الثلاثاء، 24 مارس 2020

يتم


قصص قصيرة
محمد المنصور الشقحاء



يتم
يقول بورخيس ( أحلام ككنز مدفون )  تخلت عني أسرة والدي الذي توفى في حادث سيارة وهو في مهمة حكومية خارج مدينة الطائف فعشت مع والدتي وزوجها.
وشعرت باليتم وأنا اكتشف عناية والدتي وزوجها بأخوتي فتعثرت في دراستي وتوفقت في الحصول على عمل حكومي في إدارة بأقصى مدن الشمال.
وأنا في الثانية من المرحلة الدراسية الثانوية استذكر دروسي في غرفتي، جاءت هاربة من عنف زوجها تنتظر والدها الذي كان يجاورنا بالشارع حتى انتقل بسبب الوظيفية إلى مدينة جده، الدار ساكنة والساعة منتصف الليل ووجدت في ما احتاجه جسدها.
 جاء والدها ورحلت معه بعد رفضها لكل مساعي الصلح والتنازلات التي تعهد بها زوجها، ونظرات أمي تحدجن كأنها تخبرني بأمر حدث عكر سكون حياتها، معه غادرت المنزل لأشارك في مقابلة وظيفة نشرت جريدة المدينة التي اعتدت اقتنائها شروط الحصول عليها.
صرخ في احد أفراد ملحمة الكاليفالا ( ألا لا تتكلم هراءً فأنا اعرف صيد السمك ) عرفت معها آن مدينة أقصى الشمال رفضت وجودي فعدت لوالدتي التي ترملت للمرة الثانية وللبيت القديم واحتضنتني جدران غرفتي تشكي تصرفات من سكن بها بعد رحيلي.
وفي الرابعة عصرا ووالدتي عند ابنتها التي تعاني من الم المخاض في إحدى غرف مستشفى النساء والولادة رن جرس الباب وكانت إحدى قريباتي التي كلف زوجها المراقب المالي والقادم من الرياض بقفل صناديق الإدارات الحكومية بالطائف لغلق الصرف انتظارا لصدور ميزانية العام المالي الجديد.
قلت بصوت مرتبك: لا يوجد أحد بالمنزل
قالت: ترجلت من السيارة ولما اقتربت من الباب تحرك وسوف يعود مع أذان المغرب
أدخلتها غرفة الجلوس وجلست على احد المقاعد ملتفة بعباءتها السوداء تركتها ودخلت المطبخ ابحث عن شيء أقدمه لها فأشعلت الموقد لصنع الشاي وإذا بها تقف بجانبي في المطبخ وتذكرت حديث الألم في نبي جبران خليل جبران ( والكأس التي يحملها، وان أحرقت شفتيك، فإنها قد صنعت من طين مزجه صانع الفخار بدموعه المقدسة ).
كانت تكبح ألمها إذ معا تجاوزها للشهر الثامن على الزواج لم يتمكن زوجها من اقتحام عالمها لعجز لم يكتشف سببه فكنت المنتظر شيء فيها صرخ وشيء في تهشم وعندما تنبهت وقد ادلهم الظلام كنت وحيدا في غرفة الجلوس.
في مدعوة سيمون دو بفوار ( توقف فجأة عن الكلام. لم يعد بوسعه التظاهر بأنه لم يلحظ أن فرنسواز لا تستمع له. فهي استلقت على بطنها وراحت تحدق في المصباح الكهربائي الذي بدأ نوره يضعف ) وأنا أصل لهذا الحد جاءت والدتي لتطلب مني إيصال المرأة التي زارتنا للسلام عليها واستعادة بعض لحظات أيام تبقت آثارها في أعماق نفس مطمئنة وبصفتها صديقة وجارة قديمة لنا.
جلست في المقعد الخلفي ولما تحركت لمحت وجهها الذي كشفت عنه الغطاء الأسود فعرفتها أم البنات الثلاث والتي نناديها باسم أم سيف لا أعرف طريق منزلها الجديد، فكان آن تبادلنا الحديث لترشدني طلبت مني التوقف أمام محل تموينات غذائية في شارع عكاظ  لشراء بعض مطالب منزلها ولما عادت، جلست في المقعد الأمامي وطلبت مني الوقوف أمام عمارة سكنية عرفت إن ابنتها الكبرى  تسكن إحدى شققها في المصعد شممت عطرها.
انتظرتها في ممر الدور الذي دخلت إحدى أبوابه لتعود وتطلب مني الدخول كانت ابنتها غائبة والسكون يعم الشقة وشيء فيها يلتحم بي تذكرت شارعنا القديم ومنزلها الذي كان اكبر منازل الحي وبوابته المشرعة بسبب أعمال زوجها التجارية واستعانته بي وأنا طالب في المرحلة المتوسطة في تدوين حساباته بسبب أميته وجلوسها معنا ثم لحاقها بي وآنا أغادر طالبه نقل تحياتها لوالدتي.
تعرضت لوعكة صحية وأنا في العمل، معها تم إدخالي المستشفى لمتابعة مرضي وفي اليوم الخامس عشر، اخبرني الطبيب الذي يتابع حالتي انه تم قبولي في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض لمواصلة العلاج، في اليوم الثالث من الفحوصات وبعد اكتمال السجل، أخذ الأخصائي الاجتماعي يطرح أسئلته التي مع شعوري إنها خارج حالتي الصحية كنت أجيب عليها وتوافد أشخاص يحملون لقبي للاطمئنان علي ورجل عجوز بينهم يقول ( الحمد لله أخيرا عثرنا عليك ) كانوا آسرة والدي التي لا اعرف عنها شيئا.
وأنا في غفوة اثر العلاج تنبهت على صوت نسائي ينادي باسمي وليقتحم الأخصائي الاجتماعي الغرفة ليقف بجور أنثى ملتفة بالسواد وصوته يقترب من إذني ( أمي تراجع المستشفى وتبي تطمئن عليك)
 قالت: قلقنا عليك وملفك مسئول عنه ولدك سيف الذي سمح لي بزيارتك.
 رن هاتف سيف فخرج من الغرفة عندها كشفت الغطاء عن وجهها لتحدق في مبتسمة آخذت أتأملها الصور غائبة ولا أتذكر من أنا.&


7 – 8 - 1439

















أوراق

لما عدت للبيت وجدتها احتلت غرفتي؛ وفي غياب الجميع كنت أتمدد بجوارها في الفراش تنبهت وآنا أتغلغل في أعماقها ولما هداء حراكنا وخمدت أنفاسها غفونا في نوم عميق لما صحوت كنت لوحدي في الفراش.
اتجهت للمطبخ فوجدتها على احد مقاعد طاولة الطعام فتحت باب الثلاجة وآخذت قنينة ماء صغيرة وأنا اروي عطشي واقفا دخلت أمي وخلفها الخادمة تتبعهم أختي ذات السنوات الأربع.
قبلت رأس أمي وغادرت الدار وأنا أدير محرك السيارة لمحت عقارب الساعة كانت العاشرة صباحا توجهت إلى مطعم يقدم الوجبات الجاهزة فأخذت ما يسد جوعي وعصير برتقال طازج وأخذت طريقي إلى مقهى اعتدت لقاء الأصدقاء فيه للسمر وشرب الشاي وتدخين الجراك.
احضر النادل براد الشاي ورأس الجراك لفت نظري التلفزيون المغلق تلفت حولي ابحث عن عامل المقهى لفتحه فلم أجده ولما اتجهت للجهاز رن جرس هاتفي النقال عدت للرد على المتصل كان رقم مجهول وجاء صوتها.
قالت: هو بيت أخي
قلت : اعتدت هذه الجملة وأنت تصرخين بها في وجه أمي
قالت: سوف اطلب منه طردك
قلت : انتظرك الليلة في غرفة السطح
وأغلقت الهاتف تتابع اتصالها كنت أتابع شاشة الجهاز مفكرا ليتوقف لحظات ثم جاءت رسالتها ( حقا آنت مريض ) لم أرد فعاود الجهاز رنينه ليخمد وليرن من جديد برقم آخر كانت هي تركتها تسترسل في حديثها ولما انتهت.
قلت : لن تكدري نومي ولكن سوف أعيدك للحياة
قالت: مريض
قلت: عشت في قذارتك بصمت بحثا عن غرفة في عقارك فوجدت هذه الغرفة في جسدك!
انهالت الذاكرة كما شريط سينمائي وجد والدي ميتا في مكتبه بمؤسسته التجارية اثر نوبة قلبية وأنا في العاشرة من العمر وتولى عاصم إدارة المؤسسة كوصي دعمه موافقة والدتي على آن يكون زوجا لها.
وليت رعاية خاصة من أمي أنا وشقيقتي التي تكبرني بعامين ولما حصلت على الثانوية جاء قبولي في التخصص الذي ارغب بجامعة الملك سعود بالرياض معه تركت بيت الأسرة بالطائف مع بقاء غرفتي بكل محتوياتها.
شقيقتي لحقت بي بعد زواجها من احد أقاربنا تقيم أسرته بالرياض؛ هذا العام أكملت الفصل الثالث من مساري الجامعي وعدت للبيت لأجد غرفتي محتلة وان علي الرقاد في غرفة شقيقتي المتزوجة لم يتغير الحال كثيرا وقطع علي تأملي احد عمال المقهى، أن موعد صلات الظهر أزف والمقهى في أوقات الصلاة يغلق أبوابه طالبا حساب طلباتي.
عند باب المقهى كان احد زملاء الدراسة يترجل من سيارته؛ تبادلنا السلام وطرائف بعض السنوات التي جمعتنا في فصل واحد عرفت انه توقف عند المرحلة الثانوية وبداء مشروعه الخاص، بدعم من والده وانه على موعد مع البنك لأخذ ضمان بنكي للدخول في مناقصة حكومية وأصر على أن أرافقه.
في البنك كانت الصدمة؛ وقد عرف احد موظفي البنك الذي وقفنا أمامه اسمي كتعريف من صديقي؛ وأسئلة الموظف تنهال علي عن والدي وأسرتي وعرفت إن لوالدي خزانه بالبنك يحفظ فيها بعض أوراقه وان لي ولشقيقتي حساب توفير مجمد؛ وعلي إحضار "برنت" من الأحوال المدنية باسم والدي.
ومن مشاركة صديقي بالنقاش أبدى استعداده الحصول على معلومات عن والدي في سجلات الغرفة التجارية؛ وفي الأحوال المدنية طلب الموظف صك حصر الورثة وصك الوصاية وشهادة وفاة والدي ولما ناقشت شقيقتي المقيمة بالرياض عرفت إن لديها صوره من الأوراق بملفها الدراسي الذي سحبته لتواصل دراستها بالرياض ولم يتحقق حلمها.
كانت صور الأوراق الثلاث مصدقة من شئون الطلاب بإدارة التعليم قبلها بعد تردد موظف البنك تقدير لمعرفة زميل الدراسة فتحرك حساب التوفير المجمد الذي باسمي وكذلك الحساب الذي باسم شقيقتي وفي خزينة البنك عثرت على صك المنزل الذي نقيم فيه وصك لأرض زراعية بمنطقة القيم محاذية لطريق الطائف السيل.
اتصلت هاتفيا بشقيقتي وأخبرتها بما وجدت وأمليتها رقم حسابها البنكي وطلبت من الموظف إخبارها بطريقة تحريكه من احد فروع البنك بالرياض.&


28 – 12 – 2018
 


















الكتاب
تعرضت والدتي لحالة صحية  لم يستطع الطبيب وصف العلاج المناسب فقرر وضعها تحت المراقبة أربع وعشرين ساعة ولما لم تكتمل الفحوصات بقية في السرير الأبيض لليوم الثالث مما فرض بقاء عاملة المنزل كمرافقة لها.
وأنا أتمدد في فراشي بكامل ملابسي بعد يوم مرهق في العمل وانتظار طويل في المستشفى لمقابلة الطبيب المشرف على حالة أمي الذي فضل تأجيل خروجها يوم آخر.
تنبهت على رنين جرس الباب الخارجي الظلام يحيط بي فغادرت الفراش فزعا واشعلت النور مع مواصلة رين جرس الباب وكانت جارتنا وصديقة أمي السمراء مدت يدها بحافظة طعام.
قالت: شعرت انك اليوم مرهق
  : ......
قالت: هذا شيء يسير
طال الوقوف وتذكرت آن علي التراجع للخلف فدخلت اتجهت الى المطبخ استقرت الحافظة على طاولة الأكل وأخرجت من دولاب الصحون صحنين وملعقتين وجلست على احد المقاعد كانت تقف تتابع حركتي دخلت واتجهت إلى دولاب الصحون فأخرجت صحن ثالث وجلست على المقعد المجاور لمقعدي وفتحت غطاء الحافظة غرفت منها في الصحن الذي أمامي .
لما توقفت قمت بالغرف من الحافظة في الصحن الثاني والتقت نظراتنا افتر وجهها عن ابتسامة صغيرة معها تخلصت من العباءة التي تلف جسدها والشال الذي التف على رأسها وبرز ثوبها المنزلي الفضفاض القصير.
أشعلت النار لغلي الماء  وأخرجت كوبين ذات عروة من دولاب الأكواب وسحبت درج اعرف إن داخله أكياس الشاي وقوالب السكر لما ارتفعت صفارة غلاية الماء سكبت في الكوبين واذا بها تقف بجانبي لحظت حينها أن مرفقيها عاريين وان لون الثوب ابيض.
ونحن نتبادل الحديث أثناء شرب الشاي ونحن جلوس على مقاعد طاولة الطعام لاحظت إننا جلسنا على مقعدين متباعدين وعرفت أنها من خلال مهام عملها تزويد فروع الإدارة التي تعمل بها بالكتب الثقافية العلمية والأدبية التي تساعد على تطوير مهارات العاملين وتنمي ثقافتهم العامة.
تطرقت إلى هواية القراءة والتخصصات التي أميل إليها وان لدي مكتبة صغيرة وذكرت بعض الأسماء من المؤلفين والعناوين التي تنام بسكون فوق بعض في رفوف دولاب صغير
قالت:  تنام بسكون فوق بعض كيف!!
نهضت من مقعدي ووقفت أمامها وأنا أمد كفي التي سحبتها بسرعة وغادرت المطبخ لحقت بي ولما دخلت غرفتي وقفت أمام الدولاب انتظر تأخرت ولكنها وهي تقلب صفحات احد الكتب انقطع التيار الكهربائي وعم الظلام المكان وخيم الصمت شيء في دفعني إلى الاقتراب منها.
لا ادري ماذا حدث وانشغلت بأحداث الطفولة برزت صورة جارنا الذي كان ينتظر النزول من حافلة المدرسة فيسألني عن واجباتي المدرسية وقبل يوم اختفاؤه طوق وجهي الصغير بكفيه وزرع قبلة طويلة على فمي وعض شفتي السفلى.
تذكرت جارتنا السمراء التي تختلق الأعذار إذا زارتنا لتصارعني أمام أمي ونحن نتابع برنامج المصارعة الحرة في التلفزيون ولما تطرحني أرضا تصر على استسلامي فتقوم أمي بالتصفيق.
كل هذه الخواطر انثالت وأنا اجلس على احد مقاعد صالة الجلوس منتظرا عودة التيار الكهربائي ومحاولة تذكر المشهد الذي جرى بعد انطفاء النور والظلام الدامس الذي سبحت فيه وآنا أقف أمام دولاب الكتب. 
عاد التيار الكهربائي تلفت حولي شعرت بالخوف فبقيت في مكاني انتظر شيء لا اعرفه يأتي من اتجاه غرفتي شعرت بالعطش اتجهت للبرادة القابعة بالمطبخ أرويت عطشي.
 فوق طاولة الأكل كوب شاهي واحد ممتلئ اختفى الثاني وحافظة الأكل؛ اتجهت إلى غرفتي وجدت احد الكتب ينام على المخدة في سريري. 
-----------

25 / 5 / 1440





مواطن



قصص قصيرة
محمد المنصور الشقحاء
مواطن
    لم أتوقع هذا السؤال وأنا أقف أمام الموظف أشكو ارتفاع قيمة استهلاك الماء؛ التي تجاوزت الخيال " هل أنت مواطن " ثوبي الأبيض وطاقيتي المخرمة وغترتي البيضاء ولهجتي التي فيها بقايا مدينة الطائف؛ التي هجرتها في منتصف العقد السادس من العمر لم تشفع لي عند الموظف الذي " طالب بالسداد " ثم تقديم الشكوى.
    شعرت فجأة بحاجة مؤلمة ليد تسندني، فانسحبت بصمت وعند الباب الخارجي لمكتب شركة المياه أنقذني الرصيف، جلست على طرفه المترب أتأمل الشارع والسيارات العابرة وظل يلاحق أجساد مارة من عوالم أخرى، البعض يحدق في والبعض يلوح بكفه.
    لماذا " أنا " كلمة واحدة دفعتني إلى التفكير في اختيار نفسي؛ وان كنت ألاحق أفكار تنهش ما تبقى من العمر، جعلتني فريسة سهلة للمرض الذي هربت منه في العقود الخمسة الماضية من حياتي؛ التي كيفتها حسب الحلم الذي أعيشه بعبث وعدم مبالاة عبر أني موجود.
    عبر أسرار أنا اخلقها، وامنحها الحياة لتكون حكاية أسردها على لأصدقاء في المقهى، مع دخان الشيشة وعلبة السفن آب وأكواب الشاي وهدوء الحوار وصخبه، وحالة الصمت الذي يفرضه علي طيف " نجوى " المتراقص بين مربعات فناء المقهى وهو يبخل علي بسبب رحيلها المفاجئ؛ وقد سمحت لي بعد أن عرفت إن إحدى هواياتي التصوير الفوتوغرافي بالتقاط صورة لها ذات ظهيرة.
    تذكرت أني تركت هاتفي النقال عند موظف الحسابات؛ الذي آخذه مني حتى يتأكد من صحة اعتراضي، ويعرف متى وصلتني رسالة شركة المياه وقارن المبلغ المبالغ فيه؛ برسائل سابقة كانت خمسة عشر ريال وقفزت إلى مائة وعشرين واليوم ألف وسبعمائة ريال لشهر واحد، وأنا انهض جاء صوته الذي اعرف " السلام عليكم " كان احمد رفيق المقهى.
    رافقني إلى الشباك الذي توقعت إني نسيت هاتفي عند الموظف الذي يجلس خلفه، موظف يرد العبارات كما ببغاء منزلية تردد سباب زوجين أنهكهم الهدوء المحيط بهم؛ وخلو الدار من الأبناء وعاملة منزلية فضلت إنهاء مهامها، إذا الجميع أمام شاشة التلفزيون يلاحقون أحداث مسلسل يتابعونه.
    وأنا ادخل المفتاح في قفل باب المنزل؛ لم أجد سيارتي في موقفها المعتاد؛ وقفت في فتحت الباب قلقا ليرن جرس الهاتف، كانت زوجتي تقول إنها تنتظرني بمركز الحي الطبي وتذكرت أني أوصلتها، وقمت بمراجعة مكتب شركة المياه ومن هناك أوصلني احمد للمنزل بعدما اشترك في الحوار مع الموظف واستعاد هاتفي.&












المسافر
وآنا ابحث عن مقعدي بعدما سمحت المضيفة لي بدخول الطائرة مشيرة إلى الممر الذي يوصلني الكرسي الذي يحمل جزء بطاقة صعود الطائرة رقمه وجدتها تجلس في الكرسي المحاذي للنافذة .
رقم صف الكرسي كما هو مدون في جزء بطاقة الصعود كرسي النافذة يحمل الحرف المحاذي لرقم الصف فجلست على كرسي الممر وقمت بربط الحزام وسحبت صحيفة تندس في جيب المقعد الذي أمامي.
وأبواب الطائرة تغلق والمنبه يحث الركاب على ربط الأحزمة جاء صوتها بعد رفع غطاء وجهها تعتذر عن جلوسها في مكاني وعندما جاءت القهوة وحبات التمر تناولت فنجان القهوة من المضيف وناولتها فتلامست اناملنا.
الرحلة متجهة إلى مطار القاهرة والوقت فصل الشتاء وقت عمل ومدارس، لما هبطت الطائرة وولجنا صالة المطار لمحت تلويحي بكفي لمن ينتظرني ابتسمت وتشاركنا عربة واحدة لحمل حقيبتينا وعامل واحد.
همت بأخذ حقيبتها ونحن نهم بتجاوز بوابة الصالة لباحة السيارات، عرفت أنها سوف تأخذ سيارة أجرة فأقنعتها بان سائقي سوف يوصلها لعنوانها بعد إيصالي للفندق الذي اسكن وزدتها ببطاقة تحمل اسمي ورقم هاتفي.
انشغلت بمهام رحلتي ليأتي اتصالها في اليوم الثاني، كانت مع إحدى صديقاتها بمطعم الفندق لمشاركتها العشاء، في العاشرة ليلا دخلت المطعم الذي في احد زواياه تجلس سيدة تعزف وقاطع موسيقية على آلة الكمان.
العتمة والضوء الخافت حجب الرؤيا ليرن جرس الهاتف، كانت هي لمحتني لتصف لي مكانها ورقم الطاولة لأجد سيدة أخرى غير رفيقة الرحلة المكللة بالسواد والصمت، ولما حدقت في رفيقتها همست وبدون وعي . .هند.
تذكرتها زميلة الجامعة وشريكتي في الأبحاث، ثم تقارب لم نحدد دوافعه وقبل انتهاء العام الرابع اختفت، وكأن الأرض ابتلعتها أنا تخرجت وعدت للرياض وانشغلت بأعمالي التجارية التي ورثتها عن والدي الذي ينتمي لأسرة لها مكان مميز في التجارة ومقاولات المباني.
رفيقة الطائرة احترمت الصمت الذي تلبسني، ولم تطرح الأسئلة الباعثة لزمن تجاوزته منذ ثلاثين عاما ليرن هاتفها النقال، كان السائق الذي استأجرته لتنقلها وصديقتها في فناء الفندق تابعت الاثنتين بنظري حتى اختفيتا.
لما عدت للفندق بعد جولة عمل سلمني موظف الاستقبال مغلف كانت هند تنتظر اتصالي جلست على احد مقاعد آلة استقبال الفندق استعيد كلمات الرسالة القصيرة وادقق في رقم الهاتف لمحت جهاز هاتف في إحدى زوايا الصالة وجاء صوتها تحدثت كثيرا.
انتهت مهمتي وبقي على عودتي للرياض أربع وعشرين ساعة، دعوتها لتناول الغداء جاءت " هند " الجامعة بشعرها القصير وتنورتها الزيتية ووجهها الخالي من الأصباغ وعطرها الذي اعتدته، تشابكت أصابعنا ونحن نسير على قدمينا كانت تأخذني للمطعم الذي نهرب إليه من الجميع.
في الطائرة أخرجت من حقيبة يدي مظروفا، أصرت أن لا افتحه حتى اركب الطائرة وإذا ارتفعت في عنان السماء وسمح الطيار بفك أحزمة المقاعد، والاطلاع على محتوياته كانت صوره لها مع شاب يلبس روب الجامعة وكتبت على ظهرها ابنك عادل محمد إبراهيم.&

19 – 3 – 1439



رحيل
المكان الدور الأرضي من منزل يتكون من درين في حي الشرقية بالطائف، كل دور شقة مستقلة الدور الأرضي تسكنه أمي مع وجودي المتقطع؛ وتسكن الدور الأول أختي المتزوجة لتتمكن من رعايتها.
الزمن بعد مغرب اليوم الرابع على وفاة والدتي ( خالتي شقيقة أمي / ابنتها المتحجبة /  أختي / أنا ) في صالة الجلوس، نتبادل الحديث والعاملة الأفريقية تتحرك لخدمتنا متنقلة بين المطبخ والصالة.
مع ارتفاع أذان العشاء اتجهت إلى غرفتي مختليا ( لا أعرف بالتحديد ما الذي أريد ) وجلست على طرف الفراش اقلب أرقام ورسائل هاتفي النقال؛ لم اهتم بنداء إقامة الصلاة ولم أسعى إلى اللحاق بالصلاة وصوت المؤذن يقرأ الفاتحة.
لما شعرت بالهدوء وتزايد العتمة في جنبات الغرفة حيث أموت ببطء، تخيلت إن احدهم يفتح الباب وخيط من النور يتسلل عبر الفرجة التي شكلت مساحتها وساوسي، وقفت  ( باحثا عن المكان الذي يمكنني من الاختباء فيه ) أترقب من يدفع الباب ويقتحم الغرفة فلم يحدث شيء.
غادرت الغرفة ولم اهتم بإغلاق الباب، وفي الصالة كانت خالتي تتأمل بوجوم شاشة التلفزيون المغلق؛ جلست بجوارها محتضنا كفها بكفي وتسللت رائحة دهن العود الذي تحرص على التعطر به إلى انفي؛ جسدها الناحل أثار حزني فقمت وقبلت رأسها ابتسمت وطلبت مني وهي تتمدد على أريكة والدتي تغطيتها بالبطانية، جلست على المقعد المقابل أراقبها.
دخلت المطبخ كانت ابنة خالتي تجلس على احد كرسي طاولة الأكل وعلى كرسي آخر العاملة يتبادلن الحديث؛ لم تكن ترتدي شال الرأس وقد تمدد الشال وغطاء الوجه على الطاولة، حدقت في ثم انفرج وجهها عن ابتسامة وإذا بثلاثتنا نضحك بصوت مسموع وجلست على كرسي ملاصق لكرسها.
تجاوزنا لحظة الضحك ( لكنما الأحلام كانت تنسج خيط ) وتبادلنا الحديث عرفت إنها وأمها في رحلة الطيران المقررة العاشرة صباحا سوف تعود ووالدتها للرياض، واختفت العاملة بعد تلبية طلبي لقنينة ماء من البرادة رن جرس هاتفي كان احدهم يؤكد لقاء الواحدة بعد الظهر في جدة.
وقفت لمغادرة المطبخ شعرت بشيء يطلب مني اللحاق  بها دخلنا الصالة أنفاس أمها النائمة، تقرب خطواتنا تتقارب تجاوزنا شغب التفكير ( فقدت تعداد السنين التي قضيتها في الظلام ) ويختلط العطاء ينسكب ماء الروح في غابة السكون؛ مع ارتفاع أذان الفجر تركتها نائمة في الفراش مغادرا الدار، وأنا على وشك إنهاء طريق الهدى جاء صوت أختي تسأل عني.&

25 – 5 – 1439



السكينة


قصص قصيرة
مجمد المنصور الشقحاء

السكِينةُ

       الذي عرفته في اللقاء الثالث إنها امرأة متزوجة، تلبسني التوتر مؤقتا واسترخيت عاشقا لإنسانة عذبه تتشبث بالحياة بكل مكوناتها المادية والمعنوية.

      في حفل زواج ابنتي وجدت في جوالي ثلاث صور تسجل وقوفي بجوار ابنتي وزوجها سعيدا بزواجها من شاب يحترمه الجميع.
وتأخر اللقاء المرتقب انقطع التواصل الهاتفي وانشغلت بسفريات فرضها العمل وقد اكتشفت أجهزت الرقابة الحكومية مصروفات مالية مشبوهة بعد قيام موظف أجنبي انتهى عقده لما وصل بلده كشفها.
حاولت التخلص من عبء التفكير بها، حاولت إقناع نفسي بإن كل شيء عملته صحيحا، متجاوزاً فكرة أنها تخلت عني، وعلي أن أتجاوز الغد بالنسيان والانتظار.

       جاءت لتسقي عطشي ولتقول إنها اليوم ومنذ عام امرأة أرملة تأكدت معها آن جموح مشاعرنا وتشكل أحاسيس جديدة نمت علاقة هي لم تشعر بالخوف من آثارها وأنا لم أفكر إن هناك لعنة قد تلاحقني.

      دعاني زميل عمل بمناسبة عقد قران ابنه على ابنة إحدى الأسر الكريمة فرافقت مجموعة من الزملاء لقصر الأفراح وجاء وصولنا متأخرين لضياعنا في شوارع الحي الذي ينتصب في أحد شوارعه القصر.

      استقبلنا العريس وولده وأفراد من أسرته ولأجد زوج ابنتي بين المرحبين بالمدعوين، تأخرنا في قصر الأفراح نتابع العرضة النجدية ثم تشكل مربع للعب البلوت وقد تقلص عدد الحضور على ثلة المكتب وأهل العريس.

     ترددت مشاعل لم تكن قلقة نظرت لصورتها في جهاز الهاتف الجوال وهي تقف بجوار العروس والعريس أفتر وجهها عن ابتسامة صغيرة متذكرة سنوات من التطلب والشغف والإصرار العنيد على السعادة.
بحثت عن رقمه لترسل الصورة عبر رسائل الواتساب ثم أغلقت الجهاز وتمددت في الفراش لتغيب في نوم عميق.


20 – 9 – 2019





الغيبُ

     هو زامل أخي الأكبر في المرحلة الثانوية، وأنا زاملت إحدى أخواته في المرحلة المتوسطة وبعد عشر سنوات أصبح أحد موظفي مؤسسة والدي التجارية.
وبما إني أقوم بمراجعة دفاتر والدي المالية التي يحضرها معه للبيت جاء تواصلنا ومعه زواجنا فأصبح أحد أفراد الأسرة.

      دخل والدي المستشفى بسبب وعكة صحية شديدة تواصل المستشفى مع أحد المراكز الطبية في ألمانيا لتحديد حالته قرر أخي السفر إلى ألمانيا مع والدي لمتابعة الفحوصات والعلاج.
    قرر زوجي بعد خمسة أيام اللحاق بهم لمرافقة والدي وعودة أخي لأسرته وإدارة أعمال الشركة. واعترض على فكرة مرافقتي له، وطلب مني الاهتمام بدراسة ابنتنا التي أدخلتها الروضة كخطوة أولى في مسارها التعليمي.
    بعد شهر عاد والدي بصحة جيده وعاد معه أخي وجاء السؤال عن زوجي في اليوم الثاني ليأخذني والدي إلى مكتبه في فناء المنزل ويخبرني آن مستودع المؤسسة الذي تخزن المؤسسة فيه موادها التجارية فارغ.
    هذه الواقعة لم توقظ في داخلي أي سخط، ومستعدة لتلقي أي حكم ولما عدت لغرفتي وأنا ارقد في الفراش تخيلت إني أغوص في بركة رمال متحركة وان الشخص الذي ارتبطت به، لا أعرفه.

      لما تجاوزت جموح وأحاسيس أنثى فقدت مكتشف جسدها وشخصيتها، تقدمت للمحكمة بخلع زوجي المجهول المكان والإقامة. ثم تزوجت أحد أقارب والدي ومنحت ابنتي أخوين وأصبحت شريك مؤسس في شركة عائلية مغلقة بعد وفاة والدي.

    ولما تخرجت ابنتي من الثانوية العامة تعثر قبولها في الجامعة بسبب هويتها الأجنبية وتولى مكتب المحاماة الذي تتعاون معه شركتنا العائلية تصحيح وضعها وحصلت عل مشهد بموجبه قبلتها الجامعة حتى إحضار هويتها الجديدة.
ونحن نتحلق حول المسبح في استراحة العائلة في الثمامة بمناسبة تخرج ابن أخي من الجامعة قالت أمي هامسة (لماذا لا تخطبين ولد أخوك لبنتك) شغلني الطلب ويفرض نفسه على تفكيري وحركتي إذا جاء اجتماع بعض أفراد الأسرة يوم الجمعة لتناول الغداء مع والدتي.
غير إن هذه الجمعة كانت مختلفة فقد فاتحني أخي وابنه يجلس جواره وابنتي تجلس بجوار جدتها برغبة ابنه في الزواج بابنتي، لمحت تدفق دماء وجهها وغادرت مجلسها واختفت ولاحقتها زغردوه نسمعها لأول مره من والدتي.

25 – 9 – 2019

الرهبةُ

      ما الذي ستقولينه ردا على أسئلة البارحة، لست مهتما بمعرفة ما يدور في داخلك، ولن اعرف لوقت طويل.

     آنا لست يائسا إلى هذا الحد، أي حياة سعيدة التي قد نجدها معا؛ نعم لقد تحطمت لما أسأت فهم أمور فعلتيها بقصد وتراكمت في أعماقي؛ وأنا اشعر بالمرارة في لساني.
سأنهار تحت وطأة الفقد، وأنا أتحمل بثبات مزيف، هل تغادرين الطائف؟
 لم أتصور الآمر على نحو يخالف الدائرة الضيقة التي تحيط بنا، أنت عبر شقيقتك وأنا من خلال الأصدقاء وهم يخفون أمر اشك إنك مصدره.

    إن الشك فيك يدمرني بعد سماحك بأخذ عدة صور فوتوغرافية لك ورفض آن تجمعنا لقطة واحدة؛ لقد كنت جميلة ومبتسمة ومع ذلك اشعر أني متعب.
لقد وصلت الرياض بعد رحلة برية في إحدى سيارات الأجرة التي تنقل المسافرين؛ إلى مدن وقرى متباعدة تستقبل الغرباء وتحتضن الفاشلين العائدين، بعد شعورهم انه لم يعد لهم مكان في الطائف.
    بعد عام من التجول في شوارع ومقاهي وأسواق الرياض؛ لم أجد التفسير المقنع للسبب الذي دفعني للسفر.
 أخبرني أحدهم وهو يشاركني الجلوس على طاولة مطعم في شارع الوزير، إن أخته التي التقيتها عدة مرات برفقته موافقة على آن تتزوجني وان اسكن معهم في بيت الأسرة الكبير.
    وعلى الرغم من حبي العنيف المتهور لها، ولطفها الذي أحاطني، وحديثها الهامس ورائحتها التي تعج في أي مكان يجمعنا، وتوهمي طعم السعادة التي سوف أتذوقه، تخليت عن كل شيء وعدت للطائف.

    أسئلة البارحة. جاءت منذ خمسة أعوام؛ في ليلة من صيف الطائف الذي يعج بالألعاب النارية؛ ومدن العاب الأطفال والحدائق العامة العبقة برائحة أزهار الورد والياسمين في حديقة ومنتزه السداد.
    أخذت شقيقتك ابنها لتشاركه مغامرة ركوب السيارات الكهربائية؛ وحتى تتسلل قدمي من تحت الطاولة لتشاركك المقعد الذي تجلسين عليه؛ ونادل المقهى يسجل طلباتنا من المشروبات الحارة.
كنا نتحدث عن مستقبل مشترك اعرف أنه لن يكون لنا في نهاية المطاف، كان التوق هو الحقيقي في تلك الدقائق ومع ذلك جاءت قفزتك خارجا؛ وابن شقيقتك يسحبك لصالة الألعاب؛ وشقيقتك التي تجلس بجواري تركز نظراتها علي.
: ماذا هناك!
: لا شيء
: ثم ماذا؟
: ليس هناك آمر يحتاج لتوضيح
لأكتشف في نهاية ذلك التعامل الغبي، من أنا وقد غابت الأشياء المشتركة.

      زميل في العمل قال: لقد تزوجت أحد أقاربك، وشقيقتك قالت: إنك حصلت على ابتعاث خارجي لإكمال دراستك العليا.
عشت في الضياع فقط بفضلك؛ شيء واحد ظل يزعجني حتى اليوم في مجادلاتك إنك تتركين النهاية مفتوحة، وتتركين مساحة للتأويل.



27 – 9 – 2019 



















العطش

   تذكرت إنها نسيت محطات العمر، من اجل آن يقال كم هي مناضلة. وتذكر هو إن له زوجه هجرته، وله ابن لا يعرف عنه شيء.
     كان يجلس في المقعد المقابل بصالة المغادرين، أثناء انتظاري نداء صعود الطائرة، كان يحدق في وأنا أتكلم في الهاتف؛ ولما شعر إن المكالمة انتهت تشاغل بتقليب صفحات كتاب بين يديه كان يقرأ شفاهي.
وأنا ابحث عن مقعدي بالطائرة؛ وجدته يجلس في المقعد المجاور بقرب النافذة والمضيفة تساعدني بوضع حقيبتي في رف العفش؛ انشغل بالكتاب الذي يحمل ولما اختفت المضيفة همس.
- هل ترغبين بمقعدي
- نعم
- اسأل تفضلين الجلوس بجوار النافذة

     تخلصت من العباءة وجلست في مقعدي؛ نزعت غطاء الوجه مبقية على الحجاب الأسود الذي يلف رأسي. ولما توقفت عربة الصحف اختار صحيفتين دس واحدة في جيب الكرسي الذي أمامه، واخذ يطالع عناوين الصفحة الأخيرة للصحيفة الثانية.
والطائرة تستعد للإقلاع؛ وضع رأسه بين كفيه مغمضا عينيه منحيا على ركبتيه ولما استوت الطائرة في السماء، رفع رأسه واخذ يجفف عرق جبينه بطرف غترته البيضاء، كان وجهه شديد الحمرة وكذلك في عينية تتراكم الخطوط الحمراء.
لما جاء المضيف بدلة القهوة، والمضيفة بسلة التمر اخذ فنجان القهوة واعتذر عن التمر، هنا شعرت بتواجدي.
- التمر طيب ويساعد على الارتياح
- كل ما احتاجه في هذه الحالة فنجان قهوة
لمحني مركزة نظري على النافذة المغلقة
- هل افتحها
فك حزام الكرسي وأشار بأصبعه على الحزام الذي يثبت جسدي بالكرسي؛ عرفت قصده فتحت الحزام ووقفت في الممر ترك؛ كرسيه ووقف بجواري وأشار بأصبعه أن اخذ كرسيه بجوار النافذة.
ونحن في صالة الوصول سأل عن مكان تأجير السيارات؛ سار معنا أحد عمال الصالة الذي اختار أحد السائقين، وهو يشكره دس في كفه بعض النقود حمل السائق حقيبتي بينما هو لم يكن يحمل شيء.
توقفت العربة عند باب بناية من عدة طوابق؛ ليأتي من الداخل أحد العاملين مرحبا بالقادم الذي عرفت اسمه، والمستقبل يردد آهلا أستاذ منصور الحمد لله على السلامة أستاذ منصور ليأخذ حقيبتي من يد السائق.
كل شيء يحركني ماعدا أنا التي اختفت؛ فتح باب المصعد ووقفنا عند باب يحمل رقم 510 فتح المستقبل الباب ودخل؛ ترك حقيبتي بجوار طاولة في صالة استقبال تعج بالنور؛ ولمحت على الجدار الأيمن للداخل لوحة زهور صفراء وطفلة فاتحة كفها الذي حطت فيه فرشة فسفورية ملونه.

    سمعت الباب يغلق تنبهت تلفت حولي لم يكن هنا أحد؛ جلست على المقعد أتذكر من آنا وكيف وصلت هنا؛ سمعت صوته يتحدث طالبا عشاء، وتذكرت حقيبتي وهاتفي النقال، أخرجته من شنطة اليد المعلقة في كتفي وجدت أكثر من اتصال ورسائل وتساب.

    تنبهت كنت ممددة في الفراش؛ تخيلت إن كل شيء انتهى وليس هناك ما يمكن أن افعله، وجاء صوت عبر باب الغرفة الموارب (بل نبغي توضيح كل شيء) غادرت الفراش، وطليت من فتحة الباب لمعرفة صاحب الصوت تجرأت وخرجت لا أحد هنا.
     حقيبتي في مكانها من البارحة وشنطة اليد بجوارها، هاتفي فوق طاولة بجوار الباب، برز وجهي ثم تكامل جسدي وأنا أمد كفي لأخذ الهاتف، شيء ما في هذا الفراغ يعذبني آن أنام مع رجل التقيته في الطائرة.

     الصمت أسوأ ما في الأمر الصمت الذي يبعث الضيق؛ لقد كنت في غاية القوة مدفوعة بخاصية استدعاء كل ما اعرفه، وقد أكون أنا منتهى هذه المعرفة التي تخلت عني اليوم حتى ضللني.
وأنا في المصعد وحقيبتي تربض عند قدمي؛ همهمت بصوت خافت (الآن انتهى كل شيء، علي آن أنسى هذه الليلة) سأستمر من الصفحة التي ناولني فيها موظف المطار بطاقة صعود الطائرة.


7 – 10 – 2019