في منزلي، وتوافد المعزين أقارب وأصدقاء يذكرون معاناتها وحياتها الصعبة، وحرصها على أن أكون منتصبا مهما كانت الظروف، لتصفعني خالتي برفضها مشاركتنا مراسم العزاء بمنزلي، وتذكرني في ثورة غضب إنها رفضت طلب أمي تزويجي إحدى بناتها.
لم اهتم بالأمر وانتهت أيام العزاء، وأخذت الذاكرة تترهل وأنا افقد في كل يوم من يتحدث عنها، وليبقى المنزل القديم مكان لمن تتعثر به الخطى وليتجدد بريق الذكريات.&
14 – 8 - 1435


الغرفة 813

غادر الجميع وتأخرت أصيغ شكلي، عند الباب وجدته ينتظر فيه شيء أخذني إليه، تجاوزت سأم السائد وإرهاق المعتاد، على طاولة العشاء ونادلة المطعم تسألني خياراتي، همست: رائحتك عبق الغرفة 813.&


التي قالت آنا.!

كانت ليلة خاصة اختلط فيها الحابل بالنابل في الأسبوع الأخير من شعبان، وبعد أيام قال زميل عمل في لقاء يتكرر انه أعاد زوجته التي طلقها منذ عام، عرفت تلك المرأة الني تتدبر أمرها وكرهتني من خلال مراقبتها بطلات قصصي، وعودتها جاءت تنتظر مشاهدة موقعها في نصي الجديد.&
18 – 9 – 1435


قصص قصيرة ( 11 )




قصص قصيرة ( 11 )


اتصال
كررت ونحن نتناقش في بهو المركز الثقافي، ( أنا بخير ولا ينقصني شيء ) ثم انطلقت لطاولة المشروبات، وأنا في ساحة مواقف السيارات اعترضتني سيارة سوداء فارهة.
رن الهاتف وأنا افتح باب غرفتي بالفندق
قالت المتحدثة: هل اختطفتك.!
قلت: من.!
لما عاودت الاتصال بالرقم المجهول؛ كان الهاتف مغلقاً.&




 اللفافة
شاركته اختيار هدية مناسبة لابنه المتخرج حديثا من الجامعة، والبائع يلف الهدية بأوراق الزينة والرباط الملون الذي اخترته، دعاني لفنجان قهوة في المقهى المقابل، شعرت أنه يسعى للمزيد من لقاء جاء مصادفة، في احد محلات مركز تجاري عج بالمرتادين، كما انشغلت زواياه بأحاديث لا حدود لها.
عبر غطاء وجهي الشفاف وعباءتي الثقيلة، رحبت بدعوته إيصالي للمنزل، نهض واستلم لفافة الهدية، سرنا متجاورين لما جلست في المقعد الأمامي، فتح بابه ووضع اللفافة بهدوء على المقعد الخلفي.
استوعبت الصورة التي أخذت ملامحها تبرز، شعرت بكفه تربض فوق فخذي وأنامله تتحسس ركبتي، أوقف السيارة بمحاذاة باب صغير وجانبي، من سور بناية اعرفها فتح باب السيارة لي، وقبل أن أترجل اتجه للباب الصغير.
لما دخلت؛ المكان غرفة فسيحة جدرانها بيضاء، في زاوية ثلاثة مقاعد وطاولة، وفي زاوية مطبخ خدمات صغير مكشوف، خلف المقاعد رف كتب ودولاب فيه تلفزيون.
صدمني لون باب موارب اتجهت نحوه، لمحته اللحظة جاءت وفق تجربته وقبولي، نبهني صوت يستعجل حضوري، تلفت حولي غادرت الفراش.
ونحن نتحلق حول طاولة الأكل، لمحت اللفافة تقبع فوق دولاب الصحون والملاعق، أمي أبي أختي التوأم أخواني الثلاثة والجميع يشغل تناوله للغداء بخصام وأحداث يومه، تركت صحني سحبت اللفافة وأخذت أفك طوقها.&




 الميت
فتح باب الشقة التي تسكنها في البناية المستأجرة من الشركة التي تعمل بها، فوجدها نائمة في الفراش وبجوارها صديقها الجديد، وضع مسدسه المجهز بكاتم الصوت على صدغها.&




عناصر

تكاملت كل عناصر اللحظة الرغبة والتوافق؛ فكان تدفق العسل الذي تسابقنا في لعقه، ولما لفنا جفاف الوقت جاء الوداع.&



ادم التعس


جاء اتصاله يسأل عن مقر صالة حفل الزواج، حتى يستأجر شقة مفروشة قريبة لمعرفته بتباين الوقت، بين عشاء الرجال وعشاء النساء،
فدعوته للسكن في شقتي توفيراً وحتى يكون اللقاء أطول قبل عودته، ولما اتصلت زوجته ونحن في المقهى مع ثلة من الأصدقاء، اتجهنا لقاعة الزواج.
وكانت الصدمة عندما التقت نظراتي بنظراتها في مرآة السيارة، كانت زوجة صديقي إحدى ثلاث سيدات شاركننا حفل خاص منذ عشرة أيام.&
27 – 4 - 1435




حواء التفاحة

بعد نصف عام من الاغتراب، ها أنا وفي سيارة أجرة برفقة أخت زوج أمي وأربعة بينهم امرأة في طريقنا من الرياض إلى الطائف، الساعة الخامسة عصرا وبعد اجتياز أربعمائة كيلو من الطريق نتوقف في استراحة مسافرين.
 المرأة اقتربت من مرافقتي ولمعرفتي بالطريق فقد اخترت غرفة خلفية تؤجر للعائلات للاثنتين ولما اطمأننت على دخولهن وجدت والد المرأة يقف في الفراغ المحيط بالمكان، عرفني بنفسه واخترنا كرسيين في جانب المقهى طلب شيشة جراك وبراد شاي لم يهتم بوجودي.
 ولما اشتم رائحة الشواء سأل: هل نتعشى.
طلبت من القهوجي براد شاي وقنينتي ماء وقمت بشراء فطائر كرسون وبسكويت من بقاله المقهى وحملت الجميع إلى الغرفة التي بها مرافقتي، لم أجدها ووجدت المرأة تناولت الأشياء التي احمل ودعتني للجلوس مستفسرة عن أجرة الغرفة وثمن المشتريات، الهدوء الذي تسرب إلى داخلي سببه جمالها ورقة صوتها وخصلة شعر غطت جزء من جبينها.
 وهي منشغلة بإخراج النقود من حقيبتها اليدوية غادرت الغرفة والباب يفتح ومرافقتي تقف تفسر الحالة؛ أعلن السائق تأخر انطلاقنا بسبب إبلاغ أشاعه امن الطريق بمنع السير لمدة ساعة بسبب قافلة من السيارات العسكرية على وشك اجتياز النقطة التي نحن فيها لم يطل انتظارنا رتل من سيارات النقل تجاوز المائة شاحنة تتقاطر أمامنا ولما اختفى كانت العتمة تتلبس المكان والطريق.
 في اليوم الرابع وأنا استعد للعودة للرياض وبينما كنت بعد العشاء متمدداً في غرفتي بسطح الدار فتح الباب كانت أخت زوج أمي تركت الباب مشرعا، وجلست على طرف الفراش تحدثت كثيرا حتى ابلغ رسائلها لابنها.
 نهضت من المرقد وقفت قبالتها منصتا ثم أغلقت الباب بالمفتاح، اخترقت حديثها وتغلغلت في ثنايا جسدها لم تقاوم؛ لا ادري كم من الوقت استغرقنا صحوت على صوت أمي تستعجلني على القيام حتى يوصلني أخي لموقف الرياض.&
12 – 5 - 1435



قوس قزح

تسرب الوهم إلى أعماقها، بأني على علاقة بزوجة أخيها زميلي في العمل، وتوطن هذا الوهم كشبح بعد أن علمت إن تدخلي كان أيقونة نقل وظيفتها إلى المكان الذي وجدت ذاتها فيه.
 لم أحاول تبديد الوهم ولم استثمره، إنما أزعجني انفعال زميلي الزائد ومحاولته هدم كل اقتراح أقدمه في اجتماع إدارتنا الشهري.
 وبعد عام طلق زميلي زوجته واستقال من الوظيفة بعد فشله في الحصول على نقل إلى إدارة أخرى، ثم غادر الرياض لمكان مجهول.&


12 – 5 - 1435