الجمعة، 9 أغسطس 2024

 

قصص قصيرة

محمد الشقحاء

 

 

 

 

منزل عُمر

 

 في رحلة سياحة الى أوروبا وأمريكا وفي ثالث يوم على استقرارنا بمدينة نيويورك اختفت وبرفقتها ابني الذي لم يتجاوز الخامسة.

تركت كل شيء هاتفها النقال حقيبة الملابس ادوات التجميل وشنطة اليد الصغيرة  .

بعد انتظار وبحث وخوف من الفصل من الوظيفة عدت للرياض متوقع معرفة مصيرها ولم اجد اجابة من اخيها واختها من والدها المتوفي من عام بعد وعكة صحية صادمه  .

اجدها حولي في غرف البيت انفاسها تشاركني غرفة النوم وصدى صوتها تحمله جدران البيت وبعض من ملابسها في مشجب الحمام وتعودت الوجبات السريعة  واكل المطاعم  .

بعد اشهر سته وصلني اشعار عبر الهاتف انها حصلت على وثيقة الانفصال من السفارة وعرفت انها زورت عنواني حتى لا احضر جلسات المحكمة فأصدر القاضي حكم التفريق .

بعد سنة جاء من يبلغني بإخلاء البيت حسب طلب المالك الجديد الذي عرضه للتأجير طلبت مهلة خمسة ايام قررت فيها البقاء كمستأجر  .

تعودت هدوء الحي وسكينة الشارع وتعارف الجيران وسوالفهم في المسجد وعلى رصيف المسجد وببقالة الحي التي توفر خدمة التوصيل للمنزل .

تجاوزت التغير الحياتي واعتدت العزلة والجلوس امام شاشة التلفزيون لمشاهدة الافلام الاجنبية ومنافسات كرة القدم والبرامج الوثائقية .

وفي حفل عشاء بالمنزل جمع موظفي القسم الذي اعمل به استأذنت إحدى الموظفات للنوم في غرفة الضيوف ولم الاحظ وجودها وانا اتجرع قطرات ماء من ثلاجة المطبخ قبل مغادرته لمقر  العمل .

ومع تساؤل احد زملاء المكتب قي الساعة التاسعة تذكرتها تسللت عائد فتحت باب غرفة الضيوف كانت نائمة وتتشارك الفراش مع اخرى وجزء من جسدها مكشوف اغلقت الباب الذي ازعجني صريره  .

جلست على احد مقاعد غرفة الجلوس لتطل بملابسها الداخلية وملتفة بغطاء الفراش وجله طلبت منها الجلوس مهدئ من روعها وغادرت المنزل  .

بعد خمسة اعوام جاء من يخبرني ان زوجتي السابقة في الرياض من ثلاثة اشهر وأنها تسكن شرق الرياض وبرفقتها امها الأمريكية وزوجها وأنها اسست شركة اجهزة الكترونية مع اخوها من أمها وتشارك امها والزوج في إدارتها .

لم  اسأل عن العنوان وإن خطر في بالي ابني ومعرفة مصيره وهذه الخواطر تلوب في ذهني واذا به يقف على عتبة باب المنزل ترافقه امه واخيها .

تركته وقد تألف مع الوضع لينام في غرفة الضيوف تركته نائم وذهبت للعمل وجاء اتصالها إنها اخذته وأنها صنعت كوبين من القهوة لها وله  .

وبعد زيارة عمل برفقة إحدى الزميلات لمدينة بريده وفي مطعم استراحة الطريق ونحن عائدين قال السائق ان السيارة تحتاج لتبديل بعض الإطارات وفحص المكينة .

وتركنا على طاولة المطعم حدقت في وجه الزميلة وتركت كفي ترقد فوق كفها لحظات وتوجهنا لمكتب الاستقبال لأخذ غرفة . &

5 – 6 – 2024 م

 

 

 

 

 

 

 

التراب

 

اكملت إجراءات السفر لرحلة العودة للوطن بعد عشر سنوات غربه من أجل حياة افضل .

وانا انتظر ساعة الانتقال من الشقة الفارغة اللا من الأثاث الذي تم بيعه ومجموعة نسخ ورقية من بعض مجلات الوطن وصحفه اليومية التي اجدها في مقر العمل  .

صعدت روحي للسماء باب الشقة مغلق وجهاز الهاتف بين وقت وآخر يرن لم اصل للمطار ورحلة المغادرة اقلعت بدوني .

تفقدني احد الأصدقاء أتصل بزملاء العمل باحث عني ووجد هاتف زوجتي مغلق وفي اليوم الرابع تم فتح باب الشقة ووجدني الجميع بكامل ملابسي أجلس متكئ على احد مقاعد صالة الجلوس بالشقة .

وبجواري على الأرض حقيبة يد وحقيبة ملابس جلدية محكمة الإغلاق ومحاطة بشطر طون بلاستيكي لاصق.

جاءت سيارة الإسعاف وبعض المختصين للفحص والمعاينة وتصوير الحالة تم استخراج جواز السفر من جيب الجاكيت الداخلي وبعد عمل محضر الحالة نقلت لثلاجة الموتى بمستشفى حكومي لا اعرفه .

تواصل الصديق بالزملاء في العمل وبلغ السفارة بموتي وسلمها جواز السفر بقيت في ثلاجة الموتى ثلاثة اشهر مترقبا الشحن لأدفن في احد مقابر بلدتي بالوطن.

ولكن حملتني سيارة الإسعاف وثلاثة من الزملاء إلى إحدى المقابر بشمال  الرياض .

قام الصديق بإنزالي للقبر وإغلاق اللحد لينهال التراب وقطرات ماء على الرمس وطوبة اسمنتية تنتصب عند راسي واخرى عند القدم  .

استمعت لهمهمة الجمع الصغير المودع وهم يواسون اقارب قبر مجاور كان جمعهم اكبر وتكررت صلاة الميت على صاحبه.

هذا انا  . .

فمن انتم أيها الجيران  . .  

 

16 / 5 / 2024

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ولماذا انا

 

شيء تمزق في اعماقها وانشطرت روحها المطمئنة بين النور والظلام وقد تجاوزت لحظة لا تدري كيف تشكلت وان كانت عنيدة لحد الشغب  .

وهي ممددة في فراشها والغرفة معتمة وبصيص ضوء ينتصب على الجدار المقابل من الباب الموارب .

كان هنا رائحته انثياله انتثاره كيف تسلل وكيف اختفى وماذا حدث غرقت في التفكير لربط أحداث لحظة  منصهرة بشبق عاطفة متوارية .

اعادتها لزمن تلاشى ركيزته  حي شعبي وطرق ترابية وملاحقة صبيان الحي ومشاركتهم اللعب ومعاركهم وكانت القائد وكان الجندي المطيع .

الساعة الآن الثانية بعد منتصف الليل الجميع هاجع في فراشه يلاحق أحلامه ابواب ونوافذ الغرف مغلقة وانين مكيفات التبريد ينبه الممرات ويغرق الدار بالصمت .

في السادسة عشر من العمر شاركت احدهم  الفراش كزوجه جاء التعارف في الليلة الأولى وفي الليلة الثانية ذكرها كمتنمرة ومثيرة للشغب ومتسلطة وكان يتوقى مواجهتها .

وفي الليلة الثالثة مارس حقه كزوج واصبح الأمر معتاد فراش واحد وغرفة واحدة وجسدين ملتصقين تفصلهم حركة مباغته وإن تراكمت الأيام وتغير المكان والفة فرضتها فترة تعايش منتظم .

ارتفع اذان الفجر بعض الأبواب فتحت ودبيب خافت يشغل ممرات المنزل وصالاته المفتوحة نهضت واغلقت باب الغرفة الظلام بقي ورائحته بقيت والاشباح تتلاحق فوق الجدران لا تدري متى غفت .

هي اليوم موظفة إدارة قانون كمستشارة في إدارة حكومية  تفكر في التقاعد وتخطط لفتح مشغل خياطة او محل لبيع الاكسسوارات والدمى .

لم تذهب للعمل اتصلت معتذرة بالإرهاق وهي خلف مكتبها جاء رائحته تزرع الرعشة في جسدها وقد فجر اللذة النائمة سأل عن إجراء اوراق يلاحقها كمراجع .

تذكرت إنه من ثمانية  اشهر يحضر كل يوم خميس ويقتطع من وقتها خمس دقائق كانت تحس بالبغض وهو من يبدأ الحوار ويغلقه في مواضيع تهمها كان يتألم من امر يتوقع انها تعرفه ويختفي لم يلفت نظرها مظهره او رائحته ولون غترته وعقاله وثوبه الأبيض المصقول والمكوي .

قلت : من انت

قال: صاحب قضية

قالت: ولماذا انا

قال: لا ادري

واختفي وبقيت رائحته

 

21 ابريل  2024

 

 

 

 

 

 

 

اكبر مما اتوقعه

 

 

دعاني إلى متحف؛ وإلى مطعم، وإلى غرفته، انا عضو وفد في ندوة فلسفية رواقية .

هو رفيق حراك جيوسياسي؛ سُجِن ، ثم هاجر ، جاء اللقاء مصادفة ووفق جدول المناسبة .

عدت للمعتاد لحظات تنبت كلمعة برق ودوي رعد وانقشاع سحابة وجموح احاسيس .

وحدث غير المنتظر كان ضيف لقاء عائلي تحدث كثيرا وهو يركز نظره علي مستذكر .

 

1 ابريل 2024

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ثلاث حبات سفرجل

 

 

 

السفرجلة الثانية

 

جاءت وانا طالب أدرس في المرحلة المتوسطة.

بيضاء تميل للقصر ممتلئة مع طفلها ذي السنوات الأربع تصادف جلوسها على الأرض في مقابلي ان عرفت لون سروالها الداخلي الصغير ولمعة باطن فخذيها

كانت زوجة ابن اخت زوج امي .

طلبت مني إحضار قرص تميس وفول وعلبة قشطة ابو تاج وانا اقف عند الباب الخارجي وضعت في كفي اليسرى ورقة نقدية بعشرة اريل ورسمت على وجهها ابتسامة صغيرة إضاءة الممر المعتم بسبب غروب الشمس .

تناولت العشاء معها ومع ابنها الطفل في الثامنة مساء وارتفع شخير ابنها ألذي نام في احدى زوايا غرفة الجلوس .

 انتهى العشاء وتناول الشاي وحملت الطفل لفراشه وعادت لجمع اطراف السفرة الورقية وانا أستأذن للمغادرة لمع برق لحظة لم اتوقعها معها ارتفع وجيب قلبي وغابت التفاصيل والأطراف كنت اتحرج عبر منحدر جبلي ملتوي حتى استقريت وانا اتقطر عرق .

تكررت اللحظة ثلاث مرات اهملت معها العادة السرية التي فتح بابها حلم تنبهت معه بسروال مبلل خلال شهرين من وجودها لقضاء الصيف في مدينة الطائف وانشغال زوجها بمهام عمل انتدب لإنجازه بانضباطه وخبرته كرجل أمن.

وضاعت معالم المكان والزمان واختفت تقاسيم الوجه المبتسم وانشغلت بدراستي وحياتي الخاصة وتخيل ما حدث وانا اتمدد في فراشي للنوم استعداد ليوم جديد .

 

 

السفرجلة الثالثة

 

وانا في غرفتي في المنزل الذي شرته والدتي ببقايا ارث والدي بعد مغرب يوم من اجازة نهاية عام دراسي بجامعة الملك سعود بالرياض واصوات افراد الاسرة وضيوفها من الجيران تصلني متقطعة .

فتحت باب الغرفة المعتمة تسلل ضوء الممر كانت جارتنا العانس ولما عرفت اني اتحرك دخلت وجلست على كرسي المكتب الذي تكدست عليه المجلات والكتب وملابس داخلية وجهاز تلفزيون صغير.

تحدثت عن زوجة اخيها واهتمامها بي وحديثها عن دراستي وفرح والدتي بقدومي لتعرف اسباب الثرثرة ودوافعها وهل هناك علاقة خاصة.

كنت في الثانية والعشرين من العمر حليق الشارب والذقن وشعر راسي منسدل على كتفي بهرني حديثها واخذت اتفحص تفاصيل جسدها الاسمر النحيل  .

صمتت تنتظر ردي على هواجسها كنت اجلس على طرف الفراش وبعفوية امسكت بذراع يدها اليمني وسحبتها لتجلس بجواري وانبثقت لحظة ايضا ضاعت معالمها بعد خمس سنوات  .

لم اذكر مقاومتها ولم اذكر أنثيا لها وإن اتذكر خروجها المتعثر وبكاؤها وتصاعد أنفاسها وإن شعرت بالنعاس وانا الاحق الاشباح وهي تتطارد فوق جدران الغرفة المظلمة.

انتهت إجازة الصيف وبدء عام دراسي جديد وأثناء زيارة خاطفة للطائف عرفت ان العانس ماتت منتحرة بمواد سامة شعرت بشيء انكسر في داخلي مع تعثر دراسي وهجر الجامعة والبحث عن وظيفة في الرياض معتزل الجميع  .

 

 

 

السفرجلة الأولى 

 

هي أمي التي دفنت جثمانها بعيد عصر اليوم في مقبرة مسجد الصحابي عبدالله بن العباس بالطائف تاركة كل شيء بيدي وليقول لي طيفها أشياء لم استوعبها او اقبلها فتراكمت عزلتي وتصاعد سفري هربا من ملاحقتها  .

مات والدي الذي لم اعرف معالم وجهه  وانا في الرابعة من العمر ولمكانته الاجتماعية سهل الأصدقاء ورفاق العمل إجراءات وصاية أمي علي وعلى اخوتي الاثنين ويتيم تبناه والدي ولتتزوج مساعده وذراعه اليمين المتزوج كزوجة ثانية وعاشت الاسرتين في نعيم تركته التي تقلصت حتى أني وأنا في الثامنة من العمر كنت اذهب للمدرسة حافي القدمين وعمل احد إخوتي كخادم بمنزل إحدى الأسر الغنية لمكافحة العوز والكفاف

واهي روحها تلاحقني مضايقة ومعكرة ليل خلوتي وشعوري براحة نفسية وانا اتجول على غير هدى في شوارع مدينة الرياض وانزوي في ركن معتم لاحد المقاهي مع جريدة الرياض ومجلة سياسة اجتماعية مكتنزة بالصور والمقالات المثيرة للجدل والأخبار المقززة

نسيت العمر وتراكم السنين وبهتت صور الذاكرة عائد لمنزل والدتي الذي تسكن دوره الأول اختي الكبرى .

 

 

الجمعة 12 ابريل 2024

 

 

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق