الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

قصص قصيرة ( 8 )


قصص قصيرة ( 8 )
محمد المنصور الشقحاء


1 - ِسفرُ الزهور الصفراء

نحن نستطيع رؤية الأشياء ولمسها، قضيتي وفق نظام اجتماعي غارق في الخصوصية. مجتمع غير طبقي تشكله الأسرة والعائلة ورابطة النسب؛ زيادة دخلي المادي والاستفادة من كل الفرص التي تعترض طريقي، ملتمسا الطعام ولو في الكهوف المظلمة.
جاء اتصاله في العاشرة صباحا بمهمة جديدة، نقل ضيوفه إلى مزرعته في عشيرة شمال الطائف لتناول طعام الغداء وقضاء بعض الوقت بين الأشجار وخرير المياه، كان الضيوف سيدة وابنها في الخامسة من العمر مع مرافقاتها الثلاث.
طريقنا الذي لم يستغرق الساعة، تجاوزنا وحشته بحديث متقطع تبتدره السيدة الجالسة في المقعد الأمامي مع ابنها ثم تشركنا عنوة فيه، وفي الثانية عشرة ظهرا جاء مع طعام الغداء، وبعد تناول الشاي قامت أصغرهن بأخذ الطفل ومغادرة المكان، واختفت السيدة مع الأخرى بينما العجوز أسبلت جفنيها وارتفع شخيرها، كنت الجالس الوحيد وأمامي الفضاء وندف السحب.
قمت متلفتا حولي وقد تسرب الملل إلى أعماقي، واندغمت في ممرات المزرعة ارتب أفكاري لأجد الطفل والفتاة يجلسان على حافة بركة ماء تتسرب منها مسارات سقي مربعات تم حرثها وأخرى مزروعة بأشجار فاكهة الصيف، توقفا عن خوض المياه بكفيهم عند اقترابي؛ ولتجاوز أفكاري حطمت حمى التوتر فحملت الطفل وحاولت غمس قدميه بالماء وقد ارتفع احتجاج الفتاة ففجر قلقها وصخبها يقيني الموحش بالتيه فتعانق حديثنا شوقا طهرته الصبوة.
في الخامسة مساء أعدتهن للدار التي نقلتهن منها بحي شهار، وفي ظهيرة اليوم الثاني جاء اتصاله بأن علي إيصال ضيوفه إلى جده حيث أنهن وافقن على أن أكون قائد رحلة العودة، عرفت أثناء الطريق إنهن من حاشية زوجة شخصية سياسية واقتصادية، يتولى صديقي إدارة أعماله في الطائف.
ونحن نلج القصر في جدة قالت الفتاة للعجوز إن عليها تبديل ملابسها، واقترحت أنني من سوف يحقق مطلبها ومع اعتراض العجوز وافقت؛ والتفتت نحوي هامسة بسرعة أرجوك فلا احتمل غضب العمة، أحيانا اللغة قادرة على تحقيق التماثل بين شخصين غير عابئة بالمكان والموقف متجاوزة لعبة الخداع معتمدة على حاجات الآخرين وقدرتهم على الفعل.
طلبت مني مرافقتها وأنا احمل حقيبة جلدية متوسطة الحجم، لتشكل اللحظة قصة خرافية في سياق تراكم انضغاط زماني ومكاني مفرغ من قوة التخيل، لتشع شمس الحقيقة وفق مسميات ومعلومات لفضية تصل انحباس اتصال. كل ما يحتاجه حركة معينه تطلق شرارة الوجود، فكانت الفتاة الشفرة المفهومة بين كل ما حصل، دفعتني إلى امتلاك جسدها وحرث تفاصيلها الصغيرة بمهاراتها المكتسبة من مخالطتها سكان القصر حيث تعمل أمها دادا نفيسة التي تربت العمة في أحضانها في بيت أسرتها بالرياض؛ وأصرت على إن ترافقها في منزلها بجدة كأم وراعية لشئونها الخاصة.
وهي تترجل من العربة قالت: سوف تكتشف رائحتك وتشم عرق جسدك عندما اقترب منها وهذه طاقة تكتسب أهمية إضافية في الصراع، لم افهم مقصدها وأنا استعجل الفرار بحثا عن مسحة من المواساة الروحية في مكان عام اعتدته؛ تهدئ زواياه روع المشاعر الممزقة التي اجتاحتني .
وأنا في حمى تحليل ما يوجد حولي في توافق قدرات ومعرفة اكسب بها خبرة في مجال سوق معارض السيارات وذكاء الشريطية في البيع والشراء، عثر علي صديقي الذي انقطعت أخباره لسفره للعلاج من مرض الم به على حساب سيده، بعد فشله في الحصول على أمر علاج من وزارة الصحة بسبب عدم قناعة اللجنة الطبية المركزية بحالته، وصرخ في منفعلا: لقد أمرضتني العمة تبحث عنك.
بعد جدل واستفسار للموضوع اخرج من جيبه ألف ريال وهو يقول هامسا: بنزين السيارة ومصاريف الطريق، التساؤلات لا أهمية لها الآن وقد اجتزت نصف الطريق المؤدي إلى جده، السذاجة دفعتني إلى المنزل الذي عرفت أن الفتاة وأمها وبعض العاملين في القصر يقيمون فيه والمكون من طوابق ثلاث وشقق تعج بالسكان.
طرقت باب الشقة التي لم يغب رقمها عن ذاكرتي تأخر الرد فكررت الطرق لينفرج الباب عن وجه لم اعرفه قال: نعم قلت: حامد. دققت النظر في ثم انسحبت تاركة الباب مشرعا العتمة تضيع معالم المكان فأخذت أركز على مخزون الذاكرة منقبا عن المعلومات التي كسبتها في زيارتي السابقة.
لأجدها تجلس على احد مقاعد غرفة الاستقبال
قالت: تأخرت
قلت: ضيعت معالم الطريق
قالت: هل علمت أن فاطمة حامل
قلت: من
قالت: أختي الصغيرة
قلت: كيف تريديني أن اعرف وأنا لا اعرفها
قالت: ألا يذكرك المكان بها
كانت هذه نقطة حساسة نبهت مشاعري التي كانت حتى هذه اللحظة خارج الزمن اعتبر دائما أنني في مكان أخر وان كل لحظة خاصة إنما هي بلا أهمية.
قلت: بلا
لم يكن هناك احد كانت ترتب للأتي: زوجه منذ عشر سنوات فشلت كل محاولاتها في الحمل، فقد جدفت بكل طاقتها  والآن بعد حمل فاطمة سوف تجرب محاولة أخرى شعرت بنفسها حمقاء ومزاجها العكر ينفر الأشياء الجميلة التي نسقتها بعذوبة متوحشة فوق ارض بور. لتتفجر حمى اللحظات الأخيرة، انشرحت أساريرها فأشرقت ملامحها الصارمة مرحا وشبابا.
رافقت صديقي في رحلته العلاجية الثانية التي استمرت أشهر ستة، تجاوز فيها مرحلة الخطر وعاد صوته الجهوري يقلق صمتي ويشاغب بحروفه النحاسية الثلج المتراكم في أعماقي، الذي خلفه رحيل عاملة بالمستشفى تم فصلها بعد اتهامها بتكوين علاقات جنسية مع مرضى معينين تبتزهم، لم أجد هذا في علاقتي بها والتي تأتي وفق انبثاق خاص إنها الربة الطيبة وعذراء المكان الرائعة. ولده تجانس فكري نماه حرصي على إتقان لغة أجنبية استعين بها في ركضي وشعوري إنها أجمل واحدة في مجموعة العاملين بالمستشفى.
لما عدنا للطائف كان الشتاء يخيم على المدينة بشوارعها الخالية من الحركة وناسها ألمقطبي الوجوه، ليها تفني صديقي في ساعة متأخرة من الليل بأن عمه أخيرا رزق بابن، فر النوم من عيني وتذكرت فاطمة بنت الطبيعة الطيبة؛ الفتاة البائسة وهي تلوي أصابعها وتلوح بكفها رفضا لواقعها، غضب وإحساس بالفضيحة طوقني، غادرت الدار ركبت سيارتي لا ادري وجهتي لأتوقف عند مقهى مسافرين صغير تلفت حولي وطلبت من النادل كوب شاي. بعض المسافرين حولي وحديث متقطع هنا وهناك، لأتنبه على صوت النادل يطلب ثمن الشاي، عدت أدراجي وشمس الصباح بأشعتها الذهبية تنير الطريق، عدت للدار وصوت أمي ينساب عبر الجدران، كانت تطوي سجادتها رمقتني بنظرة وجله قبلت رأسها ودخلت الفراش.  
8 / 9 / 1432




2 - شــذرة

 كما هي الرؤيا شعرت بها تقف في وسط الغرفة، جاءت كما كانت عندما أوقفني رجال الشرطة ولم يتبق على الطائف المدينة المكان والناس سوى مائة وخمسين كيلومتر، سيارتها ارتطمت بحاجز الطريق الأسمنتي في محاولة من السائق تجنب الاصطدام بقطيع من الأغنام انبثق فجأة، زوجها المكلف بمهمة عمل في مكة المكرمة دفعها إلى مشاركته الطريق.
ترددت في نقل الاثنين فأنا عائد من الرياض بعد فشل إقناع زوجتي الثالثة التي اختارتني لمظهري بعد معرفتها بفشل تجربتين ان يستمر زواجنا الذي لم يكتمل عامه الأول.
لما دخلنا الطائف في الثالثة صباحا البرد والضباب يركضان في الشوارع الخالية، أقنعتها وزوجها بقضاء بقية الوقت في سكني المكون من غرفة وصالة جلوس ومطبخ أكن فيها منذ شعرت أنني مختلف؛ زهد في أشياء كثيرة من الموجودات.
مع ارتفاع صوت المؤذن ينادي لصلاة الظهر، لم يكن هناك أحد فقلبت هاتفي الجوال الذي توقف نبضه بسبب انتهاء البطارية، كنت أرقد على الأرض في الصالة أمام التلفزيون وخلفي دولاب الكتب التي تشاركني قلقي.
هنا أشعر أنني أملك نفوذاً معه أصرف النفوس وكشف العلوم التي تعسر على الآخرين، فوجدت لنفسي الحظوة التي تتجاوز الذلة ولا تشعر بالحاجة، دخلت الحمام وانسكب الماء على جسدي، بدلت ملابسي وخرجت مع ارتفاع صوت المؤذن يقيم الصلاة، وفي المكتب طرح رئيس القسم بعض الأسئلة وقد استفسر رجل أمن بالهاتف عن وجودي.
قبل انتفاء الأسئلة وإكمال باقي ساعات العمل، تذكرت هاتفي النقال فتشت جيوبي وتذكرت أني ربطته بالشاحن لإعادة الروح إليه.
تذكرتها كانت رفيقة باقي الطريق منذ شهر، ترتدي قميص بيجامتي البيضاء المخطط، يغطي نصفها العلوي وجزء من وسطها، طرفا القميص ينفرجان عن سرها وسروالها الداخلي، بشرتها السمراء لا تفصح عن أنها تجاوزت الأربعين نظارتها تزهو ، اقتربت من مكاني لينبثق من جدران الغرفة شعاع أبيض تتطاير فيه فراشات وندف بيضاء وقصاصات ورق ملون.
مرآة الوجود تختصر انتظاري وتطلق نقاء أعماق الكشف التي حبسها الذوق لانعدام الفكر الصحيح، قررت وحركتها توجد الحرارة أن تشعره بوجوده حتى يختار بملء حريته، إنما هنا عليها أن تفعل، رفت جفونها قليلا ومطت شفتيها، شعرت بغصة في حلقي، لا لم يكن من الممكن أن أستسلم لهذه الرؤيا التي قد تترك على الفور في الفم طعما زائفا.
تجاوزت رد فعلي الأول؛ أحاول إقناع نفسي أن حقيقة اللحظة البسيطة الخوف لا الظروف المصاحبة، كنت أعرف أن التفصيلات أكثر شناعة، والزمن مغالطة كبيرة والعطاء والمنع تتم وفق المقام الذي معه جاء التشكل.
أنفاسها تلفحني وحديثها يرتقي بنا إلى حالة اندماج وينساب نهر النور صاعدا مع تصاعد أنفاسي، رن جرس المنبه فتحت عيني، النور يشع، قميص البيجاما معلق مع باقي الملابس في المشجب، جلست على طرف الفراش خالي الوفاض واتجهت إلى الحمام لفت نظري برودته والبخار المتصاعد من الجدران كما الضباب.
في المكتب ناولني المراسل مغلف قال ان رئيس القسم تسلمه، فتحته كانت صورة صك المحكمة بطلاق زوجتي الثالثة، ورسالة غير موقعة من رجل أوصلته ذات يوم يخبرني أنه ميت منذ عام ستمائة وستة وخمسون، عندها تذكرت أنني غير موجود ولم يعد أي شيء يفصلني عن نفسي .&
16 / 10 / 1430 هـ 


3 - صوت

كان صوتها ينم عن قدر من العصبية،عبرت لحظة صمت قبل أن تترجل مع العربة لاحقة بمرافقتها، تموجات صوتها تقاطع البهجة المفعمة بالرقة والحنو التي تلتمع في عينيها، لم تأخذ باقي الخمسين فالمشوار كان بثلاثين ريال، لما عدت للموقف في المركز التجاري؛ تجدد الصوت ليركب في المقعد الخلفي امرأة وطفل في الرابعة.&
28 / 6 / 1433



4 -  ضغث نبات متسلق

وأنا أتابع مباراة في كرة القدم عبر منافسات اولمبياد لندن وحيدا في غرفة التلفزيون بمنزلنا، طلبت مني أمي وهي تحمل كرتونا صغير بين يديها مغلق بإحكام، أن أوصله لجارتنا الساكنة بالدور الأول من منزلنا وتشارك والدتي العمل بمدرسة ابتدائية للبنات بحي الشرقية، ماطلتها بدعوى انتظار نهاية الشوط الأول فجلست بجواري وقبع الكرتون في حضنها، ومع نهاية الشوط الأول التفت نحوها ثم وقفت وحملت الكرتون، جارتنا معلمة لها أربعة أعوام تقيم مع ابنيها وابنتها بينما زوجها يأتي عصر الأربعاء لقضاء يومي الخميس والجمعة وتختفي أيام الإجازات، قرعت الباب ففتحته الابنة ذات السنوات الأربع طلبت منها أخذ الكرتون فرفضت، وأنا أجادلها أقبلت الأم بثوب الحمام الأحمر الطويل وقد لفت شعر رأسها بفوطة بيضاء، جاء وقوفها أمامي بهذا الشكل صادما فتراجعت إلى الوراء وتوقفت مع ابتسامتها الصغيرة محدقا فيها.
قالت: شكلي خوفك
قلت: نعم
قالت: أي أنا جنية
وهي تتناول الكرتون شممت رائحة الصابون وعطر الحمام، فلم أغادر مكاني وهي لم تغلق الباب ولم تتوقف عن التحديق.
قلت: رفضت ابنتك اخذ الكرتون
قالت: زعلانه لأن أخويها مع أبوهم في السوق
قالت: سلم على أمك
لم انبس بكلمة ولم تطلب هي مني الانصراف، وأمام ابتسامتها وشكلها ورائحة الصابون انشغل عقلي فولد الجراءة التي اعتدتها بصفتي مسئول الإذاعة المدرسية.
قلت: سروالك لونه ابيض
صدمها السؤال فأغمضت عينيها ووضعت الكرتون الذي تحمله على الأرض، وتراجعت خطوه للوراء وفتحت رباط ثوب الحمام كاشفة جسدها الأسمر الرشيق والمبهر بمكوناته، ونزعت الفوطة التي تلفها حول رأسها ليتهدل شعرها الطويل المبلل بالماء؛ وقد انطبق البرنس على جسدها، أمرتني بحمل الكرتون والسير خلفها انصعت مع سكينة تلبستني؛ الطفلة في صالة الجلوس تتابع الرسوم المتحركة في التلفزيون، ولجت إحدى الغرف وطلبت مني ترك الكرتون على طاولة تقبع في وسطها، ومع العتمة اقتحمت عذريتي في تعبير قاس عن نقمتها وتذمرها من حالة كادت أن تدمر حياتها، فغصت في نفق الظلماء، أمام الباب وابتسامة صغيرة على وجهها  زرعت قبله على خدي؛ انبثقت لحظتها أريانا ابنة مينوس إحدى بطلات الأساطير اليونانية  تنافس في فعلها الفتاة التي خطفها الجني كما جاء في كتاب ألف ليلة وليلة.
 تجولت في الشوارع بسيارتي؛ الطائف بشوارعها الضيقة والسوداء المكتظة بالمحلات التجارية وسياراتها والمشاة بتنوعهم وصراخهم صور غائمة، وشارع خالد بن الوليد بتشكيله العجيب يمتد أمامي، متجاوزا أسواق العنقري وحي وادي النمل وخليطه المقلق سكان من كل العالم بسحنهم البيضاء والسوداء ولهجاتهم المختلفة ولغتهم حسب كل عرق ونشاط سري، واتجهت إلى مقهى في شرق المدينة بمدخل معارض بيع السيارات، التقي فيه بعض زملاء الدراسة وأصدقاء الحي نلعب البلوت وندخن، في العاشرة ليلا عدت للدار أترقب من يوبخني ويلقي بكل سياط العذاب في وجهي؛ وتنبهت لا احد فالجميع سافر بعد تناول الغداء إلى مكة  للمشاركة في عزاء قريب لوالدي والدته توفت.
 ونحن على طاولة العشاء ومن حديث والدتي فيما يهم الأسرة عرفت إن زميلتها الغائبة بسبب إجازة نهاية العام الدراسي التي التقتها في بيت المتوفاة، جاء اسمها في حركة نقل المعلمات وتحقق طلبها لتكون بجوار زوجها في مكة، شعرت بمغص شديد يمزق أمعائي معه تم نقلي للمستشفى كان اشتباه التهاب الزائدة الدودية فمنحت بعد رقابة لمدة نصف ساعة مسكن، ونحن في السيارة عائدا للدار قالت أمي: سميرة تقولك سلامتك وفي الواحدة بعد منتصف الليل وأنا في فراشي بغرفة النوم كانت سميرة تجلس على طرف الفراش تتحدث عن أخبارها الجديدة وفي الثانية غادرت، تنبهت من النوم وأنا اشعر بجفاف حلقي وعطش شديد فغادرت غرفتي متجها للمطبخ، وجدت أمي تجلس خلف طاولة المطبخ الصغيرة تتجرع الماء، حدقت في وغادرت المطبخ بصمت .&


16 / 10 / 1433





5 - عندما نتذكر الأشكال العادية

     شعرت أن من سعى لطباعة كتابها الأول في النادي الأدبي، يتاجر باسمها لرسم هالة لصور لم تحدث؛ فلما دعيت للمشاركة في ندوة أدبية عبر لقاء منبري مع طالبات الأقسام الأدبية بالجامعة تجاهلته في حديثها، وإذ بها في حلقة جديدة من مقاله الشهري في الملحق الثقافي بالجريدة اليومية؛ ذات نص ساذج ومفكك وغير مستقر لغويا؛ وفي معرض الكتاب الدولي بالرياض لما التقيا عند الدار التي تنشر كتبه ونشرت كتابها الثاني أهدته نسخة من الكتاب، فجاء اعتذار الملحق الثقافي الذي نشر خبر إصدارها مع تقريظ المحرر، بأن الكاتب أعتذر عن اختفاء الحلقة الجديدة من مقاله لأنه مسافر.&
14 / 7 / 1433




6 - فأر التجارب
في حفل عشاء خاص باستراحة شمال الرياض، تأكد مسعاي بأن أجتاح جسد زينب أستاذ علم النفس بالجامعة الأهلية، وهي تتألق ببساطتها كنجمة حفل أعضاء القسم من الجنسين بمظهرها وحديثها وقربها ن الجميع، بعد أن استفزني استحواذها على وقت نائب مدير الجامعة الذي حضر لدقائق مجاملة لكبير اساتذة القسم المحتفل بأفراد عائلته القادمة من مصر للبقاء طيلة الصيف بسبب فصل دراسي صيفي؛ اعتمده مجلس ادارة الجامعة وفقا لرغبة مجموعة من الطلاب.
عند المغادرة لبى البعض دعوتي للتوصيل في طريق عودتي، التقت نظراتي ببحثها عن زميلتها التي حضرت معها، تابعتها حتى عثرت عليها ثم التقينا عند الباب.
قلت: اتمنى توصيلك . . ثم !
فاجأها قولي المختصر المعلن امام من حولنا بما تحت السطور من بعد( ثم ) فتوقفت عن الكلام مددت كفي مشيرا لسيارتي وقد وقف بجوارها البعض، لحقت بي وجلست في المقعد الأمامي عرفت أن زوجها مسافر في رحلة عمل منذ أيام، بعد ان اوصلت مرافقينا وعدنا ادراجنا للعمارة التي نتشارك السكن في شققها، والتي تمتلكها الشركة التي أسستها الجامعة.
قلت: أمي تقيم معي وهي الأن عند أختي المريضة
طال وقوفها في المدخل تستعرض الصور واللوحات المعلقة، ثم جلست بعد ان خلعت عباءتها وحررت شعر رأسها من الوشاح الملتف حوله، جلست بجوارها واشعلت التلفزيون رائحتها تتسرب الى زوايا المكان، وظعت كفي اليسرى على فخذها شيء فيها اهتز، قربت فمي من عنقها زارعا قبلة سريعة وقمت خشية ردة فعلها.
قالت: ليه وهي تمسد شعر رأسها
وقفت وهي تحدق في مددت ذراعي وطوقتها دسست وجهي في صدرها تقاسيم وجهها الهاديء ومكونات جسدها وقلق اللحظة وفرا خطوتنا التالية التي اكده استسلامها مما شجعني على التمادي والتنقل من خطوة لآخرى، كانت وفق رضاها مساحة حرة في حديقة غناء بنسيمها وأريجها وموسيقى هادئة تنساب من مكان بعيد تشاركنا غيابنا.
وهي تستعد للمغادرة قالت: أشعر أنك صدتني وان كنت علميا أتقمص دور الصياد.!
قلت: بل روحك اشعلت كل هواجس الأنتظار فنصبت شباكي
قالت: وابنة العميد
قلت: مؤخرتها نقطة جذب
وهي تلتف حولها قالت: وانا
قلت: روابيك غنية بالحياة
وامام الباب وبعد عناق وقبلة طويلة؛ قلت: هل تقدميني لها
وجاء هاتفها بعد مغرب اليوم الثالث؛ كانت كلمة واحدة قالت: انتظرك
ارتديت افضل ثيابي وتحلقت وتعطرت؛ فتح الباب زوجها المحاسب في الادارة المالية، التي هي من الأقسام التي اشرف عليها بصفتي مدير عام الشئون الادارية ولمالية بالجامعة، عرفني على ضيوفه كان العميد وزوجته وابنه حسن وابنته سكينه ولأعرف اثناء الحديث انه شقيق الزوجة.
جاء جلوسي على طاولة العشاء بين زينب وسكينة، وجاء الأبن وزوجها قبالته بينما العميد وزوجته عل طرفي الطاولة متقابلين، شعرت انها كانت تحت الطولة تمارس لعبتها مع الأبن الذي لمحت ارتباكه مما شجعني على الحديث عن بعض المواقف الطريفة في العمل، ومع اندماجي كانت كفي تقبع بسكينة وهدوء بعض اللحظات على فخذ الفتاة التي ترتدي بنطلون جنز، مما يدفعها الى التحديق في فأتنبه اسحب كفي.
ونحن جلوس في الصالة أمام التلفزيون استأذن العميد فطلبت زينب بقاء سكينة وحسن وبعد تدخل الزوج بأنه سوف يوصلهم اذا اقتضى الأمر، ونحن الأربعة نعلق على المشاهد في التلفزيون ونتحدث في لغط عن جوانب من اهتمامنا، رن هاتف الزوج وغادر مؤكدا عودته بعد نصف ساعة.
قالت زينب وهي توزع نظراتها بيني وبين سكينة: لما لاتفرج سكينة على مكتبتك التي محتوياتها تتفق مع مولها ودراستها الجامعية.
قال حسن: فكرة انما في وقت أخر
وتواصل الحديث لترف سكينة اني اسكن ذات البناية، معها تشجعت فأمسكت بكفها وسحبتها خلفي.
قالت: الا يوجد احد
قلت: أمي مسافرة
ولما دخلنا غرفة المكتب اخذت تتفحص عناوين الكتب واشرطة الحاسب؛ كنت اقف بجوارها شارحا ومعلقا، ثم انحرك حولها ملامسا مؤخرتها ولم يقلقها التصاقي بجسدها ولما جلست خلف المكتب؛ مشعلا جهاز الحاسب اجلستها في حظني لنتابع الملفات وعناوين الأبحاث المخزنة وانفاسي تلفح عنقها وكفي الثانية تربض بسكون على فخذها.
خزنت مدونتها واستعرضت بعض صورها وصور زملائها بالجامعة وانها في السنة النهائية من احد اقسام كلية التجارة، وهي تعيد عرض الصور طبعت قبلة على عنقها معها رن جرس الباب لما فتحته كان اخيها دعوته للدخول فأعتذر ولتأتي ومعها أحد الكتب.
ولما عادت امي كنت اختلس بعض الوقت لتجديد اللقاء بزينب في شقتها، وقت غياب زوجها في متابعته لأعماله خارج الرياض وقد استغل وظيفته بالجامعة كمحاسب في اعماله الخاصة، شيء فيها يتجدد عند كل لقاء وعطاؤها يخترق مسامي ومعه اصبحت طوع بنانها، فغدوت وسيط ينفذ مطالبها ويسهل مشاريع زوجها.
في ليلة طلبت مني دعوتها للعشاء في مطعم عائلي فاخر حتى تعرفني على احدى صديقاتها، كانت الصديقة احدى منسوبات الجامعة طالبة ماجستير تنتمي لي بصلة قرابة من عائلة تقيم خارج الرياض، لفت نظري تقارب الأثنتين وتبادلهم الحديث الهامس ومشاهدة رسائل الهاتف النقال، اختبرت دوري في اللقاء وأنا انهض من مقعدي بدعوى الذهاب للحمام ان انحنيت على الضيفة وقبلت عنقها، معه لمحت انفعال الأستاذة.
قلت: وانا اغادر الشقة فاضية امي سافرت البارح .!
ولما عدت وجدت الترحيب فسلكنا طريقنا، في الصالة وامام التلفزيون تواصل حديثنا ولاجد الاثنتين وقد التحمتا في عناق معه تأكد مثيلية الأستاذة ولما انهارتا امسكت بذراع الضيفة ولما وقفت طوقتها بذراعي وانا ادفها عنوه للحظة لم تستطع مقاومتها مستبيحا تصدعها وانبهار الاستاذة.
لم يعد اسم الفتاة يتسلق حديثنا للشيء مجهول انسلخ وجودها ن عبثنا، وكلفت بمهمة فحص عقود اعضاء هيئة التدريس الجدد وبعض تخصصات العمل وقد تقدم البعض بالأستقالة فكان علي السفر للقاهرة؛ مما لفت ظري زوج الأستاذة ان اخته ترتب ذلك مع مكتب علاقات عامة ومركز ابحاث تشارك زوجها العميد فيه.
في المطار كانت الأم مع ابنتها في انتظاري وتابعا اكمال حجز جناح الفندق الذي تم الحجز فيه، بقيت الأبنة عند قسم الأستقبال وشاركتني الأم المصعد مع الموظف الذي ارشدني للغرفة وعرفت منها بعض الترتيبات التي علي الاطلاع عليها في العاشرة من صباح الغد.
نبهني من النوم صوت الأبنه وانها مع سائق مكتب الأبحاث تنتظرني، طلبت منها الصعود لاأدري كيف خرجت الدعوة وعاتبت نفسي على تسرعي والمء ينهال على جسدي، وانا اكمل ارتداء ملابسي كان الباب يقرع كانت الأبنة دعوتها للدخول حتى اكمل استعدادي، وعند باب الخروج تمهلت حتى وقفت بجواري شابكت اصابع كفي بأصابعها ودفعتها الى الجدار وانا امص شفتيها لم تقاوم حركتي المفاجئة وتذكرت السائق ابتعدت عنها ولمحت ابتسامة صغيرة على وجهها وفي المصعد كانت كفها تعانق كفي ولم تطلقها حتى ركبنا السيارة.
ونحن مع اثنين من موظفي المكتب بعد عشاء اقامته لي زوجة العميد كنا نتفحص الملفات والأسماء.
قال حسن: وهو يرفع ملف احدى المتقدمات ارجوكم قبولها
قلت: من
قال: اخت زميلي وصديقي
قلت: وما علاقتك بها محولا استفزاز امه واثارته
قال: انا اكره البنات
قلت: واخوها
قال: وهو يتوجس انفعال والدته التي سلطت نظرها عليه؛ يعني
قالت الأبنه: انا اجدع منه
في تنقلاتي بين السفارة ومكتب الخدمات العامة ومقابلة بعض المتقدمين في مركز الأبحاث؛ تقاسم الثلاثة الأم والأبنة والأبن الأدوار بمحاصرتي وتحديد تنقلاتي، حتى جرى تحديد الأسماء المختارة.
وفي ليلة سفر اختفى الجميع لم اهتم بالأمر وقد رتب الفندق الحجز وتأمين السيارة التي توصلني للمطار، لآجد الأستاذة منذ عشرة ايام ترقد في احدى غرف العناية الركزة بمستشفى الشميسي، بعد ان دهمتها سيارة اثناء ترجلها من سيارة زميل في ساعة متأخرة من الليل م سيارة مسرعة امام باب العمارة.
في اليوم الرابع عشر انتقلت الى رحمة الله، وجرى دفنها في مقابر الرياض وكان وريثها الوحيد زوجها بعد احضاره ان لاقرايب لها سواه، زكل ما حصر اثاث الشقة وبعض المراجع وجهاز حاسب بمكتبها والف ريال عثر عليها في احد ادراج غرفة النوم، ومع مطالب زوجها بالتحقيق ومساعدته لم يتوصل الجميع لشيء.
وخطر في ذهني اسم طالبة الماجستير والمحاضرة بقسم اخر في ذات الكلية، دعوتها للعشاء لمعرفة بعض المعلومات عن المتوفاة فكان العشاء في المطعم الذي تعارفنا فيه، عرفت انها تزوجت ابن خالتها وأن لديها ابن في الثالثة.
قلت: قد يكون ولدي
قالت: ثمرة زواجي، صحيح التقينا ذات يوم ولكن انت الأن صديق واخ
قلت: كيف
قالت: وأنا اركض عبر السراديب عثرت على ذاتي
قلت: كانت تعشق جسدك
قالت: ضاحكه وأول زوج في حياتي
قلت: هب من خلقك
قالت: لما عرفت انك فأر تجارب خشيت ان يصلني الور فهربت
ونحن في الطريق حتى اوصلها للمكان الذي اخذتها منه، سألتني لما لم اتزوج ولا عرفت اسبابي اغرتني بأن عندها منتناسبني وتتمنى ان اوافق عليها وهي معلمة ارملة لديها ابن لم يتجاو الثانية، وهي تقهقه بعد فتحها لباب السيارة قالت: لقد تحول رصيد الأستاذة المالي والعلمي كأرث لي حسب وصيتها واتفاقية بيننا اعتمدها البنك.&


7 - في المرآة وجه يجهش بالبكاء

تجاوزت تعثر سوء من كان يتزود ممن لا زاد له، بعد ليل طال بلا قمر فتعلمت نشيدا منفردا اهجر فيه ظروفي الصفراء عن الحياة وهاجس الموت.
بكيت لما رأيت الضياع كمعشوقة تنزف كالشلال في كل اللحظات فأنا زهرة استثنائية في حديقة تعج بالبسطاء.
بعد زواجي تراكمت الخرائط بدوت صغيرة كحبة سمسم في بيدر امتدت فيه السنابل على مد النظر.
اختفى ذات ليلة وتواصل الاختفاء فراشي كسته السكينة، خفق زخرف الحياة المتعالي فقد ظله لأعرف انه تم توقيفه والتحقيق معه بسبب خلاف في إدارته، معها دخل السجن هكذا جاء اتصاله القضية معتمه .
تواصل همس زملاء العمل بغير الحقيقة فقاومت كل العواصف، وفي نهاية الشهر السادس عرفت انه أفرج عنه وسوف يعود لم اعترض فكان علي أن استعد للحضور، قنديل عتيق أسرج في داخلي يكشف الخراب وتراكم الغبار فلون طريقي الق جزائر اللؤلؤ حتى اعبر.
رن هاتفي النقال كانت إحدى صديقاتي اعرف عذابها قالت: عرفت من يشاركني التسول تحدثت كثيرا معها  مزجت مداد قلبي باللون الأخضر، غادرت الدار للسوق من اجل إعداد لحظتي الجديدة، لفت نظري عند المتجر الذي أتسوق حاجتي منه شغبه يشاركني التجول والوقوف عند المحاسب ليتلقفنا المخرج ويبتلعنا الشارع.
لم أقاوم خوائه فقد نبه لحظة الابتسام، جمعتنا اللحظة تساوينا في صفة المنبوذين خطرت في أعماقي أزمان غير ذا الزمن.
قلت: هل تحفر
قال: نجرب
أنوجد الحال فقد وجدت من ينقب عن الحفر المندثرة في جسدي، غمر الصفاء أعماقي وانخضب السؤال؛ الهرب برزخ التائهين لا ادري كيف تغير لوني وكل خفق حكاية.
بدء الحفر شعرت أني أغوص فيمتلئ جسدي بالماء وانتشي برواء المسافات واستعر المعنى المقشر بصورة ابني فتجاوزت الوصف وذهول الحالة.
الحفر حمل البشارة والتدفق شكل نطفة التكوين، فعلت شيئا مألوفا وقد تعودت النسيان. . الدقائق تكتم التفجر أنا اعبر نقوش البهاء، عاود الحفر ساعدني كي أقوم من الرماد وارسم خط البدء والانتهاء ودقات قلبي أجدها تتجاوز جسدي النحيل.
المطر ينثال وأسترد معه الذاكرة التي فقدتها مرآة تريني اتصال متوتر، دورانه أدى إلى اتحاد وجداني مع وجود زرع في داخلي الهدوء والسكينة، القلق الطفولي تشكل ونظراتنا تلتقي تيقظ هاجسي كغيم تصاعد في الغرفة.
في مركز التجميل وأنا أعيد صياغة معالمي قالت إحدى العاملات وهي تنهي تشذيب أصابعي بعدما قصت شعري: ها أنت عروس لن يسأم رجلك من أنفاسك.
جاء لم يتحدث عن غيابه عانق طفلي كفه الباردة عانقت كفي المفعمة بالحياة،  لحظة التمرد انطلقت مع جسد غادرته حيويته لأنهض على شمس شتائية تضيء الغرفة. &&

10 / 1 / 1432

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق