الخميس، 18 نوفمبر 2010

فرشاة الاه الرعد



فرشاة الاه الرعد
 قصة قصيرة
 محمد المنصور الشقحاء

عندما حملت شهادة التخرج من الجامعة مشحونة كما عنقاء ملتهبة بجناح يلامس الماء وجناح يبلغ السماء بقدر كبير من الفعل الذي في إمكاني التحكم فيه، فقد ابتدعت طريقة تصنع الكائنات الحية في داخلي، أنفسها بطريقة تسمح بظهور العيوب حتى يتم إصلاحها وفق قانون خاص للمقاومة، كانت هدية الأسرة زوجا لم يفكر في تخصصي أدب انجليزي، ولم يمنع اشتغالي بتنمية هوايتي كفنانة تشكيلية وأنا أرصد جملة استخرجها من الذاكرة عندما أتوقف من التعب ( آه أيها الرجال البائسون الذين تحطمون نوعكم بالذات من خلال تلك المسرات المراد منها إعادة الإنتاج، فكيف يحدث أن هذا الجمال المهلك لا يجمد شهوتكم المتوحشة . ؟ ) فأستعيد نشاطي لمواصلة سحق روحي في الألوان وفرشاة تعانق بياض اللوحات.
إنما لم يشغل نفسه بتحقيق رغبتي في العمل في بيئة تتسم بالمنافسة الشديدة ، غير مبالية بالنزيف في الأدمغة التي تعيق دخولها المعترك متطلبات معقدة تفرضها رعاية وهمية تراه خلل في طموح المرأة. فكنت أقدم خلاصة معرفتي بين وقت وآخر في تقديم درس لغة انجليزية وأحيانا تربية فنية في مدرسة أهلية تعمل بها شقيقة زوجي.
ذات مساء جاء زوجي متهللا فقد عاد من بعثة للدراسة صديق طفولته، فكان حريا عمل حفل عشاء بهذه المناسبة، جاء الضيف مع زوجته وابنتيه، الكبرى في العاشرة والصغرى في الرابعة؛ أثر الغربة في حديثهم وملبسهم، الأم برغم تحفظها شغلتها لوحة رسمتها تأخذ حيزا بارزاًً من غرفة الجلوس.
بعد أيام أخبرني زوجي برغبة صديقه في مساعدة طفلتيه بالحضور معهم في دراستهم حتى أساعدهن على اعتياد الفضاء المدرسي، كانت ابنة العاشرة تقاوم ما حولها وفق تحرك حجارة رقعة الشطرنج، وأجدها بمهارة اللاعب تعرف وجهة كل حجر، تقترب أكثر مني لتشاركني خصوصياتي، وذات مساء وأنا أساعدها في حل واجباتها المدرسية اقترحت أن تكون موديلا أرسمه في لوحاتي القادمة؛ فاتحت أمها في ذلك، لم تعترض على الفكرة.
لما اكتملت اللوحة زرعت الأم على خدي قبلة طويلة وهي تحمل اللوحة لتعلقها في غرفة نوم الابنة، ولتطلب مني بصوت هادئ وطريقة خافتة الإيقاع لشخص أمضى وقتا طويلا يتحدث إلى مطلبه بصرف النظر عن الدافع لرسمها؛ لم أتردد في إعداد لوحة جديدة وجاءت لحظة البدء لمناقشة الشكل والحالة التي نتشكل فيها لفضاء رحب من التواصل.
هنا طفا على السطح أحداث تجاوزتها في رحلتي الدراسية، وعنونتها في لوحات بفرشاة اله الرعد. تلون فضاءها صديقة مفترضين أننا نهمهم ونحن نضبط نغمة حياتنا على ترددات نبوءة معرفة الروح الصحيحة. جاء اقترابها عنيفا في المرحلة الثانوية بعد انتقال المعلمة التي تعشقها لمدينة أخرى فكنت البديل الذي مارست معه لعبها؛بذاءة  تلذذي يثير شغبها ويدفعها إلى إيثاري بعنايتها وحراستي من الأخريات فخلقت ونحن في الجامعة نوعا من التواصل الرومانسي بأخيها الذي يعيدني للمنزل من الجامعة عند تأخر والدي، لم يتجاوز في التقائنا في مقهى ومطعم في لحظات مختلسة الحديث عن أحلامنا وهمومنا الجامعية.
ذات مساء وزوجي مسافر في مهمة عمل جاءت، لتحول الموهبة الخاصة لدي إلى انجاز أدركت أنها تعرف كل شيء عني وعن تأخر الحمل واستشعار مخاض الولادة وصمت زوجي، فأنا في مخيلتها الأرض القفر، كانت تحمل كتاب شعر يحوي رسوماً مختلفة تتواكب مع مضمون كل نص، وقد ثنت طرف صفحة تحمل صورة امرأة تفاصيل جسدها المكتنز تتجاوز إطارها.
 تستعين بمساعد لها لتسهيل مرورها بيسر ودون مساءلة إلى مرحلة دقيقة لشخص تراه مطلع، والعارف بما يتعامل في أعماق محاوره؛ ونحن ندخل المرسم وقفت أمام اللوحة البيضاء المعدة للتشكيل وتناثر الألوان، ثم التفتت نحوي كانت نظرتها تائهة في البعيد وكأنها في مكان تنتظر الصانع الأزلي المقيم في الغابة الزرقاء.
قالت بنبرة مطيعة: أين أجلس ؟
قلت: ( وأنا أسحب معطف الرسم حتى لا ألطخ ملابسي بالألوان ) هنا.
اقتربت مني تساعدني على لبس المعطف، أنفاسها تلفحني، توهمت أن شفتيها تدغدغ مؤخرة رقبتي فازددت بهجة، عدت ضمن صبية يلعبون في غابة غناء متناسين القوانين وقد جمعت التين ألشوكي أشدو بأغنية أحب ترديدها. سمعتها ذات يوم فحجبت كل الأصوات؛ توقفت عن الحركة اكتشف شيئا أعمق في عقلي بصوتي فابتعدت وهي تتشكل.
قالت: ابنتي تحبك.
قلت: إنها رقيقة وتدفع من يتعرف عليها إلى عشقها.
قالت: كانت الأثيرة في مدرستها هناك.
أكملت ربط حزام المعطف وشرحت لها كيفية الجلوس، وأنا أنثر شعرها تجلت صورة صديقتي التي أحتفظ بعديد من صورها الفوتوغرافية واللوحات المختلفة التي كانت تمنحنا خصوصيتنا التي انقطعت وأنا في المستوى الثالث من الجامعة بسفرها المفاجئ مع والدتها المريضة للخارج فانقطعت أخبارها.
كانت مغمضة العينين تتنفس بهدوء وكفها اليمنى تتصلب على طرف المقعد بينما الكف الأخرى الرابضة على فراغ المقعد الذي كنت أتمدد عليه عند التعب تتحرك ذهابا وإيابا تنتظر الحركة الأخرى، جلست بجوارها تعانقت كفينا على المقعد لاصق كتفي كتفها، التفتت نحوي طوقتني بذراعيها كل شيء فيها يبكي.
تأخر اكتمال الصورة وتناثرنا في فضاء المدينة كل ما نفعله يتجدد في زيادة مساحة انشغال زوجي وزوجها، والى استراحة صغيرة في شمال الرياض حملتنا سيارة أجرة خاصة ( لوموزين ) وأنا أنصت لغيابنا بحثا عن ما ينبغي الآن أن يولد في ذاتي التي بعثت .سبحنا ومن الإرهاق نمنا وإذا بصوته يدعونا للعشاء.
قالت: صديق من رض الغربة.
قلت: كيف ؟
قالت: انه من هنا رجل أعمال ومغني اسمه الحركي يثير الانتباه.
ونحن نجلس حول طاولة الطعام عرفت أنه يملك المكان وأنه تعرف عليها في حفل المعهد الذي درس اللغة الانجليزية فيه أثناء دراستها في بداية اغترابها وتكرر سفره كاسبا التأهيل في برامج ودورات تنمي هواياته ومشاريعه التجارية.
يتساقط مطرا وتتجاوب ضربات قلبي مع حاجات لا تتغير في أن أقضي من هذه اللحظة حاجاتي وفق الأنا متجاوزة النظر عمن ستلحق به السعادة ومن سوف يرث البؤس، فالسعادة لذة والبؤس ألم، واللحظة لم تترك سبيلا للتصرف، فعلي اعتبار اللحظة قيمة ذاتي المنسابة فأنا الآن ريح مشاعر عارية كنت أنحني بحريق مضاعف لميلاد جديد في كون باهر.
وفي العشاء الثالث شاركني في رسم لوحة جاءت الفكرة فيها عبر ريشتي كما أتخيل اللحظة وبريشته كما يتخيلها، معها تحولت الاستراحة إلى مرسم بديل . ولما اكتملت اللوحة جاء احتفالنا متجاوزا المتخيل، لم يكن رجلا ممزقا بين امرأتين، بل نحن الثلاثة نشكل حالة صعبة غير أنها تأتينا بالسعادة؛ تحدثنا أكثر مما ينبغي لم أفكر في احتساب الأمور؛ رأيتها كيف استسلمت بوهن كانت مفعمة بالحنان ودافئة.
ولما طال سفره في رحلة عمل شعرت بقلقها في انعدام القدرة على التعبير مغيبة الوعي من فرط الاستغلال الذي لم تواجهه. والاستنزاف القهري بسبب خلل هيكل القوة في داخلها مما يعني انجرافها للقاع، فأخذتها في جولة بأحد الأسواق ثم جلسنا بالمقهى ليقتحم طاولتنا من أثار عجبنا، ابتسم من غير أن يلاحظ انزعاجنا.
قال: كنت أراقب تجوالكم .
قالت: لم ؟
قال: لفت نظري تعانق كفيكما.
قلت: وما شأنك ؟
قال: أنتما عاشقتان وأنا عشقتكما.
جاء صمتنا متوافقا مع استرساله في الحديث واكتشاف مخزون كل واحد، ليس فيه ماهو كئيب أوخفي يفرض الاقتراب منه بحذر. دفع حساب القهوة وبسكويت البيت فور غادرنا السوق عربته الفارهة لم تغير من وجهتنا وحديثنا فلم يعد هناك ما يتوجب التفكير، طالت الطريق بسبب إشارات السير وازدحام الطريق وفي جنوب المدينة وعبر شوارع ضيقة شديدة الظلام فتح مدخل سور تغير لونه بفعل الزمن لندخل ( استديو ) خاص غرفة ومرسم  يتوسطه حامل يحمل لوحة لم تكتمل ولوحات متناثرة على الجدران، ومكومة على الأرض في تشكل بديع لنبع يضم كل الأحلام والأشكال التي تنتظم الحياة التي أعيشها متجاوزة النسيان في تقاطعات طريق مفتوحة وواضحة سرت فيها لاشعوريا ذات مرة في الفجر تسوقني دمدمة ولعثمات لأجد كل شيء، أحبني المكان والزمان فتعانق النور في داخلي زارعا أشياء لا تنسى.
جلست وجلست حول طاولة تداخل لونها مع بقع أصباغ تراكمت بعفوية، وجاء حاملا زجاجة مشروب لم تفتح وثلاثة كالفراش.على المقعد المقابل وسكب قطرات من المشروب تجرعت كأسي كانت المرة الأولى التي أتذوق فيها الخمر؛ وتجرعت كأسها، أشعل التلفزيون كانت قناة موسيقى غربية، قامت ترقص شاركها الرقص وشاركتهم بالتصفيق.
كل شيء فينا يتداخل ولما تنبهنا للوقت اتصل بهاتفه فجاء من أخذني وصديقتي لما دخلت المنزل وجدت زوجي في الفراش.تمددت بجواره التصق جسدي المبتل بجسده عاد تصببي المتبلور عبر متاهات أزلية تهيم بها روحي منذ جاء الكون فقد حزرت الحقيقة.
عرفت أن صديقتي وهي تهبط من السيارة تعثرت فساعدها السائق الأسود على فتح الباب وفي المدخل المعتم وهو يتفحص مفصل قدمها المتألمة ضاجعها مراهنا على السكون الذي اكتشف أهميته؛ وتركها في مكانها لتجد الخادمة التي أنسلت من غرفتها في سطح المنزل لأخذ ماء بارد من ثلاجة المطبخ تقف فوق رأسها فساعدتها على الصعود إلى غرفتها . شعرت ببعض الاستياء أهو الامتثال ألقسري أو الخضوع الذي يجتر المرء عبره هزائمه الخاصة وفق التصور الساذج والمضلل . غير أنه كان طفيفا إلى حد انه فاجأني هذا الإحساس البليد.
اكتملت الصورة التي اعتنيت بألوانها ولفتت فنياتي نظر صديق زوجي الذي نقل إعجابه بموهبتي زوجي، فقد امتزج عملي بالمعرفة ووصلت نفسي باله ممزوج بالمطر معه ذلك الرضا الضروري من أجل أن تشكل هذه التجارب الأكثر اهتماما بالاتجاه الوصفي شعورا مستقرا في زمن متحرك ، فجمعت حصادي بفرح الأماني التي معها تجاوزت جوعي.&

الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

ســـواد



                    ســـواد

                                  ( إليها واليهم والى الطائف المدينة)


شعر / محمد المنصور الشقحاء

     رف حُلم مأزوم يحمل بقايا تِرياق وجود
فكان أن تنبه خاطر دفناه مذ زمنٍ بعيد
أخذ يلتمع
يستلهم غواية أطفالٍ تُعفر أقدامهم الحافية الرمضاء
وتراب الطريق
    كنا هناك نبحث وقد غار الحلم
عمن يركض مع ملهاةٍ تتشرنق حولنا
حتى نفيق
كم كنا أغبياء عندما أسلمنا قيادنا
لوهم أخذنا إلى غيابة جب تلهينا بتجاوز متاهاته فكان الضياع
وكان الرحيل
    يا ذات الأسماء المموهة خدعني صمتك
وتوقف نبضي غدت الصور صماء
ودائرةٌ سوداء تُحكم خِيارنا المموج بالحياة
تأخذك للأخر
وأبقى أُجا لد الموت مقاوما فضاء النسيان
فالزمن تطاول ولم يعد للعمر بقية
وأنا اتلها كل مساء مع الفضاء الرحب
بسرد حكايتنا متوهما إثم عشق تقارب
    فِلما كلما جاء اسمي في جوانحك
يرف حلمي المأزوم وتأتين على حصان أبيض يختفي دوما في
ألسواد00

الخميس، 11 نوفمبر 2010

الركض عبر أزقة الزمن



الركض عبر أزقة الزمن
قصة قصيرة
محمد المنصور الشقحاء

 ** بعد تسويف وتردد كانت موافقتي سبب توقف انهمار دموع والدتي التي أتعبها جسديا ونفسيا إضرابي عن الزواج، فلما سمع الجميع موافقتي بعد أربعة أعوام من عودتي من رحلة دراسية ووظيفة تتفق مع تخصصي تجولت معها في مدن وقرى متفرقة حتى كان استقراري بالرياض.
ونحن نناقش مواصفات الفتاة المطلوبة والتي تقارب عمري الأربعيني جاء التركيز على واحدة من الأسرة تأخر زواجها بسبب إصرارها على إكمال دراستها الجامعية والعمل.
وهنا كان استئجار شقة للسكن وتأثيثها بالفرش والمقاعد وجهاز التلفزيون وأجهزت المطبخ الرئيسة على أن يتم شراء المستلزمات عند الموافقة وحسب مطالب العروس.
في هذه الأثناء كنت اختلي بنفسي في الشقة لملاحقة مباريات كرة القدم في كاس العالم التي تذاع عبر قنوات التلفزيون المشفرة.
ولم ألاحظ أن الشقة المقابلة لشقتي بها طبيب عربي وزوجته وابنته ذات السنوات العشر حتى سمعت صوتاً أنثوياً ذات ظهيرة يستأذن الدخول من الباب الموارب وعمال التمديدات الكهربائية يوصلون أسلاك مكيف الصالة التي أجلس بها.
كانت جارتي تبحث عن هاتف به خاصية الصفر لتتصل بجوال زوجها الذي تأخر ومعه الابنة التي انتهى يومها الدراسي فقدمت لها هاتفي وتواصلت مع زوجها، وقد لفت نظري جسمها الرشيق وشعر رأسها القصير والمقصوص ( كتواليت ) الرجال.
انتهت واستأذنت اتصالاً آخر، وتبادلنا الابتسام إذنا ولما تناولت الهاتف منها كان ساخنا وكفها ساخنة، سرنا نقاوم الاعتذار ونخاتل السؤال عن الحال حتى الباب وانتظرت حتى دفعت باب الشقة ودخلت.
انتهى عمال الكهرباء من انجاز عملهم وجلست أتابع لقطات مكررة لأهداف مباريات الأمس وقد نسيت إن الباب لم يغلقه العمال لأجدها تقف على راسي وبين يديها طبق به قطع حلوى وبسكويت، لمحت ارتباكي فضحكت.
ــ جاء زوجي وابنتي.
ــ الحمد لله.
ــ وهذه الحلوى سبب تأخره.
تناولت الطبق وخرجت قمت بإغلاق الباب وتمددت لأخذ دقائق راحة ولكن قرعاً خفيفاً على الباب نبهني، كانت هي والابنة يستميحاني مشاهدة المباراة التي سوف تبدأ بعد دقائق وفيها يمثل منتخب بلدها فريقاً حمله الجميع الصعود لادوار متقدمة، وقبل سماع موافقتي جلستا.
رن هاتفي يدعوني للحضور فخرجت ولم أهتم بالاثنتين، كانت والدتي التي تعرضت لنكسة صحية تنقل للمستشفى وهناك طال انتظارنا حتى كمل الفحص ونصحنا الأطباء بجلوسها أربعاً وعشرين ساعة للمراقبة فرافقتها أختي الكبرى.
في العاشرة ليلا عدت لشقتي أبحث عن الخلوة وعن متابعة باقي المباريات فوجدت قنينة عصير فواكه وطبقاً آخر به حلوي وقطعة كيك وقنينة ماء صغيرة تبقى نصفها.
في الواحدة وأنا أستعد للمغادرة آخذت أعيد ترتيب المقاعد وحمل الأطباق وآثار يوم كامل من الحركة، ولما فتحت باب الشقة وجدتها تقف في باب شقتها ترتدي ثوب نوم ناعم قصير يكشف كتفيها وجزء من صدرها، لم تتحرك فاقتربت منها حاملا الطبق الذي تركته، تناولته مبتسمة ودعتني للدخول.
الشقة معتمة وضوء أحمر خافت ينساب في كل مكان، وفي مواجهة الممر باب مفتوح وسرير نوم خال تعامد نظري مع نظرها على الباب المفتوح، كانت تحقق برنامجها، عرفت أن الابنة راقدة في غرفتها وأن الزوج بالمستشفى وأنها الآن هي من يريد قضاء دقائق متعة تبحث عنها بين وقت وآخر.
استمتعت بمفاتنها وحراكها، لم أجد صعوبة في الدخول في كل مكان من جسدها ولما توقفنا نستعيد أنفاسنا.
ــ تصدق لم أبحث عن الكثير.
ــ وأنا كنت قلقا.
ــ لم القلق ؟
ــ شيء لا أتحكم به.
كانت امرأة بلا قضية إنما عندها هدف محدد، تريد فقط أن تكون أقل خوفا، ووجدتها كتلة من المفارقات رخيمة أنيسة بمتعة البراءة الأولى؛ لنتنبه على صوت جرس الساعة التي لا ادري أين رافقتني إلى الباب الذي لم تغلقه حتى قفل المصعد بابه.
انقطع حضوري للشقة بسبب تدهور صحة والدتي، وتناوبنا في البقاء في المستشفى، وفي هذه الأثناء التقيت بالفتاة التي اختارتها والدتي عند زيارة والدتها لوالدتي ومرافقتها، وفي الممر اقتربت منها شاكرا زيارتها وأمام نافذة الممر المطلة على فناء يضم مواقف السيارات ومقصف وجبات سريعة ومشروبات يبيع باقات الورد وعلب الحلوى لزوار المرضى توقفنا فرفعت الغطاء عن وجهها لتسمح لي بمشاهدته عن قرب، تميل للسمرة نحيلة الجسد طويلة القامة ترتدي فستاناً حديثاً ضيقاً وبعفوية أهملت طرفي العباءة لتنفتح حتى أكون صورتي عن شكلها.
في اليوم السادس صممت على الذهاب إلى الشقة، وأنا أفتح الباب فكرت في طرق باب الشقة المقابلة ولم أتشجع، كانت الساعة التاسعة ليلا والظلام والمطر والبرد يحيط بكل شيء، فأشعلت الأضواء وتركت باب الشقة موارباً منتظرا حراك المكان وإذا بصوت رجل يستأذن كانت جارتي وقد تهدلت العباءة المزخرفة على الكتف وزوجها وابنتها بعد عشاء في أحد المطاعم تبادلنا التحية أعتذر الجميع عن قبول دعوتي.
ولم يمر وقت طويل وإذا بالباب يقرع كانت الطفلة تحمل قنينة عصير فواكه وطبق حلوى وبسكويت تناولته منها ومررت كفي على رأسها وتابعتها بنظري وهي تدخل شقتها.
 نمت في مكاني لأتنبه على الهاتف كانت خطيبتي تدعوني لمقابلتها، جاء اللقاء في السادسة عصرا كانت تنتظرني في مكان عام أوصلها إليه سائق أسرتها وعلامة التعريف حقيبة يد خضراء وزنبيل عليه علامة محل تجاري معروف حتى لا يلفت بحثنا رجال الحسبة ومرافقيهم من أفراد الشرطة؛ وفي عربتي وبعد أن غادرنا موقف السيارات تقابلت كفانا، وفي مقهى بمركز تجاري توقفنا.
ــ دعوتي للتعارف أكثر.
ــ هذا مشجع !
ــ وعلينا عدم التسرع في القرار.
ــ اجل.
وتشعب الحديث فالحاضر يدغم ذاتين في واحدة، لم يكن هناك خيار؛ ليرن هاتفها، وهنا طلبت مني إيصالها إلى المكان الذي أخذتها منه وان اقترحت عليها إيصالها لمنزلها لم توافق فوالدتها وإحدى قريباتها في انتظارها بالمكان الذي أخذتها منه.
انشغالنا بمرض والدتي والبحث في مناسبة الفتاة التي اختارتها أمي وأسرتها زرع القلق والجدال بين إخواني وأخواتي وقد تنافس الجميع في إيجاد البديل المناسب.
بعد اتفاق مع شركة دواليب المطابخ جاء موعد التركيب الذي تأخر فسبقتهم إلى الشقة انتظر وصول عمال النقل والتركيب، وأثناء حركتهم أطلت جارتي محيية ووقفت أتحدث معها، كانت العاشرة صباحا،  تتناول قهوة الصباح دعتني للدخول والهاتف يرن رفعت السماعة كان الآخر يحدثها وهي تحدق بي معلنة عن ترحيبها بوجودي، ولما أغلقت الهاتف طوقتني بذراعيها وجلسنا ملتصقين؛ امتصت الحياة مني وزرعت في داخلي تألق اله الحب، منزاحة بكل وجدها وشبقها إلى مرحلة خلق صور جديدة من العشق في لحظة اندغام مع شقشقة عصافير الصباح وصوت حركة المارة والسيارات في الشارع.
انتهى العمال من مهمتهم وكان علي تسليمهم باقي أجرتهم، ولما بقيت وحيدا في الشقة جاءت تحمل طبق الحلوى والبسكويت وقنينتي عصير الفواكه، جاء حديثنا عادي فقد تجاوزنا الانبهار.
وفي اللقاء الثاني بخطيبتي لم أكتف بتعانق كفينا فقد أطبقت على شفتيها في قبلة طويلة لم تقاوم إنما طوقتني بذراعها واستسلمت حتى شعرت أن أنفاسنا تقطعت فتركتها وقد كنا داخل سيارتي التي تقف في ضل شجرة وارفة بعيدة عن الانظار.
ــ هناك أمر ؟
ــ خير .
ــ اعرف ان الوالدة مريضة وإنها تبحث لك عن زوجة من اجل الأولاد.
ــ كل شيء بأمر الله.
ــ أنا معك.
وعرفت أنها في زمن سابق أجرت الفحص الطبي للزواج بعد أن تقدم لها احدهم وجاء الفحص أن صحتها جيده وان كانت تعاني من بعض العيوب الخلقية منذ الطفولة، أهمها ضيق المهبل الشديد، ولكن من ناحية الحمل عقيم بسبب خلل في المبايض والتصاق داخل الرحم وأشياء أخرى اكتشفتها بعد تخلي من خطبها عن إكمال مشروع الزواج، كانت مصارحتها ايجابية وتمنحني فرصة التفكير.
ــ هل أمك أخبرت والدتي ؟
ــ لم تفكر في ذلك.
ــ ولماذا ؟
ــ لا أدري.
اتفقنا على إبقاء الأمر سرا حتى تغادر أمي المستشفى وأوصلتها إلى منزلها وداعبتها برغبتي في الدخول واقتحام غرفتها .
خرجت والدتي من المستشفى منهكة وبقينا حولها نرحب ونستقبل الجيران والأقارب مما أنساني الهروب إلى شقتي، كما جاء تكليفي بحضور برنامج تدريب لمدة خمسة عشر يوما خارج البلاد، فرصة للنقاهة والتفكير في مصارحة أمي بشان الفتاة التي اختارتها زوجة لي0
ولما عدت تريثت وأخذت طريقي لشقتي وهنا كانت المفاجأة وجود ساكن جديد في الشقة المقابلة أسرعت إلى مكتب العمارة فأفادني بان الطبيب في إجازة من العمل ويسكن في الشقة الساكن الأساسي، أخته الأستاذة الجامعية وزوجها المرافق الذي يعمل مندوب مبيعات في شركة تجارية للتوريد والعلاقات العامة وعرفت ان الطبيب يقيم في سكن المستشفى وأن زوجته تأتي وقت الإجازات وهي تعمل محررة بصحيفة معروفة كمدير تحرير.
لم أتوافق مع هذه الأخبار فأخذت أتجول بسيارتي في الشوارع ثم قادتني إلى مطعم ومتنزه خارج المدينة يلتقي فيه الأصدقاء لقضاء الوقت ولعب الورق.
وأنا في طريقي للشقة تذكرت اسم المستشفى الذي يعمل به زوج جارتي فهو مشهور وبه خدمات طبية فندقية تجاوزت في بعض الحالات التصور الحالم، وأنا أسير على غير هدى بين الممرات كنت أجد ممرضات وعاملات من جنسيات مختلفة رشيقة وبمظهر خلاب وعلى محياهم ابتسامة تدعو إلى الاطمئنان والبحث عن كلمة طيبة.
ــ الدكتور جمال !
ــ نعم.
ــ ابحث عن الدكتور جمال.
ــ اخذ إجازة .
ــ يعني سوف يرجع.
ــ إذا ولدت زوجته.
ــ نعم .
بعد عشر سنوات حمل وإجازة مفتوحة وان علامات الحمل اتضحت وبما أنها في الأربعين وكلما زاد عمر المرأة قلت نسبة حدوث الحمل فلابد من رعاية خاصة إذا أثمرت العلاقة؛ وهنا كان الرحيل الذي معه إبقاء الإجراء في نطاق الحلم، ولجت الشقة وتركت الأضواء تشع ولم اهتم بالتلفزيون الذي يحمل فوق ظهره صحناً وردي اللون صغير الحجم، وبجواره قنينة عصير فواكه فارغة.
في الحادية عشرة ليلا رن هاتفي كانت أختي تخبرني بانتكاس صحة والدتي، وأنهم في طريقهم للمستشفى لم أهتم بإطفاء النور ووجدت جارتي الجديدة ومعها مجموعة من الرجال والنسوة عند المصعد، الجميع راقب خروجي من الشقة.
ــ هل أنت الجار الجديد ؟
ــ وانتم !
ــ نحن هنا منذ عامين.
ــ شهر. . إنما كان في الشقة آخرون ؟
ـ نعم شقيق الدكتورة.
وعرفت إن الدكتورة التي تعمل بكلية جامعية في قسم البنات كانت في إجازة دراسية أثناء الصيف، معه سكن الطبيب وزوجته التي جاءت في إجازة عمل لقضاء بعض الوقت الدكتورة كبيرة في السن وجسمها المكتنز يشع بياضا والأخريات والآخرون يتفاوتون في العمر وتباين الملامح ولون البشرة.
دخلت والدتي غرفة العناية المركزة ثم لفظت أنفاسها وبعد انتهاء العزاء أخبرت أختي الأكبر بفحوصات خطيبتي وقرار الأطباء استحالة حملها.
ــ من ؟
ــ زينب بنت الخالة نوف.
ــ هذه تزوجت.
عرفت أنها حصلت على بعثة للدراسات العليا وتوافق ابتعاث آخر من أقارب والدها فكان زواج تسهيل السفر وإكمال الابتعاث، شعرت بالضياع أني أشبه كالكامش الذي عاد خائبا من رحلة الوصول إلى الخلود  ومع غروب الشمس وأمام باب شقتي وقفت مترددا بين الدخول والمغادرة وحولي حركة سكان العمارة وتراكض الأطفال، ولمحتها ملتفة بالعباءة تخرج من المصعد، حدقت فيها وهي ترفع الغطاء عن وجهها تدقق في أرقام الشقق ولما وجدتني أراقبها تبسمت، عندها فتحت باب الشقة وتركته مواربا وجلست في العتمة أحدق في التلفزيون وشع نور انفتاح الباب.
ــ لم أجد أحداً.
ــ نعم ؟
ــ أخي وزوجته.
كانت في زيارة لشقيقها، زوجها غادر قبل أن يتأكد من وصولها، دعوتها للجلوس جاءت كماء السماء؛ تلفتت حولها تقوم ثمن ثقتها الطائشة في حضور مجهول وكأن شخصا  يسوقها ليخلصها من شبح في الخارج كان يركض وراءها.
ــ لا يوجد أحد.
ــ وأنت ؟
ــ مشروع لم يكتمل . . لا أدري لماذا أحببت هذه المدينة!
ــ إنها رغم تعددها تزرع السلوان.
ــ وتأتي من الضياع.
شرحت لها وضعي أنفاسها أرواح بشر لا تعرف الرعب الضاج بالعزلة، تركتها لإحضار أكل ومشروبات من مطعم مشويات وفلافل اعتدته، ولما عدت كانت تجلس أمام التلفزيون ثم نهضت ترقص على أغنية انبثقت عبر الشاشة فالرقص يفجر عقدنا الخفية؛ تناولنا لقيمات وتجرعنا بعض القطرات من المشروب شعرت بارتعاشها ونزقها.
ــ سوف يأتي في العاشرة.
ــ من ؟
ــ أبو ميسر.
ــ زوجك ؟
ــ وصغيري ميسر الحياة المتواصلة.
عرفت ان الطفل ذا السنوات الأربع مع أبيه الذي أخذه إلى مركز العاب الأطفال في سوق تجاري يقتني من محلاته احتياج الأسرة من الغذاء، وحتى تزور أخيها؛ تذكرت جارتي وحملها وخطيبتي التي لم تنتظر ردي. صدرها الصغير لفت نظري وبياضها المائل للشقرة ألهب أفكاري وفي التاسعة والنصف استعادت الهدوء ورن هاتفها كان زوجها ينتظرها عند باب العمارة وهي خارجة لمحت ابن شقيقها ذا السنوات الثلاث ينسل من المصعد فهبطت مع الدرج.
 أعلنت الإدارة التي أعمل بها عن برنامج تدريب جديد لمدة عام فتقدمت له وتوافق اختياري مع آخرين من إدارتي ومن دوائر حكومية أخرى، ذكور وإناث في مدينة أوربية وأخرى أمريكية، وبما أنني جربت أمريكا سنوات الدراسة الجامعية فكان اختياري للمدينة الأوربية لندن مع معرفتي بصعوبة المعاش اجتماعيا وسياسيا فقد كان تحد جديداً، جاء سكني وفق ترتيبات المعهد المشرف على البرنامج وبعد أكمال التسجيل وإعداد جدول البرنامج قررت إدارة النادي العربي بالجامعة التي تضم الكلية التي ندرس برنامجنا بين جدرانها دمجنا في مناشطه؛ وكان الحضور اللافت خطيبتي التي لم يؤثر على تركيزها وقوفي أمامها، عرفت إنها أكملت عامها الأول وأن زوجها هجرها بعد ستة أشهر وقد انضم إلى مجموعة معارضة لم تتمكن من توحيد صفوفها في الداخل كحركة احتجاج اجتماعية بشأن مطالب الإصلاح والتغيير التي يمكن الحصول عليها بالتفاهم والحوار ؛ فتحولت إلى جماعات انشقاق سياسية تتوزعها الأثينية الطائفية المذهبية والعرقية القبلية؛ تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية في الوطن وفق أجندة بريطانية تتقاطع مع المصالح الامريكية.
ــ ستجعلينني اشمئز من نفسي.
ـ نعم ؟
ــ لن أرغب في وجود أي كان معنا.
ــ لماذا ؟
ــ لجرحي القديم الذي دمك جف عليه.
وتركتها مع مجموعة من الطلاب لمناقشة اختيار أعضاء مجلس إدارة الجمعية التي تشارك في نشاطها العلمي؛ ولحق بي أحد أعضاء البعثة وجلسنا على مقعد في حديقة عامة تقبع بين السكن والجامعة يائس حزين وبمعرفة كاملة كنبوءة حالة لموضعه الروح.
ــ ستتمكن من مضاجعتها في نهاية الأمر.
ــ تلك اللؤلؤة السمراء ؟
ــ نعم .
كنت أعاني من فراغ غامض . . ماذا عساها تريد . ؟ إنني أجد الخلاص في نكران نفسي، فالدم الذي يجري في أعماقي مسموم، الأمر يتطلب عملية خلق كاملة فقد تلوثت عيني ونفث الصديد سمه في قلبي، أغرق في وهم لم يتحدد إطاره ولم اسع إلى تجاوزه. عالمي الداخلي لم يسع لبعث تجربتي الذاتية والتعبير عنها بلغة واضحة.
وفي الصباح وأنا أستعد لمغادرة غرفتي للجامعة وجدت ورقة صغيرة تحت الباب ( هذه الليلة سوف أحضر إلى غرفتك في الحادية عشرة والنصف . . خطيبتك ) ذلك الشعور الملتبس الذي استقر في داخلي جميع أفراحه صارت الآن تخفي طعما غير مستساغ، فوجودها بعث في لذة لاذعة.
ــ أتعرفين ماذا فعلت اليوم ؟
ــ ماذا فعلت !
ــ لما أنهيت كلمات رسالتك . . فكرت بالموت
ــ وبعد ؟
ــ تذكرت حياتي المحمومة والمعقدة.
وتوقفنا عن الحديث كنا نركض نحو اللحظة التي استعصت وذلك الجوع الممتد لكل شيء خلفنا؛ أشكل معها صيغة أحلامي كما الآخرين، وكل ما أتذكره أن حلمي كان يسير معي في الشفق، وفي لحظات انتشار ظلي ببطء على الجدران وأنا أركض بحثا عن شيء أسطوري.
دفنت وجهي في صدرها أستمع لنبضات قلبها وأستنشق الرائحة الطيبة؛ ناصت للحديث المرسل بالحكمة والمغفرة أستجدي البقايا المشتعلة من طموحات عالمها الدوار وقد استنفذت السنين ذاكرتي، فلها طريقة سرية تكفي لمعرفة أن دائرتها الوسيعة المطوقة تضم الكل وقد تبلغ الكل.
وعند مدخل مكتبة الجامعة انفصلنا، ودع أحدنا الآخر بكلمات مقتضبة؛ لأجد مرافقي في إعداد بحث الموضوع الذي نشترك فيه مع باحثتين من جنوب إفريقيا ونيوزيلندا يناقش ما تم الانتهاء منه لتكون المراجعة بوجودي.
ــ رائحتك عبقة.
ــ . . . .
ــ لقد ضاجعتها أخيراً أنها رائحة الأرض.
ــ . . . .
ــ لقد قتلت الأوراق.
ــ أنا رأيتها تسقط.
كان يسترق اللحظات لينفس عن اكتشافه باللغة العربية أمام صمت مرافقتينا وانشغالهما بتدوين الملاحظات وصياغة ورقة العمل وتوزيع المحاور عند النقاش واحتفلنا أربعتنا في نهاية الأسبوع الأخير، بالتقدير المتقدم في مطعم الجامعة ثم في غرفة الإفريقية التي قدمت جسدها قربانا للمناسبة؛ النيوزلندية الساخنة مثيلية وتميل إلى الذكورة مبررة حيويتها وزهوها، وان تمكنت من اكتساح حصونها والركض في ساحاتها كما حصان بري انفلت لجامه عنوة من يد مروضه، بعدما لعب المشروب برأسينا وقد علا شخير مرافقي وكذلك الإفريقية التي سكن حراكها، ولما عدنا لرشدنا كان الصداع يحطم رأسي والشقراء ترمقني بتوجس ثم أجهشت بالبكاء.
ــ  هل انتهينا
ــ . . . .
ــ هو الوداع لزمن مليء باللاشيء.
نوبة من نوبات الضعف التي تنتاب القلب، واصلت البكاء متكئة إلى كتفي لا يمكن تصوري ونظرات زميلي القلقة والإفريقية المبتسمة فأحسست بنفسي خسيسا، ومعها أصبحت عيناها قاسيتين، واستعادة وعيها تحول البكاء إلى حشرجة، احتضنها مرافقي وغادرت الغرفة مع الأفريقية.
بينما أراجع بيانات أوراق إجراء في المكتب رن الهاتف كانت خطيبتي السابقة التي عادت، تدعوني لموعد عشاء مذكرة بما يقوم به المحبون في الغرب عند الموعد الأول.  &&

النسخة الأولى




         النسخة الأولى
ـــــــــــــــــــــ
قصص قصيرة جدا
محمد المنصور الشقحاء


        بوله أخذ يمزق المظروف وبرز الغلاف الموسوم بصورتها. هو النسخة الأولى من   كتابه الجديد.
ما إن فتح الغلاف حتى أحس بوخز في باطن كفه الأيمن. أعاد إطباق الغلاف كانت صورة عواطف تتموج غائمة بأطراف مدببة.
وقع الكتاب على الأرض. أخذت الحروف تنسل متناثرة ومع اندهاشه انفتح باب الغرفة وارتفع صرير مزلاج النافذة لتنفتح على مصراعيها.
فأمتد خط من الأحرف ومن أوراق الكتاب إلى عنان السماء.&






النجاح
ـــــــــــ


أخذت تركض في أرجاء الدار. نجحت أخيراً؛ لم تفكر في نسبة التقدير، كان همها اجتياز عقبة فشلت في تخطيها خمس مرات، ولما شعرت بالتعب دخلت غرفتها ونامت.
أقلق تأخرها الجميع. أسرعت أمها وإحدى أخواتها، استقبلتهما رائحة عبقة وابتسامة صغيرة.
هزتها أختها كانت متصلبة وباردة. لقد أسلمت الروح منذ كان انتصارها.&





المدرج
ـــــــــــ

بسبب الفراغ شعر بالاختناق. فأخذ طفله وتوجه بسيارته إلى المدينة الرياضية، الأضواء تملأ المكان وصوت الرعد ومذيع يعلن نتائج المتسابقين.
جلس في آخر المدرج الجنوبي يراقب الناس والألعاب. أخذ الطفل يتنقل بين المقاعد الفارغة، والحاجز الحديدي الذي يحمي الملعب وفي الثامنة شعر الطفل بالتعب فصعد المدرج وجلس بجوار والده.
في العاشرة لاحظ أحد رجال الأمن الطفل ووالده. كان الطفل نائما والرجل جثة هامدة.&





وجه
ــــــــ


الطابور طويل ويشكل ثلاث مسارات. كنت أقف في المسار الأول بينما يقف في المسار الثاني، تقدمنا مع بطئه كان منسجما مما أعطانا فرصة المناقشة؛ المسار الثالث أسرع تأكدت من ذلك وأنا الحظ وجها غاب أسمه يتكرر.
انتقلت للمسار الثالث وتجاوزت صديقي ووقفت أمام النافذة. الموظف ذو وجه يتكون من قسمين؛ الأول جزء من الوجه الذي تكرر والجزء الثاني بعض معالم وجه الصديق الواقف في المسار الثاني.
سددت القسط التاسع من قرض بنك التسليف العقاري وخرجت. رجل السير بجوار سيارتي فاقتربت وجلاً، فتحت الباب، أدرت المحرك ابتسم وهو يتجاوزني على ظهره رسم وجه قسم يحمل وجه صديقي وقسم يحمل الوجه المتكرر.&














العجوز
ـــــــــــ


تعمقت في داخلي صورة العجوز الذي كان جالساً أمام باب المسجد يبكي. فتصاعدت الغصة في صدري.
تذكرت أني يومها تجاوزته بدون مبالاة. ركضت عندما تعالت زفراته نحو عربتي وغادرت المكان.
الطرقات مزدحمة وأناس يتحركون أمامي وقد اختفت ملامحهم. شيء في ذاتي يتربص بي وعند مدخل المقهى كان اللقاء.
دعوته لمشاركتي مجلسي. أمرت النادل بإحضار شيشة أخرى كنت: أنا. .وكان: أنا.
غمغم النادل وهو يثبت رأس الشيشة بكلمات مبهمة وغادرني. تشعب حديثنا
قال: أغصان المكان إليك
قلت: ماذا ؟
رغم مرارتي . . نهض
ترك الغصة تتصاعد في داخلي. فالعجوز يقف في المكان يطلب صدقة. يرجو إحساناً انه ذاك الزمن وهذا المكان .&





البديل
ـــــــــ



أخذ يحدق في المارة يتأملهم بإصرار متناه . بينما أصابع يده اليسرى تقوم بنتف شعيرات ذقنه التي لم يحلقها منذ عشرة أيام .
وفي لحظة انجراف لا يدري أحد كيف كان . قفز من مكانه فوق الرصيف إلى أسفلت الطريق العام، لتسحقه عربة شحن أمام عيون الجميع ويتوقف تصوير المشهد ويتكوم المشاهدين .
يتقدم احدهم لمساعدته على النهوض من مكانه. ويرفض اليد الممدودة ويغادر المكان في صمت وخيلاء .&




توهج
ـــــــــ



اشتعلت النار في العربات المصطدمة. وأخذ الناس في سحب من في داخلها، وقبل أن يتمكن الجمع من إخراجي تفجر كل شيء.
النيران تطوقني من كل مكان. وأخذت أتوهج وقد ارتسمت على وجهي ابتسامة صغيرة.&
















الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

عمل المرأة والسعي الكريم


عمل المرأة والسعي الكريم
محمد المنصور الشقحاء:
الحديث عن عمل المرأة اخذ مناحي مختلفة منها الشرعي الذي ابتدع مواقف تخالف النص وتتجاوزه إلى العرف الاجتماعي وربطه بطاعة ولي الأمر.
وما صدر عن هيئة كبار العلماء في عمل المرأة محاسبه في المحلات التجارية القائمة جاء من اثر التزام القوامة في قوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله والتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ) النساء 34
بينما وفي ذات السورة قال تعالى ( يأيها الذين أأمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكون غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا ألهوى أن تعدلوا وان تلوا أو تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا ) النساء 135
وهنا تأتي كلمة قوامون في بيت الزوجية وقوامين  ولاة أمر والبون شاسع في إبراز دليل العدل في إباحة عمل المرأة ودورها في أعمار الأرض من خلال النسل والحياة بعد قوله تعالى ( وقلنا  يا أدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) البقرة 35 هنا الأكل والرغد وهما عمل جاء لأدم وهو ذكر ولزوجه وهي أنثى وجاء النهي للاثنين كما هو سياق ألأيه ولا تقربا هذه الشجرة.
ومن هنا نعود إلى قوله تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون ) البقرة 30 من هنا أجد اجتهاد من عارض عمل المرأة خالف النص القرآني الشامل الذي ربط خلافة البشر في الأرض مرتبط بعمل الرجل والمرأة وقوامتهما في ما أوكلهما الله به وهو يناقش الملائكة في خلق ادم وعمار الأرض.
ونحن اليوم وقد نمى إدراكنا والله سبحانه وتعالى يقول ( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) سباء 46
وهذا العذاب يأتي من منع خلق الله من السعي في الأرض بحثا عن الرزق والمعاش الكريم لحياة أفضل.
من هنا ندرك من خلال النص القرآني تدرج الخلق والتكليف من الله سبحانه وتعالى فقد كلف الملائكة بالعبادة وتنفيذ التكاليف ( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ) النجم 27
والملائكة في السماء والبشر ادم وزوجه في الأرض يعمرونها بالعمل والعبادة وهو امتداد لأمره سبحانه وتعالى ادم وزوجه عندما كانا في الجنة الأكل الرغيد وعدم اقتراب الشجرة الملعونة التي خالفا أمر الله فاقتربا منها وبانت سوأتهما وجاء خروجهم إلى الأرض خلفه وعمارة وهذا لم يكن مناط فقط بآدم إنما هو وزوجه أي ادم وحواء وهذا يسري على خلائفه إلى يوم القيامة.
من هنا عمل المرأة تكليف من الله سبحانه وتعالى تفرضه الحاجة التي بها يأتي العمران وهذا مصداقا لقوله تعالى ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب )   أل عمران 195
والنقاش حوله يوصلنا إلى مخالفة التقدير الرباني في الجزاء من خلال تدبر نواهي تعيق سعي المرأة في المعاش والعمل الكريم فالعبد العامل خير من القاعد والله المستعان.&&

اشتقاق


                  اشتقاق

شعر
محمد المنصور الشقحاء
ــــــــــــــــ
وأنا اعشق حزني00!!
اجتر في ليل الضياع
ذكرياتي00؟
فتنساب دمعة حرى على زمن ترف موجوع
فيه ركضنا بين شوارع الطائف
كما فراشات نور00!
ولقاء مسروق في الردف
في المثناه
في مكان تعانقت فيه أمانينا حتى الإنزياح
             000
كثير الأمنيات 00؟
وكثير بوحنا في فضاء وجهك نور السماء
في فضاء صوتك نغمات صب وصبا
في تدفق تعانق أصابعنا
فغفي الزمان ساعة جنوح لم يتوقع الفوات
وعلى الوجه بقايا من بسمة طفلة
شفها الوجد
فكانت منيتي التي بت ترقب لمعه كل نهار
في حماقات طريق التهب بنار عشق
وعثار غبار خوف انتظار00!
ضاقت بآهات دنف طار شذا بالمشتاق
الذي هاض وجدا
بهوى فاتن ينتشي من عذابه00!!
             000
ياله من حد القى حجابه00؟
في جب بؤس سحرها تمنطق غيابه
ورعى شكواي في لثم ثغرها
لما قاومت إطفاء عاذل 00؟
بشراها عندما أقبلت
فردد فضاء ( القيم ) ضحكنا ونحن نستبق الوقت
ونسبي طيف العشق
نعب من كرمتنا نبيذ تدله عتق بقايا وجودنا
في أوردتي
وبقية ضوء كنت قهر ما تبقى من حذر
             000  
أيام ما هانت علي وأنت تصدني وتصد عني
تجهل ودادي
وأنا أبقى ذكرى تمر النفس باكية
ناديت أحبتي00؟
وأنا واله بمن لهم في أعماق النفس
مواطن00!
وأنا أقول للعين بعد أن سفحت كفي
فأعرضت والريح عاتية
مهاة تباري الريح تحجبني في حضنها الدافيء
فما اللوم يثنيها عن وفاء لموعد
حمل بين ثناياه
نبض فؤاد تقلب بين الحقيقة والأوهام

المحطة الآخيرة

قصيرة
محمد المنصور الشقحاء

المحطة الأخيرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في اليوم الرابع على موتها تجمع الأبناء والبنات، حول التلفزيون حديثهم متقطع ومنهم من يتابع أحداث مباراة في كرة القدم بين فريق نادي النصر الرياضي وفريق النادي الأهلي الساعة التاسعة ليلا والمباراة في الدقيقة العشرين من الشوط الأول والنصر متقدما بهدف سجل في الدقيقة الثامنة0
رن جرس الهاتف تناولت عواطف الابنة البكر للمتوفاة سماعة الهاتف من ابن أختها الذي لم يتجاوز الرابعة تقبلت المواساة في والدتها من المتحدثة التي لم تعرف نفسها، أربكها حرص المتصلة على وجود الجميع / حنان / توفيق / عبد العظيم / أمينة / جاء ترتيب الأسماء حسب الأعمار 0
بعد صلاة الظهر وقد أخر توفيق سفره وأجلت حنان رحلتها مع طفليها بالطائرة أربع وعشرين ساعة واستمهلت أمينة زوجها الذي أقام عند شقيقه وتركها مع أطفالها الثلاثة تشارك إخوتها مراسم العزاء حتى بعد صلاة الجمعة بينما كانت عواطف تملك وقتها فهي منذ دخلت والدتها المستشفى في إجازة مفتوحة من العمل ومن زوجها وابنتها الوحيدة لتكون بجوار والدتها وهاجس الموت، عبد العظيم يقيم مع المتوفاة منذ عامين بعد أن طلقته زوجته وتخلت عن ابنها فقام بالعناية به، كانت المتحدثة ممرضة بالمستشفى الذي توفت فيه أمهم تعرف الجميع من خلال متابعتهم حال أمهم الصحية0
قالت: تقديرا لوصيه المرحومة وأنا محرجة جئت أسلمكم أمانة أودعتها الوالدة عندي طالبة مني تسليمها لبنتها عواطف في حضور الجميع0
بعد خروج الضيفة انتصب على الطاولة التي تتوسط الغرفة علبة بيضاء صغيرة الحجم يلتف حولها شريط أحمر اللون، ترددت عواطف في فتح ألعلبه وقام توفيق بفك الرباط في العلبة أساور ذهبية وخواتم فضية ذات فصوص من الحجر الكريم وصورة فوتغرافيه لرجل يعرفه الجميع ينعتونه بالعم متجاهلين اسمه وقرابته، ورسالة بخط مرتبك يعرفون إن أمهم أميه لا تعرف الكتابة وترهقهم بشرح ما يعرضه التلفزيون من أفلام اجنبية0
تخطفت أيديهم الحلي وبقيت الرسالة بين يدي عواطف مع الصورة التي تثنت أطرافها نسي الجميع أمر الرسالة وانشغل كل واحد بإعداد أهاب سفره، أول المغادرين توفيق لمواصلة غربته وركبت أمينة عربة زوجها بين شغب أطفالها واستعجاله، عواطف رتبت سفرها في رحلة حنان0
في المطار وقد غادرت حنان الطائرة شعرت بالوحدة مستعيدة الأيام الأخيرة لأمها مع صراع المرض ولاح أبيها الذي رحل منذ عشر سنوات في حادث سير أثناء زيارة عمل لقريته في أقصى الجنوب متابعا أعمال بناء منزل للعائلة في جزء من ارض زراعية تمكن بعد صراع مع أفراد من أسرته وبعض أكابر جماعته من تملكها0
يعلن المذيع الداخلي بأن الرحلة سوف تتأخر بسبب سوء الأحوال الجوية في محطتها الأخيرة ترددت في مغادرة الطائرة عدلت وضع مسند المقعد ونامت جاءتها أمها في المنام تسألها عن نصيبها في الحلي0
 قالت:إخوتي وهم يتخطفون العلبة لم يتبقى شيء
تنبهت متذكرة العلبة نهضت فتحت درج الحقائب الذي يعلو مقعدها أخرجت العلبة حدقت في الصورة تعرف الرجل يسكن في بدروم مبنى مجاور لمنزل الأسرة معتل الصحة والدها يعطف عليه ويتبع حالته الصحية وتقوم أمها بغسل ملابسه وإشراكه في الأكل حيث ترسل احدهم بما تجهز 0
قالت: الممرضة إنها من إملاء المريضة، الرسالة في صفحتين من دفتر مدرسي بقلم مرتبك وحروف تآكلت اطرافها0
أولادي وبناتي
كان أبيكم رحمة الله عليه بارا بي وحريصا على علاقتي به في البداية توهمت انه يعزني ولكن الوقت كشف لي انه حاقد ويريد تدمير من حوله وخاصة جماعته وأهله لم اصدق عندما قال أبي انه زوجني بسعيد الذي يعرف إن شيخ قريتنا خالي حجزني لولده صالح كما تقول أمي، كان صالح طوع أبيه ويده اليمنى حتى فقد عقله عندما ( طاح ) ذات يوم في بئر من ابيار مزرعتنا ولم تنجح محاولات أبيه في علاجه من البكم والصرع الذي ينتابه بسبب الجنية التي دخلته0
بعد ستة اشهر جاء سعيد وتزوجته وتقطعت حبال المودة بين والدي وجماعتنا سافرت مع زوجي لمقر عمله في الشرطة بوابا في المحكمة الشرعية بالطائف وكنت اخدم في منزل رئيس المحكمة، عندما يكون عنده ضيوف ويضحك الحريم من لهجتي فأتحمل ( عشان ) سعيد الذي خطط لشراء بيت أفضل وأوسع من الذي نستأجر0
تأخر حملي وقلق سعيد ووصلت شكواه للقاضي الذي أعطاه أوراق محو آيات من القرءان وأدعية كتبت بماء الزعفران عسى أحمل وصار النصيب الذي عطلني عن الخدمة في بيت القاضي وشعرت إن زوجة القاضي تكرهني وأمها تقول إني ( خربانة ) فانقطعت عن الناس حتى ولدت وجاءت أمي ومعها الشيخ وولده المريض، دخل صالح المستشفى ولما خرج قام سعيد برعايته بدعوى مواعيد المستشفى أستأجر له غرفة في شارعنا وأصبح الشيخ يرسل فلوس وحب وفواكه لولده عن طريق سعيد كان المريض يقضي وقته عندنا في الدار وشاركت سعيد في رعايته اغسل ثيابه وأعطيه من أكلنا عرفت انه يفرح ( ويصح ) إذا شافني لاحظ سعيد ذلك فأستغل الوضع فكان يمنع المريض من (شوفي)
 فيتهيج ويركض في الشوارع وتمسكه ألشرطه وتدخله المستشفى
فيأتي والده ويقوم سعيد بإخراجه ويتعهد برعايته ويطلب فلوس زيادة، خطط سعيد على طرد إخوانه من نصيبهم في مزرعة ألديره وشهد الشيخ معه 0
صالح اشتد عليه المرض فضعف جسمه، زاد نحوله وطال شعر رأسه ولحيته في يوم دخل الحمام يستحم أغمي عليه سمعته ( يطيح ) على الأرض لم يكن في الدار احد دخلت وحملته تمدد في غرفة الجلوس وفتح عينيه شعرت انه يريد قول شيء قصصت شعر رأسه وشذبت لحيته أخذ يبكي وهو يقبل يدي شيء مسني حرارة سرت في عروقي مسحت دموعه، قدمت له الأكل أمتنع فصرت اللقمة كان يضحك مثل الصغار وقام بتأكيلي وعندما خرج سلم علىرأسي0
لاحظ سعيد التغير ولكن لم يسأل فقد فتح بقاله ومكتب عقار يأخذ وقته ويجهز لبناء دار في مزرعة القرية، عرفت إن صالح يحبني وبطيبة خاطر أصبح رجلي يعرف سري ويشاركني همي في الصباح افطره
( نسو لف ) ونتابع مسلسلات التلفزيون وأرقد معاه في بعض الأيام وعند الظهر يذهب للمسجد ويقوم بفرش سجادة صغيره قدام باب غرفته يجلس عليها حتى العشاء ثم يدخل وفي الصبح بعد خروج سعيد يدق الباب0
انه أبوكم الحقيقي الذي معه شعرت بالأمان، وأنا تذكرت ريح أهلي بيت الحجر والذرة والقصب والبقر تحرث الأرض وتسقي الزرع والقربة التي ادلف بها الماء ولما مات سعيد زادت رعايتي، حتى جاءت أخته التي لم يرزقها الله بأولاد قبل عامين فأخذته للديرة بعد موت زوجها عارضتها في البداية وكان صامتا لم يتفوه بكلمه بكى وهمهم ببعض الكلمات لم يصرع ولم يركض في الشوارع كما هي عادته عندما يغضب، الحلي والصورة أعطاني يوم سافر0
تنبهت عواطف على حركة داخل الطائرة الركاب يعودون والمضيفين والمضيفات يقومون بأعمالهم تريثت حتى أقلعت الطائرة أخذت تدقق النظر في ألصوره، قالت المضيفة وهي تقدم لها كوب ماء طلبته: زوجك 00! هزت رأسها بالإيجاب0&
ـــــــــــــــــ