الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

أحكام الإسلام متى تكون كاملة





أحكام الإسلام متى تكون كاملة
محمد المنصور الشقحاء:
في خطبة الجمعة تطرق إمام مسجد الحي الذي اعتدت تأدية صلات الجمعة فيه لقربه من المنزل، لمعنى العيد والهدف منه خاصة عيد الفطر المبارك.
ثم تناول بدع حفلات الترويح التي ترعاها مؤسسات الدولة لمشاركة المواطنين أفراحهم بهذه المناسبة السعيدة، فحرم ما يسمى فعاليات التي ترتقي إلى المعصية بسبب الاختلاط وضياع الوقت والزحام وتعطيل المصالح.
متناسيا إننا في إجازة عامة وفق نظام عام حكومي وأهلي قائم على الشعور بأن هذه المناسبة عيد الفطر وعيد الأضحى دليل حي على قدسية الشريعة وتلمس الإسلام للنفس البشرية التي تجد في الراحة تجديد للطاقة لتأدية العمل على أكمل وجه.
واليوم ونحن نتحدث عن تحديد مصدر الفتوى نجد كتاب أعمدة الصحف يخلطون بين الرأي الذي يصدر من طالب علم شرعي ورقيه إلى مرتبة الفتوى الشرعية والقانونية الملزمة وهذا الخليط من كتاب الصحف نابع من انسياقهم مع العامة في حديث المجالس عندما يرتفع النقاش حول قضية إلى استشهاد أفراد بأقوال خطيب مسجد ومحدث في ندوة بمسجد وحلقات علمية نجدها تشرح بعض كتب الفقه ولا ترتقي في إجابتها إلى قول الرأي ويكتفي بالنقل مما يخلق التوتر بين السائل وعامة المتلقين.
هذه الإشكالية احتاجت إلى توجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بصفته الرسمية الإدارية والسياسية وأناط تنفيذ التوجيه بالجهة المعنية مثل الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء وهيئة كبار العلماء الشرعية.
هذا التوجيه الكريم فرض على الجهة المعنية التدخل في تفسير الرأي وتحديد معنى الفتوى الملزمة والقول الذي يتسم بالمعارض لتنظيم عام يجده أفراد لا يتفق مع النص بينما مصدرنا في الحكم القرآن الكريم مسترشدين بالهدي النبوي ومصادر الفقه الشرعي للوصول إلى ما يفيد من اجل عدالة تتسم بالتقوى المرتبطة بفقه المصالح الذي يتجدد مع حاجة الإنسان.
والتفريق بين مذهب الجمهور مع اختلاف العلماء الشرعيين في طريقة الفعل وخطوات العمل على إطلاقه في بعض الحالات العبادية كالصلاة، فأحكام الإسلام متكاملة لشمولها للنظم والأحكام في العبادات والمعاملات المرتبطة بمصالح العباد.
وإصرار البعض على الصدع برأيه الفقهي وان شذ؛ أجده في التزامنا العملي بما تصدره الدولة من خلال حكومتها من قوانين وأنظمة عامة هي في مصالح العباد دليل سيادة وطنية قائمة على الشريعة الإسلامية التي تلزم رعاياها بالعبادات من خلال انتشار المساجد وإلزام الطلاب في المدارس تعلمها وتطبيقها وهذا الالتزام يتفرع عنه حقوق عده في المعاملات ونحن نعرف إن الحساب في يوم القيامة مرتبط بتوحيد الله وحقوق الناس والفقير من خلى سجله من الحسنات التي تناقصت بسبب حقوق الناس.
إذا ونحن نتناقش على كتاب الصحف التفريق بين الرأي غير الملزم لشخص يرى وجوده في تحريم كل شيء بدون تبصر لعجز في الإلمام بالقضية المتناقش حولها وتجميل الآخرين وزر رأيه الذي جانب الصواب في شأن مستجد البسه نقول لا تتفق مع القائم هربا من الاجتهاد وعجزا في البحث عنها في المصادر المتعددة تصلبا لرأي لم يرتقي إلى اعتباره كدليل.
والجهر بالرأي المخالف ليس دليل تشدد أو رهبانية إنما هو تعسير منطلقه تفريط في عقيدة صحيحة لم يجد هؤلاء في تطبيقها ما يشبع طموحهم الخاص في فرض الرأي وتسجيل الموقف الرافض من خلال اعتساف النصوص وبتر الشواهد لدعم ما توصل إليه من رأي أثار اللغط بين العامة وهو ما يبحث عنه متناسيا أن القانون وسيادة الدولة تحد من مظاهر التعصب والمجاهرة بالعصيان.
الغلاة ميدانهم الفسيح إثارة الشبهات منازعين الأمر أهله وتأصيلهم يأتي من خلال خطاب معارض يرى في تسهيل المعاملات بعد عن الدين القويم من خلال تنطع وتعمق متكلف فيما لا يعنيهم وهذه مشكلتهم الخاصة التي يرون إنها عزلتهم ع محيطهم لمتنامي بفضل وعي متجدد وفر متقد يرسم معالم حاضر يتجدد من داخله لضمان حياة كريمة نتجاوز فيها المشقة والعنت من خلال الرفق الذي يراه أهل الغلو مفسدة.
من هنا على كتاب الرأي في الصحف التفريق بين الرأي والفتيا وتفسير القول ومصادره والنقاش معه بما يوصل إلى الحقيقة والفتيا الملزمة في شأن خاص، ومن الأفضل عدم مناقشة الرأي الشاذ في زواياهم والحرص على المصلحة العامة، الرأي يطر للمشاورة والقول تلفظ إما منقول أو أمر والفتيا تبيين حكم والقائم من بعض الشواذ لا يرتقي إلى هذه الصفة ومن هنا إما نناقشها بوعي أو نهملها حتى لا يجد صاحبها الصخب الذي يبحث عنه.&&

السبت، 18 ديسمبر 2010

طموحاتنا تتحقق بوعيكم للمسئولية





طموحاتنا تتحقق بوعيكم للمسئولية
محمد المنصور الشقحاء:*
المتداول ( طموحاتنا الدعوية تتحقق بدعمكم ) كما نراه في ملصقات مراكز الدعوة والإرشاد التي نجدها على أبواب المساجد وتتصدر لوحات الإعلان بداخلها، إنما أعيد صياغتها بعد النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن لعام 1431 / 2010 م وقد بلغ العدد الإجمالي لسكان المملكة العربية السعودية سبعة وعشرين مليونا ومائة وستة وثلاثين ألفا وتسعمائة وسبعا وسبعين نسمة، عدد المواطنين ثمانية عشر مليونا وسبعمائة وسبعة ألاف وخمسمائة وستة وسبعين نسمة، وعدد المساكن في المملكة العربية السعودية أربعة ملايين وستمائة وثلاثة وأربعين الفاو مئة وواحد وخمسين مسكنا.
من هنا أعدت صياغة العبارة ( طموحاتنا الاجتماعية تتحقق عندما تدرس الحكومة بعناية ملامح التعداد ) كل وزارة من خلال مهامها الإدارية ووسائلها في تطوير وتنمية الأداء بما يتفق مع مخرجات الإحصاء.
وكمحاولة في ربط الحقوق بالواجب ليكون التكامل وقد غدت البطالة هاجس الحكومة وقضية كل أسرة نجد انه منذ عام 1919م حتى عام 2007م صدر مائة وتسعة وتسعين توصية من منظمة العمل الدولية تنظم علاقات العمل والدخل المعتدل للمواطنين وتحديد ساعات العمل ومقومات الضمان الاجتماعي، كما أصدرت منظمة العمل الدولية خلال هذه الأعوام مائة وثمان وثمانين اتفاقية بشأن البطالة وعمل المرأة والحد الأدنى للسن والتعويض عن حوادث العمل ومواجهة البطالة.
في بحث القوى العاملة الذي أصدرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بوزارة الاقتصاد والتخطيط عام 1430 / 2009م ومن خلال رسم بياني المتعطلون ( وصف لمن لا يعمل ) الذكور نسبتهم تصل إلى خمسة وخمسين بالمائة وعند الإناث تصل إلى أربعة وأربعين بالمائة قد يكون جزء غير محدد من هذه النسبة التعطل جاء بقناعة ذاتيه إما لوجود دخل يغني عن البحث عن عمل أو ترفع هابط لشرط ذاتي لنوع العمل ومقدار العائد وهذه النسبة تدخل تحت العنوان العام البطالة.
تقول المادة الثانية من اتفاقية البطالة الصادرة عام 1919م عن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية والتي حدد بدء تنفيذها بعام 1921م ( 1 _ تنشئ كل دولة عضو تصدق هذه الاتفاقية شبكة من مكاتب الاستخدام عامة ومجانية توضع تحت إشراف هيئة مركزية. وتشكل لجنة تضم ممثلين لأصحاب العمل والعمال لتقديم المشورة في الأمور المتعلقة بإدارة هذه المكاتب. 2 _ إذا وجدت مكاتب استخدام مجانية عامة وخاصة. تتخذ تدابير للتنسيق بين عمليات هذه المكاتب على المستوى الوطني. 3 _ يقوم مكتب العمل الدولي بتنسيق عمليات مختلف هذه الشبكات الوطنية بالاتفاق مع البلدان المعنية. ) إنما ومن خلال النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن للعام 1431 السكان غير السعوديين بلغوا ثمانية ملايين وأربعمائة وتسعة وعشرين ألف وأربعمائة وواحد نسمة بمعدل ( واحد إلى ثلاثة ) وهؤلاء إشكالية لم نجد لها حل في مقاومة البطالة ونمو ظاهرة الفقراء والمساكين.
هل مظاهر النمو الاقتصادي التي وكبت الطفرة المالية وحاجة الوطن لأيدي عاملة للمشاركة في البناء والتطوير وخلق معالم الدولة الحديثة أوجدت نوعا من عدم المسئولية الوطنية والواجب القومي؛ ففرطنا في الحقوق من اجل نجاح قائم على قصور من الرمال بسبب عدم التخطيط للمستقبل الذي معه تجاوز الانفجار السكاني معدلات خطط التنمية التقديرية قصيرة الأجل فكان الحديث عن البطالة والتميز في المعاملة مع المرأة ومحدودية فرص الوظيفة العامة وتكدس العمالة الوافدة من خلال تسهيل قيام الشركات والمؤسسات الأهلية بالمشاركة في البناء مما ولد قضية التستر التي حكمها قانون تأجير ( كمثال قيام شركات على تشغيل بعض المستشفيات الحكومية ) بعض المنشاءات الحكومية للمؤسسات والشركات الخاصة بعمالة وافده من المدير العام حتى عامل النظافة ورجل الأمن.
في عام 1389 صدر نظام العمل والعمال الذي ألغى بمادته (210 ) نظام العمل والعمال الصادر عام 1366 ووزارة العمل كما هي معنية بتوظيف المواطنين وتوطين الوظائف في منشآت القطاع الخاص هي أيضا المشرفة على استقدام العامل الوافد والترخيص له بالعمل، وللوزارة مكاتب في مناطق المملكة عبر المدن الكبيرة تصل إلى سبعة وثلاثين مكتب وهذا يتفق مع اتفاقية البطالة الصادرة عام 1919م إنما هل بما تملك من صلاحيات وفق مواد نظام العمل والعمال ودعمه من خلال ما جاء في المادة الثامنة والعشرون النظام الأساسي للحكم ( تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه، وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل ) لم تستطع حتى الآن من كبح جامح البطالة وتوطين الجزء المتفق عليه مع القطاع الخاص.
في ملامح التعداد العام للسكان والمساكن لعام 1425 / 2004م بلغ عدد سكان المملكة العربية السعودية ( 22678262 ) نسمة عدد السكان السعوديين ( 16527340 ) نسمه وعدد الوافدين ( 6150922 ) مما يؤكد تنامي العمالة الوافدة من إحصاء إلى إحصاء إذ إن إحصاء 2010م عددهم ( 8429173 ) نسمة بزيادة تصل إلى اثنين مليون وافد وهذا يؤكد فشل لجان التخطيط في توطين العمل ومحاربة البطالة وفشل وزارة العمل في تقنين الاستقدام لارتباطها بمهام إيجاد العمل مع وزارة الخدمة المدنية لكل مواطن قادر عليه كما جاء في النظام الأساسي للحكم.
نحن هنا من خلال مقالات الرأي العام في الصحف والبرامج الحوارية في التلفزيون والإذاعة ندور في حلقة مفرغة من تطبيق الأنظمة وتطوير اللوائح بما يتفق مع السيادة الوطنية التي تنمي المواطنة وتدفع الجميع إلى تحول نقاش المجالس الخاصة ولقاءات المقاهي العامة من الشك في القدرة على تحقيق هدف هام جاء في النظام ألأساسيي للحكم في الباب الخامس تحت عنوان       الحقوق والواجبات:   
المادة السادسة والعشرون: تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية.
المادة السابعة والعشرون: تكفل الدولة حق المواطن وأسرته، في حالة الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية.
المادة الثامنة والعشرون: تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه، وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل.
هل راعينا ذلك وهل استطاع مجلس الشورى بما يملك من صلاحيات إعادة صياغة أنظمة العمل في الحكومة والقطاع الخاص بما يتفق مع المطلب العام الذي تقاسمته الشائعة فحل التوتر في الأحاديث العامة بين المطالب وعدالة الأنظمة في معادلة الحقوق والواجبات ومدى التزام المملكة العربية السعودية باتفاقيات منظمة العمل الدولية وخاصة الاتفاقية المتعلقة بالتأمين ضد البطالة المقررة في اجتماع جينيف عام 1934م وبدء نفاذها كان عام 1938م التي تقول مادتها الأولى:
 تتعهد كل دولة عضو في منظمة العمل الدولية تصدق على هذه الاتفاقية بإقامة نظام يكفل للعاطلين رغم إرادتهم ممن تنطبق عليهم هذه الاتفاقية.
أ – تعويضا، ويقصد به مبلغا يدفع بنسبة أقساط الاشتراك المدفوعة عن استخدام المستفيد سواء في نظام إلزامي أو اختياري.
ب – أو إعانة، ويقصد بها مبلغا لا يمثل تعويضا أو منحة حسب الترتيبات العامة لمساعدة المعوزين لكنه قد يكون أجرا عن الاستخدام في أعمال الإغاثة التي تنظم وفقا للشروط الواردة في المادة 9
نحن بحاجة إلى واقعية في الأداء الحكومي بما يتفق مع الأنظمة ومخرجات العمل حكومي وقطاع خاص يقلص من الرسم البياني المتزايد في معدلات البطالة بين المواطنين ونسب استقدام اليد العاملة التي عطلت كثيرا أهداف التنمية وأغلقت منافذ الفرج التي كان المواطن يتلمسها في عقود سابقة وتدرج إغلاقها بدون قصد حتى وصلت إلى العدم.
كما نحن بحاجة إلى سن ضريبة مالية على القطاع الخاص في حدها الأعلى على المؤسسات والشركات الوطنية والوافدة للاستثمار منها تنظم الدولة التعويض والإعانة للعاطل رغم إرادته حتى يتوفر له العمل المناسب.
أتذكر في هذه المناسبة إشكالية خريجي أكاديمية الفيصل للغة الانجليزية وخريجي كليات التقنية في الحاسب الآلي عندما قررت وزارة التربية والتعليم تدريس اللغة الانجليزية والحاسب في المرحلة الابتدائية والمتوسطة ومفردات شروط العمل التي حددتها الوزارة فلم تقبل وزارة الخدمة المدنية شهادات الأكاديمية ولم تعتبر خريجي كلية التقنية مؤهلين للعمل في وزارة التربية والتعليم مما دفع الوزارة إلى التعاقد من دول عربية وغير عربية لسد حاجتها كان المواطن ضحية اعتساف نص حكومي وإهمال إعادة نظر.
وقرارنا عام 1400 القاضي بإنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وضم المعاهد الفنية ومراكز التدريب المهني ( صناعي. زراعي. تجاري . تدريب مهني. معاهد المساعدين.  ولم يشر في دواعي التأسيس لمدارس التمريض فقد سلمت من التصنيف النظري في تخطيط التنمية ) تحت مظلة المؤسسة ففقدت الوزارات الراعية لهذه المعاهد طاقة تدريبية ملزمة بدمجها في وظائف الوزارة حسب حاجتها وتقديم جزء لقطاعات حكومية أخرى تثق في من تستقبله لإدراكها أن الجهة المشرفة غنية بكوادرها صادقة في مخرجات المعهد الذي تشرف عليه وكان الأجدى بقاء هذه المعاهد تحت المظلة السابقة وتقسيم التأهيل ألف وباء:
ألف: بعد الابتدائية لمدة ثلاث سنوات.
باء: لمن يرغب المواصلة أيضا ثلاث سنوات بما يعادل الثانوية العامة يخير بين العمل ومواصلة الدراسة الجامعية.
التحديث يفترض واقعيته ( فنحن دولة نامية تحتاج السير بتدرج للحفاظ على هويتها وإنسانها بما يتفق مع واقعها الاجتماعي ) التي تتعارض مع التنظير لمواجهة المستجدات ومن هنا نجد إننا فقدنا قطاع أساس في بنية الدولة بفقدان العمالة المساعدة المؤهلة واستغل الجميع في الوظيفة العامة حكومية وقطاع خاص هذه الفجوة فكان تغطيتها بالعمالة الوافدة فأخذنا نتحدث عن البطالة وننظر باحثين عن مخرجات عمل لنخرج بالوطن من عنق الزجاجة.
أتمنى أن تأتي نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 1431 / 2010م بقرارات واقعية يتلمسها المواطن وتدركها الوزارات المعنية بأمن الوطن وحقوق المواطن الذي لم يعد يحفل بالباب الذي يطرقه فلم تعد هناك شمعة تضيء الطريق المعتم.&&
وبالله التوفيق
---------
* أديب قاص وشاعر

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

نقيق مغاني العقول



نقيق مغاني العقول
محمد المنصور الشقحاء:*
هو تعليق تشكل من خلال قضية جائزة الكتاب المسروق ولقاء تلفزيوني على حلقتين لم أجد فيه ما يشعرني بالرواء وكلمة استمعت لها وشاهدتها في التلفزيون ضمن حوارات مدينة الدوحة عاصمة الثقافة العربية، وتوافقها مع ما جاء من جملة وجدتها في كتاب فقه اللغة للثعالبي: يقال للرجل إذا زاد الشيب به قيل: خصفه وخوصه  .
ثم مع عنوان محاضرة لافت في صحفنا ( اللبرالية الموشومة ) وملخص للقاء تم في كلية الآداب بجامعة الملك سعود؛ وهذا حصيلة حراك الأستاذ الدكتور عبد الله محمد الغذامي عضو هيئة التدريس الجامعي بمكة المكرمة ثم جدة وأخيرا في الرياض الوفي والمخلص لدوره التربوي والعلمي القلق في طرحه النقدي النظري بحثا عن موضوع يجده فتحا.
اللبرالية كما عرفها ديفد هارفي في كتابه ( المترجم ) حالة ما بعد الحداثة: هي الإيمان بالفرد، وقدراته الكامنة، وبحريته المباشرة والكاملة، والقادرة على إطلاق مشاريع دينامكية وسلسلة أفعال بناءة منتجة، واللبرالية هي نقض الحتمية المطلقة. من هنا نعرف دواعي التركيز على نتاج الدكتور تركي الحمد السياسي والفكري والأدبي القادر على إطلاق مشاريع دينامكية وسلسلة أفعال بناءة منتجة تعامل معها واقعيا على خلاف الحتمية المطلقة التي انتهجها الدكتور عبد الله الغذامي الذي عرفناه تقليديا في نظريته النقدية الأدبية ثم تنكبا حالة الشك وهي حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الإثبات والنفي ويتوقف عن الحكم مقلدا أستاذة عبد الفتاح أبو مدين ولنا في قصة الحداثة مثال حي وحكاية عضوية مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي كحالة.
يقول مالك بن نبي في كتابه بين الرشاد والتيه ( فإذا كانت السياسة تفقد فعاليتها إذا انفصلت عن ضمير الأمة فإنها إذا انفصلت عن الضمير العالمي تضيف إلى العالم خطرا فوق الأخطار التي تهدده ) والدكتور الغذامي عندما عرف نفسه بأنه مفكر حر انفصل أدبيا واجتماعيا عن واقعه فخلق الحالة التي سيطرت على خطابه عبر الحال التي تفقد معه الشخصية وحدتها وتكاملها وهذا نراه في قوله ( مخرف . وكذاب ) كما ورد في تغطية صحيفة الحياة لمحاضرته اللبرالية الموشومة  ( العدد 17420 الثلاثاء 14 ديسمبر 2010 م ) يقول الروائي يوسف المحيميد في روايته الحمام لا يطير في بريده ( كم كسرت الأم تلك الهالة الرائعة ! تلك القداسة المنيعة حول الأب! كم أحست طرفة، بعد ذلك، بالخيبة، كم كرهت أمها تلك الليلة البعيدة ) وفيما رصدته في حراك الدكتور عبد الله الغذامي الأخير وهو يحاول صياغة المنجز الفكري والأدبي في المملكة العربية السعودية من خلال مشاركته كفاعل كسر الهالة الرائعة التي شكلناها عنه كمشاركين في المسيرة عبر كتابه الخطيئة والتفكير وان لم يرتقي بمشروعه النقدي في الكتاب إلى وعي الشاعر الكبير حمزة شحاتة الذي قال يوما:
أجدت علاقات الهوى، لذوي الهوى مطالب، ضلت في دجاه المطامع                                   إذا كان ما ترجوه غيبا محجبا فأيسر ما تهدي الغيوب الفجائع                                           أمستودعا سر الهوى غير أهله لغير غريب أن ضيع الودائع
وكلنا نعرف إن الشاعر حمزة شحاتة يرفض طبع شعره في مقالة ( جريدة عكاظ العدد 8584 السبت 13 يناير 1990م ) اعتراضية مازلت احتفظ بها للأستاذ عبد الله عمر خياط بعنوان مع التحية والتقدير لصاحب السمو الأمير بعد صدور ديوان حمزة شحاتة يقول الخياط: فما كان منه رحمه الله . . إلا أن قال سأقاضيك. . ولن اقبل بغير ضربك بالسوط جزاء لك وهو ينتقد مقدمة الدكتور بكري شيخ أمين التي تجنى فيها على موهبة شحاتة الشعرية.
نجد الصورة تتكرر في تعليق الدكتور الغذامي عندما جاء اسم الدكتور تركي الحمد وهذا لن يقلص الفرق الفكري والأدبي بين الشخصيتين ولن يسرق أي منهما قرأ الأخر فكل له منهجه وكل منهم ينطلق من تخصصه العلمي الذي معه سوف يحفظ لنا التاريخ دوره. &&                      ______                                      
*أديب قاص وشاعر 

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

البحث عن ابتسامة

البحث عن ابتسامة
قصة قصيرة
محمد المنصور الشقحاء
** لتنهار كل المبادئ وليعم الدمار العالم، لترحل الكلمات الطيبة في قارب صغير يجرفه التيار إلى أعماق البحر، وتجتاح الأعاصير والأمواج المدن وتتلاشى صرخات الهلعين.. في الضباب الأسود الذي أتمنى أن أغطي به كل شيء حولي حتى نفسي.. أنا حاقدة لأني منبوذة ، كلهم رأوا فيَّ شبح الجريمة وحقد البشرية جمعاء رغم أنني لم أقترف ذنباً يذكر .. ماتت أمي وهي تصر على أن أكون بعيدة في مدرستي الداخلية التي قرر أبي حبسي فيها , وأيد قراره جميع أفراد الأسرة .. كنت ألمح بريق الانتصار يطل من العيون حولي فأعيد بصري حسرة أبحث عند أقدامي عن الحقيقة الضائعة في زحام من حولي.. لم ينتشلني رفاقي مما أنا به ولم يخفف من مضاعفات ما أعاني رحيلي الدائب وحرصي على البحث عن الغرباء .. كنت أفر من الجميع لأحرص على اكتساب صديق..
كنت أخشى مشاهدة ذلك البريق الذي لمحته في عين أمي وهي جثة هامدة مسجاة على فراشها.. كان عهدي بها لحظة الانتصار عندما وافق أبي على إدخالي المدرسة الداخلية .. البريق الذي شعَّ من عيون الجميع إنه الآن يطل بقوة من عيني والدتي الميتة والتي أصررت على مشاهدتها قبل مواراتها التراب.. ومبعث إصراري تحدي الجميع.. وأبي المنهار الذي انهار لتلك الهمسات المسمومة التي تدور حولي.. كنت أريد منهم أن يصمتوا ولكن ذلك زاد من ثرثرتهم، وتقدم مني طبيب الأسرة يسألني إن كنت أريد مساعدة وفي بطء أزحته بيدي واتجهت إلى الكرسي الذي اعتادت أمي الجلوس عليه في غرفتها.. وأخذت أبكي ..
كان بكائي صمتي وتلفتي حولي .. وكان الفراغ يحيط به .. لم تكن هناك جدران ولا ستائر نوافذ .. أبداً لم يكن أمامي سوى فضاء رحب  .. لا أعلم كم من الوقت مر .. كل شيء هادئ ، الرياح سكنت ، وأغصان الحديقة لزمت الصمت .. وأخذ الموكب المهيب يجتاز باحة الدار .. الجميع مطأطئ الرأس يأكلهم الصمت وتقرأ أفكارهم بشيء حاولت معرفته من تلفت بعضهم وهم يتبادلون أماكنهم تحت النعش، وألصقت وجهي بزجاج النافذة أتأمل الطريق والموكب يغرب.. يبتعد .. وشعرت في تلك اللحظة بالدموع تنسكب على خدي وسمعت ورائي خطوات .. كان أبي المنهوك وتلقفني بذراعيه، كنا نبكي، ودخلت عمتي، ودخل بقية أفراد الأسرة.. لقد انتهت مراسم الدفن .. طمر القبر في ثوان ، فقط شعرت فيها بأن أبي لم يكن لي شياً من الحب وأن هناك نقطة نستطيع الالتقاء عندها ، ووقفنا مطأطئي الرؤوس نتقبل العزاء .. كانت كلمتهم واحدة، كلهم يقولون كلمة واحدة حتى ذلك الصبي الذي التصق بساق أمه مع أنه لم يحرك شفتيه إلا أني سمعته يقول الكلمة نفسها.. وتحركت مبتعدة أخذت أسير وأنا ساهمة لم أبال بنظرات من حولي ولا باستعطاف أبي وهو يرجوني الوقوف إلى جانبه لشد أزره، وانتهت فترة العزاء، عاد أبي إلى مصنعه وأخذ الجميع يعودون إلى مرحهم.. كثر عدد سكان الدار هذه المرة، هكذا تصورت رغم أننا فقدنا أمي.. لقد كان الضجيج يملأ الغرف والاجتماعات الثنائية الصامتة تحطم أعصابي ..
نظرة النفور تقابلني من الجميع الذي يتجنبون الانفراد بي ، مجنونة .. زرع أحدهم هذه الكلمة في نفوس من حولي فصدقوه، وتضخمت الهمسات، سمعت الخادمة تكلم أحد عماتي..
ـ لم لا تعود سلوى لمدرستها .. ؟
وعرفت مدرستي أنها تلك الكلية البعيدة للشواذ والمشاغبين وذوي الحساسية الخاصة.
ـ محمود.. لماذا لا تعود سلوى لمدرستها .. ؟
كان أبي يتلقى هذا السؤال في كل مكان .. حتى عندما أخلو به ونجعل من الصمت رسول تفاهم كنت ألح على السؤال المرسوم على الجدران في كل مكان وصرخت في أبي..
ـ وأنت هل تريد مني الذهاب إلى المدرسة .. ؟
وذهبت إلى المدرسة وبعد أيام إذا بأبي يموت.. تدهورت سيارته .. ولم يعتن أحد بطلبي وغرقت في دموعي بشكل رهيب حتى وجدت المشرفة على القسم الذي أنا فيه أنه يجب مساعدتي (كان ذلك في ليلة مشئومة بالنسبة لي صرخت الفرحة في جنيات دارنا..) وأغلقت المشرفة فمي بيدها وهي تقول :
ـ إني أعرف كل شيء ..
ـ ولكن هل أنا مجنونة .. ؟
وطأطأت رأسها .. وحاولت أن أنسحب من أمامها ولكنها أمسكت بي..
ـ سلوى.. أنت لست مجنونة ، لكن هناك من يهمهم إلصاق هذه الصفة بك ..
ـ كلهم يتجنبون أن يعطفوا عليّ ..
ـ إنه عطف من نوع خاص .. عطف من نوع آخر .. أحدهم فرضه على الجميع .. ومع مرور الزمن صدقوه حتى أبيك صدقه، وكذلك أمك رغم أنها تقف إلى جانبك كانت تخشاك وتنعتك في فترات مجنونة..
ـ إني أتذكر أول مرة نعت بها .. عندما خرجت من غرفتها عنوة حيث كنت أحاول وأنا في العاشرة كما أظن فك الحبل الملعون الملتف حول رقبة أخي الصغير..
ـ لقد اتهمك الجميع بأنك خنقت أخاك بسبب غيرتك منه لأن الجميع يهتمون به.
ـ ولكن يا سيدتي ..
ـ أعلم .. لقد دخلت الغرفة فوجدت الحبل يطوق عنق أخيك ، وعندما لم يتجاوب مع حركاتك أخذت تفكين الحبل محاولة إيقاظه فإذا بوالدتك تدخل فجأة ويلحق بها الآخرون ..
ـ أجل ..
ـ وبعدها أخذ الجميع ينعتونك بالمجنونة ..
ـ أجل .
ـ والآن تحققت مآربهم ، وبما أني أعرف أنك لست مجنونة لذلك يجب علي مساعدتك ..
ـ إذاً لماذا أبقيتني هنا كل هذه المدة.. ؟
ـ خوفاً على حياتك ..
وخرجت من باب صغير جانبي من المدرسة وأخذت أتجول في الشوارع حتى وصلت الدار التي وجدتها مهجورة، وأخذت أبحث عن منفذ أدخل منه إليها، ودخلت.. أخذت أتجول في ردهات الدار وأشعل الأنوار حتى أصبح البيت قطعة من نور.. ويقرع الباب الخارجي، كان الحارس الليلي الذي اعتاد المرابطة أمام الدار أثناء نوبته، وتجلجل من الخوف عندما شاهدني، لكني قابلته بابتسامة رقيقة، ودسست في يده قطعة من النقود وأنا أقول..
ـ لا تدع أحداً يدخل الدار حتى تخبرني..
كانت الصور تجري أمامي وأخذت ألاحقها أبحث في الغرف المشعة بالأنوار عن شيء بينما أصوات فرامل السيارات المسرعة التي تقف أمام الباب تصك أذني، تدفعني إلى الجري، كنت أبحث عن شيء لا أعرفه.. وتصلبت أمام غرفة استعصت علي لا أذكر لمن كانت، ولكن الباب فتح.. كانت الجدران ملطخة بالصور وبالمناظر الجميلة وقد علاها التراب .. أخذت أجول أتفحص اللعب المتناثرة.. لقد كانت غرفة أخي الصغير الذي كنت سبب موته.. وشاهدت السرير المتحرك المشدود بالحبل (لأن والدتي كانت تهزه بواسطته أثناء انشغال الخادمة) وأخذت الحبل بيدي هازة السرير محاولة تذكر صورة أخي، لقد بدت تلك الصور الموضوعة في براويز حول السرير غريبة ولم أعرها انتباهي..
وتذكرت شيئاً وأنا أتأمل صورة عمي أحمد أصغر أشقاء أبي فأطلقت الحبل من يدي.. وأخذتها بين يدي وأنا أستغرب وجودها في ذلك المكان .. ورن جرس سيارة الشرطة فأسرعت والصورة بين يدي خارجة من الغرفة وهبطت الدرج ثم شرعت الباب على مصراعيه داعية الجميع إلى الدخول وأخذت أتأمل الجميع المذهولين وشاهدتها مبتسمة ، وتقدمت وهي تمد يدها ملقية تحية المساء وأجبتها بانحناءة من رأسي، ثم دعت الجميع إلى الدخول .
كان أعمامي الثلاثة وعماتي وكل المستفيدين من وفاة أبي بالإضافة إلى رجال الشرطة ومديرة المدرسة التي هربت منها، وأخذتني المشرفة جانباً، وأخبرتها بما قمت به، ثم قدمت لها الصورة فتأملتها وأخذت تجيل نظرها في الجالسين.. وعندما وصلت إليه دفعتها بكتفي فتوقفت أمامه واقتربت من ضابط الشرطة .
ـ ماذا هناك يا سيدي.. ؟
ـ لا أدري لقد اتصل بي أحدهم. ادّعى أن هناك لصوصاً بدار المرحوم محمود..
ـ إذن لماذا جلست .. ؟
ونهض الضابط مرتبكاً، فأخذته جانباً وتحدثت معه قليلاً، وعندما انتهيت، اتخذ طريقه إلى الباب الخارجي، وهو يشير لمرافقيه، ونهض العم أحمد..
ـ سيدي.. ؟
ـ وماذا تريد .. لقد أثرنا المشاكل لسيدة الدار..
ـ ولكن .. ؟
ـ أعلم ما تريد قوله، لكن ما دامت المشرفة والتي تعرف كل شيء شرحت الأمر فلا داعي للبقاء..
وخرج الضابط ومرافقوه ، ودبت الحركة في الدار المهجورة ، أما أنا فقد أخذتني المشرفة والمديرة جانباً ، وسألتني المديرة عن سبب هروبي ، واحترت في الإجابة ، لكن المشرفة شرحت الموقف ، وتحول غضب المديرة إليها ، ووعدت بمجازاتها وهي خارجة والتف أعمامي حولي بينما اختفت النسوة وران الصمت علينا .
ـ سلوى تعبة يجب أن ترتاح ..
تخلصنا منهم وأخذتني إلى غرفتي ، وأخذنا نتحدث ، كانت تعرف كل شيء عن الدار .. دخلنا غرفة أخي لنبحث في الزوايا والأدراج عن شيء .. وانتقلنا إلى غرفة أمي نبحث بالأدراج والخزائن ووجدنا "دوسيه" احتوت وصفات طبية، كتبها طبيب الأسرة، كما عثرنا على دفتر به بعض الملاحظات.. وخرجنا من الغرفة لنفاجأ بالعم أحمد يتلصص ، حيث تصلب في مكانه ، ومررنا به في هدوء مجرمة هكذا كنت لكني في نظر أقربائي مجنونة ، ولهذا لم يحدثني أحد عند الصباح ، ولم يشاركني مائدة الإفطار سوى المشرفة ومديرة المدرسة التي وصلت مبكرة ، وأخذت أتجول مع الاثنتين في حديقة الدار ، ولما عدنا كان الجميع في غرفة الجلوس ، وطلبت المشرفة الشرطة التي حضرت وقدمنا للضابط الملف الذي وجدناه في غرفة والدتي ثم طالبته بفك الحجز على الدار والمصنع ، وتسليم كل شيء لي ، واحتج الحضور ، وأخذت الكلمات تعلو بينما أخذ يقلب الملف ..
ـ إنها مجنونة وقاتلة ..
ورفع رأسه باحثاً عن صاحب الصوت .. ولكن ران الصمت على الجميع ونهض إلى التلفون وطلب الدكتور، وهو يتأمل الجميع.. وحضر الطبيب ، فأخذه جانباً وأطلعه على الأوراق ..
ـ وكيف مات الصغير .. ؟
ـ كما أظن طبيعياً..
ـ ولكن أين الشهادة ..
ـ هذه ..
وتأمل الشرطي الشهادة، ثم اطلع الدكتور على جملة وضع تحتها خطاً (لقد قتلت أخاها، إنها مجنونة.. ولولا مساعدة الطبيب لكانت فضيحة).
ـ ما رأيك في هذه الكلمات .. ؟
ـ لا أدري .. ولولا أني أحتفظ بسجل للأسرة لكنت صدقت هذا.
ـ هل كان الطفل مريضاً .. مرض الموت .. ؟
ـ تقريباً..
ـ ومن كان يشرف على علاجه.. ؟
ـ أحمد كما أذكر . لأن المرحوم كان مشغولاً في سفرياته ومشروعه الجديد .
ـ المصنع.. ؟
ـ أجل .
ـ وسلوى هل تذكر عنها شيئاً.. ؟
ـ أبداً ..
ـ ألا تعرف دوافع إدخالها مدرسة داخلية .. ثم عدم مشاركتها في دفن والدها؟
ـ قيل إنها اعتذرت ..
وتلفتُّ حولي أبحث عن شيء أنهي به الحديث واقتربت..
ـ ألم يقولوا لك إني مجنونة.. ؟
ـ كنت أسمع شيئاً من هذا لكنني لا أهتم..
ـ لماذا .. ؟
ـ لأنها بعيدة ..
وأخرج الضابط صورة عمي أحمد القديمة من تحت الملف..
ـ هل تعرف صاحب هذه الصورة .. ؟
ـ أجل ..
ـ شكراً ..
واقترب العم أحمد وجلس على المقعد الذي غادره الطبيب،
ــ سيد أحمد ابنة أخيك "سلوى" تطالب بتسليم مخلفات والدها، ولكن هناك اعتراضاً منك.. وتدعي أنها مجنونة ومما هو ملموس نرى أن ذلك كذب، وهناك دوافع لذلك فما هو سبب معارضتك.. ؟
ـ لا شيء.. ولكن حرصاً على المصلحة العامة .
ـ إذن لا اعتراض .. ؟
ـ أنا لا أعترض.. ولكن لو قابلت الآخرين لوجدتهم يؤيدون فكرتي وأن ما قلت حقيقة ولا مصلحة لي فيما ذهبت إليه ..
ـ وما هي علاقتك بوالدة سلوى الحقيقية .. ؟
وجحظت عينا العم أحمد عند سماعه لهذا السؤال، وأخذ يرتعش عندما لوح الشرطي بدفتر مذكرات والدتي.. وطال الحديث وحضر آخرون وتلاشى فيه إصرارهم وادعاؤهم أني مجنونة .. وتسلمت كل شيء وخرجت الصحف تحمل نبأ دخولي المجتمع وتلقفتني الأضواء ، وأخذت أبحث عن نفسي بعد كل هذا ، ولكن وجدت أني منبوذة .. لقد طغت تلك المرحلة المترسبة في أعماقي أخيراً وشعرت بأن علي أن أنزوي.. لقد وجدت أخيراً البريق، ولكن بصورة جديدة.. كان بريق الحقد الذي يطلق من مقل من حول حتى من المشرفة التي وجدت أن دورها انتهى بانتصاري.. ونسيت في لحظة انبهاري فضلها فتلاشيت في الزحام ..
*    *    *
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إحدى قصص كتاب ( البحث عن ابتسامة ) حكايات وقصص قصيرة الصادر عن نادي القصيم الأدبي 2008م