فاطمة
قصة قصيرة
محمد المنصور الشقحاء
هي بكل بساطة أمي؛ لم اعرف
عمق أحاسيسي نحوها، اللا عندما وقفت عند قدميها وهي ممدة على نقالة بممر من ممرات
مستشفى الملك فيصل بالطائف جثة هامدة، انتظر تقرير الطبيب وشهادة الوفاة لدفنها.
تذكرتها كانت الزوجة الثالثة
لوالدي الأولى تركها حامل وهاجر بحثا عن المعاش، والثانية تزوجها من إحدى قرى
المدينة التي استقر بها في أقصى جنوب الوطن.
ومن ذات القرية التي جاءت
منها الزوجة الثانية، جاءت أمي الزوجة الثالثة لترعى ابني الزوجة الثانية المتوفية،
بسبب مرض مجهول لم يمهلها طويلا.
كنت في الثانية من العمر
عندما توفى والدي، فلم تسمح لأحد بأخذ ابني زوجها، ولم تتخلى عن ابن تبناه والدي،
عثر عليه بالمسجد جوار جثة لرجل مجهول، ولم تفرط في كابن وابنة لم تكمل سنتها
الأولى.
ضحت بكل شيء وتزوجت برجل وثقت
به تكفل بها وتعهد باحتضان أبناؤها الخمسة، وعاكستها صروف الحياة، استغل الرجل
حرصها وخدع حنانها وسرق أمومتها، احضر زوجته الأولى وأولاده وأخته، وتمتع بميراثنا
باع ورهن ما تبقى من ارثنا المادي والمعنوي مستغلا كوارث الزمن.
وتنفيذا لأوامر إدارته جاء
انتقالنا للطائف، تخلى عن كل شيء بناء على أمر النقل وأسرته التي أخذت تلاحقه، إخوتي
من أمي كانت معاملته لهم اقل طموحا واهتماما من أولاده وبناته من زوجته الأولى المحميين
بأقاربه وأقاربها.
حنان أمي وعطفها ولد في
داخلها نعومة ملمس اللبوه وعنف الأسد العجوز، ومع الوقت اكتشفنا إن هناك قطعة ارض
نسي زوجها بيعها أو رهنها، فجرى بيعها وشراء منزل الطائف.
كان المنزل المشترى باسمها
واسمي فقط قديم ومن الطوب الطيني مسقف بالخشب وجذوع الأشجار والتراب، وتم تجديده
مما لفت أنظار أبناء وبنات زوجته الأولى، وبعض من أفراد أسرته.
شعرت بالحزن وقد قرر هجر
البيت حتى أتنازل عن نصيبي في المنزل، أمي وبملمس اللبوة الشابة، ومخالب الأسد
العجوز؛ حذرتني من الموافقة، فجاء طلاقها وتطور عنف إخوة إخواني من أبيهم.
جاء العزاء في وفاة أمي في
منزلي، وتوافد المعزين أقارب وأصدقاء يذكرون معاناتها وحياتها الصعبة، وحرصها على أن
أكون منتصبا مهما كانت الظروف، لتصفعني خالتي برفضها مشاركتنا مراسم العزاء
بمنزلي، وتذكرني في ثورة غضب إنها رفضت طلب أمي تزويجي إحدى بناتها.
لم اهتم بالأمر وانتهت أيام
العزاء، وأخذت الذاكرة تترهل وأنا افقد في كل يوم من يتحدث عنها، وليبقى المنزل
القديم مكان لمن تتعثر به الخطى وليتجدد بريق الذكريات.&
14 – 8 - 1435